تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[نعف]:

صفحة 508 - الجزء 12

  نَظِيفٌ: حَسُنَ وبَهُوَ، وفي اللِّسانِ والأَساسِ: النِّظافَةُ: مصدَرُ التَّنْظِيفِ، والفِعْلُ اللَّازِمُ منه نَظُفَ، بالضَّمِّ.

  ونَظَّفَه تَنْظِيفاً: نَقّاه، فتَنَظَّفَ.

  وقال الأَزْهَرِيُّ: النَّظِيفُ، كأَمِيرِ: الأُشْنانُ وشِبْهُه؛ لنَنْظِيفِه اليَدَ والثَّوْبَ من غَمَرِ المَرَقِ واللَّحْمِ، ووَضَرِ الوَدَكِ، وَما أَشْبَهَهُ.

  وقال أَبُو بَكْرِ بنُ الأَنْباريِّ - في قولِهمْ: هُوَ نَظِيفُ السَّراوِيلِ - مَعْناه: أَنّه عَفِيفُ الفَرْجِ يُكْنَى بالسَّراوِيلِ عن الفَرْجِ، كما يُقالُ: هُوَ عَفِيفُ المِئْزَرِ والإِزارِ⁣(⁣١)، قال: وَفُلانٌ نَجِسُ السَّراوِيلِ: إذا كانَ غيرَ عَفِيفِ الفَرْجِ، قال: وَهُم يَكْنُونَ بالثِّيابِ عن النَّفْسِ والقَلْبِ، وبالإِزارِ عن العَفافِ.

  قال الجَوْهرِيُّ: واسْتَنْظَفَ الوَالِي ما عَلَيْهِ من الخَراجِ: أي اسْتَوْفَى ولا تَقُلْ: نَظَّفَ.

  وهو من قَوْلِهم: اسْتَنْظَفَ الشَّيْءَ: إذا أَخَذَه كُلَّه، وَمنه الحَدِيثُ: «تَكُونُ فِتْنَةٌ تَسْتَنْظِفُ العَرَبَ» أي: تَسْتَوْعِبهُم هَلاكاً، ومنه قولُهُم: اسْتَنْظَفْتُ ما عِنْدَه، واسْتَغْنَيْتُ عنه.

  قلتُ: وأَمّا الزَّمَخْشَرِيُّ فقَالَ: إِنَّ الصَّوابَ فيه الضّادُ المُعْجَمَةُ، من انْتَضَفَ الفَصِيلُ ما في الضَّرْعِ، والإِبِلُ ما بِالحَوْضِ: إِذَا اشْتَفَّتْهُ⁣(⁣٢)، وقد أَشَرْنا إِليهِ آنِفاً.

  وتَنَظَّفَ: تَكَلَّفَ النَّظافَةَ نقله الجَوهَرِيُّ.

  قال الأَزْهَرِيُّ: التَّنَظُّفُ عندَ العَربِ: شِبْهُ التَّنَطُّسِ وَالتَّقَزُّزِ، وطَلَبُ النَّظافَةِ من رائِحَةِ غَمَرٍ، أو نَفْيِ زُهُومَةٍ وما أَشْبَهَا، وكذلِكَ غَسْلُ الدَّرَنِ والوَسَخ والدَّنَسِ.

  * وممّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيه:

  في الحَديثِ - أَخْرَجَه التِّرْمِذِيُّ وغيرُه -: «إنَّ الله تَبارَكَ وَتَعالَى نَظِيفٌ يُحِبُّ النَّظافَةَ» قال شيخُنَا: تَكَلَّمَ السُّهَيْلِيُّ في الرَّوْضِ، وابنُ العَرَبِيِّ في العارِضَةِ، وغيرُ واحدٍ، وأَغْفَلَه المُصَنِّفُّ؛ لأَنَّ الشيخَ مُحْيِي الدِّينِ لم يَتَعَرَّضْ له، بخِلافِ الدَّهْرِ من أَسْماءِ الله تعالَى.

