تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[نفنف]:

صفحة 510 - الجزء 12

  فى بُطونِ الأَرْضِ، وقِيلَ: هي دُودٌ عُقْفٌ وقيل: غُضْفٌ تَنْسَلِخُ عن الخَنافِسِ ونَحْوِها وقِيلَ: هي دُودٌ بِيضٌ يكونُ فيها ماءٌ، وبكُلِّ ذلكَ فُسِّرَ حَدِيثُ يَأْجُوجَ ومَأْجُوجَ «يُسَلِّطُ الله عليهِم النَّغَفَ، فيَأْخُذُ في رِقابِهِمْ، فيُصْبِحُونَ فَرْسَى»⁣(⁣١) أي: مَوْتَى.

  والنَّغَفُ: ما تُخْرِجُه من أَنْفِكَ مِنْ مُخاطٍ يابِسٍ ونَحْوِه فإِذا كانَ رَطْباً فهُوَ ذَنِينٌ ومِنْهُ قالُوا للمُسْتَحْقَرِ: يا نَغَفَةُ، مُحَرَّكَةً يَسْتَقْذِرُونَه، قالَهُ ابنُ دُرَيْدٍ، وفي النِّهايَةِ⁣(⁣٢): العَرَبُ تَقُولُ لكُلِّ ذَلِيلٍ حَقِيرٍ: ما هُوَ إِلا نَغَفَةٌ، يُشَبَّهُ بهذه الدُّودَةِ.

  وقال اللَّيْثُ: لكُلِّ رَأْسٍ في عَظْمَيْ وَجْنَتَيْهِ نَغَفَتانِ، مُحَرَّكَةً: أي عَظْمانِ، ومِنْ تَحَرُّكِهِما يَكُونُ العُطاسُ قال الأزْهَرِيُّ: والمَسْمُوعُ من العَرَبِ فيهِما «النَّكَفَتانِ» بالكافِ، وَهما حَدُّ⁣(⁣٣) اللَّحْيَيْنِ من تَحْتُ، قال: وأَمّا بالغَيْنِ فلم أَسْمَعْه لغَيْرِ اللَّيْثِ.

  وقال اللَّيْثُ: نَغِفَ البَعِيرُ، كفَرِحَ: إذا كَثُرَ نَغَفُه وهي الدُّودُ.

  [نفف]: نَفَّ الأَرْضَ يَنُفُّها نَفًّا: بَذَرَها عن ابنِ عَبّادٍ.

  ورَوَى الأَزْهَرِيُّ عن المُؤَرِّجِ: نَفَفْتُ السَّوِيقَ، كسَفَفْتُ زِنَةً ومَعْنًى، وهو النَّفِيفُ والسَّفِيفُ لسَفِيفِ السَّوِيقِ، وأَنْشَدَ - لرَجُل من أَزْدِ شَنُوءَة -:

  وَكانَ نَصِيرِي مَعْشَرًا فطَحَا بِهِمْ ... نَفِيفُ السَّوِيقِ والبُطُونُ النَّواتِقُ

  وقال ابنُ عَبّادٍ: النَّفِّيُّ أي بتشدِيدِ الفاءِ: اسمُ ما يُغَرْبَلُ عليهِ السَّوِيقُ، ج: نَفافيُّ.

  وقال النَّضْرُ: النَّفِّيَّةُ: سُفْرَةٌ تُتَّخَذُ من خُوصٍ مُدَوَّرَةٌ، وَسَيَأْتِي في المُعْتَلِّ عن الزَّمَخْشرِي عن النَّضْرِ ما يخالِفُ هذا الضَّبْط، وقال أَبو تُرابٍ: هي النَّفِّيَّةُ والنَّبِّيَّةُ، ووقع للمُصَنِّفِ في المُسَوَّدَةِ «وبهاءٍ: السُّفْرَةُ». قلتُ: وهو الصَّوابُ، وسَيَأْتِي له في «نبي» ضَبْطُه كغَنِيَّةٍ، وهو خَطَأٌ ويُقالُ لها أَيضاً: نُفْيَةٌ بالضمِّ والجَمْع نُفىً، كنُهْيَةٍ ونُهًى قاله أَبو عَمْرٍو وضَبَطَه ومَحَلُّها المُعْتَلُّ وسيأْتي إِن شاءَ الله تعالَى، وذُكِر هُناك أَنها بالفتحِ، وكَغَنِيَّةٍ، فتأَمَّلْ ذلِكَ.

