تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[وكف]:

صفحة 532 - الجزء 12

  والحافِظُو عَوْرَةَ العَشِيرَةِ لا ... يأْتِيهِمُ مِنْ ورائِهِمْ وَكَفُ

  قلتُ: هو من أَبْياتِ الكِتابِ، أَنشَدَه ابنُ السِّكِّيتِ لعَمْرِو ابنِ امْرئِ القَيْسِ الخَزْرَجيِّ، وهكَذا رواهُ أَبو زَكَريّا التَّبْريزِيُّ أَيضاً، ويُرْوَى لقَيْسِ بنِ الخَطِيم، وقِيلَ: لشُرَيْحِ ابنِ عِمْرانَ القُضاعِيِّ، ورَواه سِيبَوَيْه لرَجُل من الأَنْصارِ، وَالصَّوابُ أَنَّه لمالِك بن عَجْلانَ الخَزْرَجِيِّ، قال ابنُ برِّيّ: وَأَنْكَرَ عليُّ بنُ حَمْزَةَ أَنْ يكونَ الوَكَفُ بمعنى الإِثْمِ، وقالَ: هو بمَعْنَى العَيْب فقط.

  والوَكَفُ: سَفْحُ الجَبَلِ وبه فَسَّرَ الجَوْهرِيُّ قولَ العَجّاجِ يصِفُ ثَوْرًا:

  غَدا يُبارِي خَرِصاً واسْتَأْنَفَا ... يَعْلُو الدَّكادِيكَ ويَعْلُو وَكَفَا

  وَقال ابنُ الأَعْرابِيِّ: الوَكَفُ من الأرْضِ: ما انْهَبَطَ عن المُرْتَفعِ، وقال ثَعْلَبٌ: هو المَكانُ الغَمْضُ في أَصْلِ شَرَفٍ، وقال ابنُ شُمَيْلٍ: الوَكَفُ مِن الأَرْضِ: القِنْعُ يَتَّسِعُ، وهو جَلَدٌ طِينٌ وحَصًى، والجَمْع: أَوْكافٌ.

  والوَكَفُ: العَرَقُ نَقَلَه: إِبْراهِيمُ الحَرْبِيُّ في غَرِيبهِ، هكَذا بالعَيْنِ، وأَنْشَدَ:

  رَأَيْتُ مُلوكَ النّاسِ عاكِفَةً بهِمْ ... على وَكَفٍ من حُبِّ نَقْدِ الدَّراهِمِ

  وعندَ ابنِ فارِسٍ: «الفَرَقُ» بالفاءِ كذا في نُسَخِ المُجْمَلِ، والمَقايِيسِ ولعَلَّه تَصْحِيفٌ.

  قال الصّاغانِيُّ: ومُنْحَدَرُكَ من الصَّمّانِ إِذا خَلَّفْتَه يُسَمَّى الوكَفُ لانْهِباطِه، قال جَرِيرٌ:

  سارُوا إِلَيْكَ من السَّهْبَى⁣(⁣١) ودُونَهُمُ ... فَيْحانُ، فالحَزْنُ، فالصَّمّانُ، فالوَكَفُ

