تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[لطف]:

صفحة 480 - الجزء 12

  رَفَقَ - لُطْفاً، ويُقال: لَطَفَ الله لَكَ: أي أَوْصَلَ إِلَيْكَ مُرادَك بلُطْف ورِفْقٍ.

  وأَما لَطُفَ الشَّيْءُ، ككَرُمَ لُطْفاً بالضَّمِّ، على غَيْر قياسٍ، ولَطافَةً على القياس، فمَعْناه: صَغُرَ ودَقَّ، فهو لَطِيفٌ يُقال: عُودٌ لَطِيفٌ: إذا كانَ غيرَ جافٍ.

  واللَّطيفُ: صفَةٌ من صفات الله تَعالَى، واسمٌ من أَسمائه، ومَعْناهُ - والله أَعْلَمُ -: البَرُّ بعباده المُحْسِنُ إلى خَلْقه بإِيصال المَنافعِ إِلَيْهم برفْقٍ ولُطْفٍ.

  وَقال أَبو عَمْرٍو: اللَّطيفُ: الذي يُوصِلُ إِليكَ أَرَبَكَ في رِفْقٍ.

  أَو العالِمُ بخَفايَا الأُمُور ودَقائقِها.

  قال شَيْخُنا: حاصلُه قَوْلانِ، قيل: الأَوّلُ من لَطَفَ كنَصَرَ لُطْفاً: إذا رَفَقَ، والثّاني: على أَنَّه من لَطُفَ كَرُمَ لُطْفاً وَلَطافَةً بمعنى دَقَّ، وقال الفَيُّومِيُّ: إِنَّهما متقاربانِ.

  قلتُ: وقالَ ابنُ الأَثيرِ في تفْسيرِه: اللَّطِيفُ: هو الَّذي اجْتَمَعَ له الرِّفْقُ في الفعْلِ، والعلْمُ بدَقائق المَصالحِ، وَإِيصالها إلى من قَدَّرَها لَهُ من خَلْقِه.

  قال الأَزْهَريُّ: واللَّطيفُ من الكَلامِ: ما غَمُضَ مَعْناهُ وَخَفيَ.

  واللُّطْفُ، بالضَّمِّ من الله تَعالَى: التَّوْفِيقُ والعِصْمَةُ.

  وبالتَّحْرِيكِ: الاسْمُ منه ظاهِرُه - كالعُبابِ - أَنّ اللَّطَفَ، مُحَرَّكَةً: اسمٌ من لَطَف بِه أو لَهُ، والَّذِي في اللِّسانِ وغيرِه أَنَّه اسمٌ من أَلْطَفَه بكَذا: إذا بَرَّه بِهِ، ويَدُلُّ له ما أَنْشَدَه الصّاغانِيُّ، لكَعْبِ بنِ زُهَيْرٍ ¥:

  ما شَرُّها بَعْدَ ما ابْيَضَّتْ مسائِحُها ... لا الوُدَّ أَعْرِفُه منها، ولا اللَّطَفَا

  ثم إنَّ التَحْرِيكَ في الاسْمِ هو الَّذِي صَرَّحَ به أَئِمَّةُ اللَّغَةِ، وقد أَنْكَرَه أبو شامَةَ في شَرْحِ «الشَّقْراطِسِيَّة»⁣(⁣١) وَتَوَقَّف في سَماعِه، قال شيخُنا: وهو منه قُصُورٌ.

  واللَّطَفُ: اليَسِيرُ من الطَّعامِ وغيرِه يقال: طَعِمَ طَعَاماً لَطَفاً. واللَّطَفَةُ بهاءٍ: الهَدِيَّةُ يُقالُ: جاءَتْنا لَطَفَةٌ من فُلانٍ: كما في الصِّحاحِ، وظاهر الجَوْهَرِيِّ كالمُصَنِّف أَنّه إِنّما يُقال: اللَّطَفَةُ بالهاءِ بمعنى الهَدِيَّةِ، وقد أَطْلَقُوا اللَّطَفَ أَيْضاً عليها، كما قاله الزَّمَخْشَرِيُّ وغيرهُ، وأَنْشَدَ:

  كَمَنْ لَهُ عِنْدَنا التَّكْرِيمُ واللَّطَفُ

  وَيُقال: أَهْدَى إِليه لَطَفاً، والجمعُ أَلْطافٌ، كسَبَبٍ وَأَسْبابٍ، وما أَكْثَر تُحَفَه وأَلْطافَه.

  واللَّطْفانُ كسَكْرانَ: المُلاطِفُ عن ابنِ عَبّادٍ.

  واللَّواطِفُ من الأَضْلاعِ: ما دَنَا من صَدْرِكَ وفُؤادِكَ، عن ابنِ عَبّادٍ والزَّمَخْشَرِيّ⁣(⁣٢).

  وأَلْطَفَه إِلْطافاً: أَتْحَفَه.

  وبِكَذَا. بَرَّهُ به، والاسمُ اللَّطَفُ، مُحرَّكَةً.

  وأَلْطَفَ فلانٌ بَعِيرَهُ: إذا أَدْخَلَ قَضِيبَه في حياءٍ النّاقَةِ وَكذلِك أَلْطَفَ لَه، نقله ابنُ الأَعْرابِيِّ، وذلِكَ إذا لَم يَهْتَدِ لمَوْضِعِ الضِّرابِ، وقال أَبو زَيْدٍ: يُقالُ للجَمَلِ إذا لَم يَسْتَرْشِدْ لطَرُوقَتِه، فأَدْخَلَ الرّاعِي قَضِيبَه في حَيائِها: قد أَخْلَطه إِخْلاطاً، وأَلْطَفَه إِلْطافاً، وهو يخْلِطُه ويُلْطِفُه.

  وقال أَبو صاعِد الكلابيُّ: أَلْطَفَ الشَّيْءَ بجَنْبِه: إذا أَلْصَقَه به، كاسْتَلْطَفَه وهو ضدُّ جافَيْتُه عَنِّي، وأَنْشَدَ:

  سَرَيْتُ بها مُسْتَلْطفاً دُونَ رَيْطَتِي ... وَدُونَ ردائي الجُرْدِ ذا شُطَبٍ عَضْبَا

  والمُلاطَفَةُ: المُبارَّةُ نقَلَه الجَوْهريُّ.

  وتَلَطَّفُوا للأَمْرِ، وفي الأَمْرِ وتَلاطَفُوا: إذا رَفَقُوا الأَخيرُ عن ابن دُرَيْدٍ.

  * وممّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيه:

  قال اللِّحْيانيُّ: هؤُلاءِ لَطَفُ فلانٍ، مُحَرَّكَةً: أي أَصْحابُه وَأَهْلُه الذين يُلْطِفُونَه.


(١) بالأصل «الشقراطيسية» والمثبت عن المطبوعة الكويتية، وانظر ما لاحظه محققها بحاشيتها.

(٢) الذي في الأساس: والضلوع اللواطف: الدواني من الصدر وشاهده فيه قوله:

ورحنا ما أدّت كلاماً عرفته ... سوى خابلٍ بين الضلوع اللواطف