  قلت: وقالَ ابنُ الأَثير: نَظافَةُ الله: كِنايَةٌ عَنْ تَنَزُّهِه عن⁣(⁣٣) سِماتِ الحَدَثِ، وتَعالِيهِ في ذاتِه عن كُلِّ نَقْصٍ.

  وحُبُّه للنَّظافَةِ من غيرِه: كِنايَةٌ عن خُلُوصِ العَقِيدَةِ، ونَفْيِ الشِّرْكِ، ومُجانَبَةِ الأَهْواءِ، ثُمَّ نَظافَةِ القَلْبِ عن الغِلِّ والحِقْدِ وَالحَسَدِ وأَمْثالِها، ثم نَظافَةِ المَطْعَمِ والمَلْبَسِ عن الحَرامِ وَالشُّبَهِ، ثم نَظافَةِ الظّاهِرِ بمُلابَسَةِ العِباداتِ، ومنه الحَدِيثُ: «نَظِّفُوا أَفْواهَكُم فإِنَّها طُرُقُ القُرْآنِ»

  أي: صُونُوها عن اللَّغْوِ وَالفُحْشِ والغِيبَةِ والنَّمِيمَةِ والكَذِبِ وأَمْثالِها، وعن أَكْلِ الحَرامِ والقَاذُورات، وفيه الحَثُّ على تَطْهِيرِها من النَّجاساتِ، والسِّواكِ⁣(⁣٤) انْتَهَى.

  وَالمِنْظَفَةُ» بالكَسْرِ: سُمَّهَةٌ تُتَّخَذُ من الخُوصِ.

  وَنَظَفَ الفَصِيلُ ما في ضَرْع أُمِّه، وانْتَظَفَهُ: شَربَ جميعَ ما فيهِ، لغةٌ في الضّادِ، وانْتَظَفْتُه أَنا كذلِكَ.

  وَرَجُلٌ نَظِيفُ الأَخْلاقِ: مُهَذَّبٌ، وهو مَجازٌ.

  وَهو يَتَنَظَّفُ، أي: يَتَنَزَّهُ من المَساوئ، وهو مَجازٌ أَيضاً.

  وَرَشَأُ⁣(⁣٥) بنُ نَظِيفٍ: مُحَدِّثٌ.

  [نعف]: النَّعْفُ بالفَتْحِ: ما انْحَدَرَ مِنْ حُزُونَةِ الجَبَلِ، وَارْتَفَعَ عن مُنْحَدَرِ الوادِي فَما بَيْنَهُما نَعْفٌ، وسَرْوٌ وخيْفٌ، وَليسَ النَّعْفُ بالغَلِيظِ، وقِيلَ: النَّعْفُ من الأَرْضِ: المَكانُ المُرْتَفِعُ في اعْتِراضٍ، وقِيلَ: هو ما انْحَدَرَ عن السَّفْحِ، وَغَلُظَ، وكانَ فيه صُعُودٌ وهُبوطٌ، وقِيلَ: هو ناحِيَةٌ من الجَبَلِ، أو مِنْ رَأْسِه، وقيلَ: ما انْحَدَرَ عن غِلَظِ الجَبَلِ، وَارْتَفَعَ عن مَجْرَى السَّيْلِ.

  وقال ابنُ الأَعْرابِيِّ: النَّعْفُ من الرَّمْلَةِ: مُقَدَّمُها، وما اسْتَرَقَّ مِنْها قال ذُو الرُّمَّةِ:

  إِلَى ابنِ العامِريِّ إلى بِلالِ ... قَطَعْتُ بنَعْفِ مَعْقُلَةَ العِدالا


(١) شاهده قول متمم بن نويرة يرثي أخاه:

لا يمسك الفحشاء تحت ثيابه ... حلو شمائله عفيفُ المئزر

في أبيات، انظر الكامل للمبرد ٣/ ١٤٤٦.

(٢) عن الأساس وبالأصل «استشفته».

(٣) النهاية: «من».

(٤) في اللسان «والسؤال» وفي الدر النثير للسيوطي: وطهروها بالماء والسواك.

(٥) عن المطبوعة الكويتية وبالأصل «رشا».