  والوَكَفُ: الفَسادُ والضَّعْفُ يُقال: ليسَ في هَذا الأَمْرِ وَكَفٌ، نقَلَه ابنُ دُرَيْدٍ⁣(⁣٢)، وقالَ غيرُه: أي مَكْرُوهٌ ونَقْصٌ، وَقال ثَعْلَبٌ وابنُ الأَعرابِيِّ: في عَقْلِه ورَأْسِه وَكَفٌ، أي: فَسادٌ. وقال أَبُو عَمْرٍو: الوَكَفُ: الثِّقْلُ والشِّدَّةُ وقال اللَّيْثُ: الوَكَفُ: مِثْلُ الجَناحِ يَكُونُ على كَنِيفِ البَيْتِ أَو الكُنَّة ج: أَوْكافٌ، وفي الحَدِيثِ: «خَيْرُ هَكَذا في النُّسَخِ، والرِّوايَةُ خِيارُ الشُّهَداءِ عِنْدَ الله تَعالَى أَصْحابُ الوَكَفِ قِيلَ: يا رَسُولَ الله: ومَنْ أَصْحابُ الوَكَفِ؟ قال: أي الّذِينِ انْكَفَأَتْ والرِّوايَةُ: تَكَفَّأَتْ⁣(⁣٣) عَلَيْهِمْ مَراكِبُهُم في البَحْرِ» وقالَ ابنُ الأَثِيرِ: المَعْنَى أَن مَرَاكِبَهُم انْقَلَبَتْ بِهِم فصارَتْ فَوْقَهُم مِثْلَ أَوْكافِ البَيْتِ وفي النِّهايَةِ البُيُوتِ، قال شَمِرٌ: هكَذا فَسَّرَهُ النَّبِيُّ بأَبِي وأُمِّي.

  والوِكافُ، ككِتابٍ وغُرابٍ لُغَتان في الإِكافِ ككِتابٍ وَغُرابٍ بالهَمْزِ، يكونُ للبَعِيرِ والحِمارِ والبَغْلِ، قال يَعْقُوبُ: وَكانَ رُؤْبَةُ يُنْشِدُ:

  كالكَوْدَنُ المَشْدُودِ بالوِكافِ

  وأَوْكَفَه: أَوْقَعَه في الإِثْم نقَلَه ابْنُ عَبَّادٍ.

  ووَكَّفَه تَوْكِيفاً نقَلَه الصّاغانِيُّ وآكفَهَ إِيكافاً وهذه لُغَةُ تَمِيم، نقلها الجَوْهَرِيُّ وأَكَّفَه تَأْكِيفاً وقد ذُكِرَ الأَخيرانِ أَيضاً في «أكف»: وضَعَ عَلَيهِ الإِكافَ ومرَّ له في «أكف» شَدَّهُ عليهِ.

  واسْتَوْكَفَ: اسْتَقْطَرَ ومنه الحَدِيثُ: «أَنّه تَوَضَأَ فاسْتَوْكَفَ ثَلاثاً» والمَعْنَى أَنَّهُ اصطَبَّهُ على يَدَيْهِ ثَلاثَ مَرّاتٍ، فغَسَلَهما قبلَ إِدْخالِهما الإِناءَ، وأَنْشَدَ الأَزْهَرِيُّ لحُمَيْدِ بنِ ثَوْرٍ ¥ يَصِفُ الخَمْرَ:

  إذا اسْتَوْكَفَتْ باتَ الغَوِيُّ يَشَمُّها ... كما جَسَّ أَحْشاءَ السَّقِيمِ طَبِيبُ⁣(⁣٤)

  أَرادَ إذا اسْتَقْطَرَتْ.

  وواكَفَهُ في الحَرْبِ. وغَيْرِها مُواكَفَةً: واجَهَهُ، وعارَضَه قال ذُو الرُّمَّةِ:

  مَتَى ما يُواكِفْها ابنُ أُنْثَى رَمَتْ بِهِ ... مَعَ الجَيْشِ يَبْغِيها المَغانِمَ تَثْكَلِ⁣(⁣٥)


(١) عن معجم البلدان «الوكف» وبالأصل «من الهباء».

(٢) الجمهرة ٣/ ١٥٩.

(٣) في اللسان والنهاية «تُكْفَأُ» وفي التكملة «تَكْفَأُ» وفي التهذيب «تُكَفًّأُ».

(٤) في اللسان «يسوفها» بدل «يشمها» وفي التهذيب استوكفت بالبناء للمجهول هنا وفي الشرح في قوله أراد: استُقْطِرت.

(٥) في اللسان «تنكل» بالنون. وفي التهذيب: يثكل ونبه بهامش اللسان إلى رواية التاج.