  [نفنف]: النَّفْنَفُ هكذا في سائِرِ الأُصُولِ إِفرادُه في تركيبٍ مُسْتَقِلٍّ، ووَحَّدَهُما الصّاغانِيُّ، فذَكَرَه في نَفف⁣(⁣٤)، قال الجوهَرِيُّ: هو الهَواءُ زادَ غيرُه: بين الشَّيْئَيْنِ وكُلُّ مَهْوًى بينَ جَبَلَيْنِ نَفْنَفٌ، وهو قولُ الأَصْمَعِيِّ، قال الفَرَزْدَقُ:

  عَلَى سَوْرةٍ حَتّى كأَنَّ عَزِيزَها ... تَرمَى بِهِ مِنْ بَيْنِ نِيقَيْنِ نَفْنَفُ⁣(⁣٥)

  وَقال العَجّاجُ:

  تَرْمِي المُرَدَّى نَفْنَفاً فنَفْنَفَا

  كالنَّفْنافِ قال ابنُ شُمَيْلٍ: وصُقْعُ الجَبَلِ الَّذِي كأَنّه جِدارٌ مَبْنِيٌّ مُسْتَوٍ: نَفْنَفٌ.

  قال: ومِنْ شَفَةِ الرَّكِيَّةِ إِلَى قَعْرِها نَفْنَفٌ، وقالَ ابنُ الأَعْرابِيِّ: النَّفْنَفُ: أَعْلَى البِئْرِ إلى الأَسْفَلِ.

  قال ابنُ شُمَيْلٍ: والنَّفْنَفُ أيضاً: أَسْنادُ الجَبَلِ التي تَعْلُوهُ مِنْها وتَهْبِطُ مِنْها فتلكَ نفَانِفُ، ولا تنْبِتُ النفانِفُ شَيْئاً؛ لأَنَّها خَشِنَةٌ غَلِيظَةٌ بعيدَةٌ من الأَرْضِ.

  وقال ابنُ الأَعْرابِيِّ: النَّفْنَفُ: ما بَيْنَ أَعْلَى الحائِطِ إلى أَسْفَلَ، وبَيْنَ السّماءِ والأَرْضِ.

  وَقالَ غيرهُ: كُلُّ شَيْءٍ بَيْنَه وبَيْنَ الأَرْضِ مَهْوًى فَهُوَ نَفْنَفٌ، قال ذُو الرُّمَّةِ:

  تَرَى قُرْطَها مِنْ حُرَّةِ اللِّيتِ مُشْرِفاً ... عَلَى هَلَكٍ في نَفْنَفٍ يَتَطَوَّحُ⁣(⁣٦)

  أَرادَ أَنَّها طَوِيلَةُ العُنُقِ، وأَنْشَدَ ابنُ الأَعرابِيِّ له أَيْضاً:

  وَظَلَّ للأَعْيَسِ المُزْجِي نَواهِضَهُ ... في نَفْنَفِ اللُّوحِ تَصْوِيبٌ وتَصْعِيدُ


(١) انظر نصه في النهاية واللسان بروايتين مختلفتين.

(٢) لم يرد في النهاية، وهي عبارة التهذيب.

(٣) في التهذيب: حدّا اللجين.

(٤) والأَزهري أيضا ذكره في تركيب «نفّ».

(٥) رواية صدره بالأصل:

على ثورة حتى كأن عريزها

وَالمثبت عن الديوان ٢/ ٣١ وفسر مصححه النفنف أنه ما بين أعلى الجبل إلى أسفله.

(٦) ديوانه برواية: في واضح الليت.