تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[بعنق]:

صفحة 42 - الجزء 13

  والتَّبْعِيقُ: التَّشْقِيقُ وقد بَعَّقَ زِقَّ الخَمْرِ تَبْعِيقاً، أَيْ: شَقَّقَها، نَقَلَه الجَوْهِرِيُّ.

  والانبِعاقُ: أَنْ يَنْبَعِقَ عليك الشيءُ فَجْأَةً من حَيْثُ لا تَحْسِبُه وأَنْتَ لا تَشْعُرُ نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ، وأَنْشَدَ:

  بَيْنَما المَرءُ آمِنٌ راعَهُ را ... ئِعُ حَتْفٍ لم يَخْشَ منه انْبِعاقَهْ⁣(⁣١)

  وانْبَعَقَ المُزْنُ: انْبَعَجَ بالمَطَرِ نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ، وهو مَجازٌ، قال الزَّمَخْشَرِيُّ: وذلِكَ إِذا انْفَتَح بشِدَّةٍ، قال رُؤْبَةُ:

  يَرِدْنَ تَحْتَ الأَثْلِ سَيّاحَ الدَّسَقْ ... أَخْضَرَ كالبُرْدِ غَزِيرَ المُنْبَعَقْ

  وانْبَعَقَ في الكَلامِ: إِذا انْدَفَعَ فيه، ومنه الحَدِيثُ: «أَنّه تَكَلَّمَ لَدَيْهِ رَجُلٌ فقالَ له: كَمْ دُونَ لِسانِكَ من حِجابٍ؟ قال: شَفَتاي وأَسْنانِي، فقال: إِنَّ اللهَ يَكْرَهُ الانْبِعاقَ⁣(⁣٢) في الكَلامِ، فرَحِمَ اللهُ امْرَأً أَوْجَزَ في كلامِه» أَي: التَّوَسُّعَ فيه، والتَّكَثُّرَ منه، ورُوِيَ عن عُمَرَ ¥: «الانْبِعاقُ فيما لا يَنْبَغِي من شَقاشِقِ الشَّيْطانِ».

  كتَبَعَّقَ ومنه قَوْلُ رُؤْبَةَ يَمْدَحُ مَرْوانَ بنَ محمَّدِ بنِ مَرْوانَ بنِ الحَكَم:

  وَجُودُ مَرْوانَ⁣(⁣٣) إِذا تَدَفَّقا ... جُودٌ كجُودِ الغَيْثِ إِذْ تَبَعَّقَا

  وابْتَعَقَ مثلُه، وهو عَلَى افْتَعل، نَقَلَهُ الصّاغانِيُّ.

  * ومما يُسْتَدْرَكُ عليه:

  الباعِقُ: المُؤَذِّنُ، قالَ:

  تَيَمَّمْتُ بالكِدْيَوْنِ كي لا يَفُوتَنِي ... من المُقْلَةِ البيضاءِ تَقْرِيظُ⁣(⁣٤) باعِقِ

  يَعْنِي تَرْجِيعَ المُؤَذِّنِ، قالَ الأَزْهَرِيُّ: ويُرْوى: «ناعِق» بالنُّون، من نعَقَ الرّاعِي بغَنَمِهِ، ولعلَّهُما لُغتانِ.

  وأَرضٌ مَبْعُوقَةٌ: أَصابَها البُعاقُ، كذا في نوادِرِ العَرَبِ. ومَبْعَقُ المَفازَةِ: مُتَّسَعُها، عن ابنِ فارِسٍ والزِّمَخْشَرِيِّ.

  وانْبَعَقَ فلانٌ بالجُودِ والكَرَمِ، وهو مَجازٌ.

  وسَحابٌ بُعاقٌ: يتَصَبَّبُ بشِدَّة.

  والبَعْقُ: الشَّقُّ، كالبَعْجِ.

  * ومما يستدرك عليه:

  [بعنق]: البُعْنُوق⁣(⁣٥)، بالضمِّ، اسمُ موضعٍ، كما في اللِّسان، وأَهملَه الجَماعَةُ.

  قلتُ: والبَعانِيقُ: وادٍ بينَ البَصْرَةِ واليَمَامةِ.

  [بقق]: البَقَّةُ: البَعُوضَةُ وقِيلَ: العَظِيمَةُ منها، والجَمْعُ: البَقُّ وهي، دُوَيْبَّةٌ مُفَرْطَحَةٌ مثلُ القَمْلَةِ حَمْراءُ مُنْتِنَة الرِّيح، تكونُ في السُّرُرِ، وفي الجُدُرِ، وهي الَّتِي يُقالُ لَها: بَناتُ الحَصِيرِ، إِذا قَتَلْتَها شَمِمْت لها رائحةَ اللَّوْزِ المُرِّ، وأَنْشَدَ ابنُ بَرِّي لعبدِ الرَّحْمن بنِ الحَكَمِ⁣(⁣٦):

  أَلا إِنّما قَيْسُ بنُ عَيْلانَ بَقَّةٌ ... إِذا وَجَدَتْ رِيحَ العَصِيرِ تَغَنَّتِ

  وأَنْشَدَ أَيضاً لبعضِ الأعْرابِ يَهْجُو قوماً قَصَّرُوا في ضِيافَتِه:

  يا حاضِرِي الماءَ لا مَعْرُوفَ عِندَكُمُ ... لكن أَذاكُمْ عَلَيْنا رائِحٌ غادِي

  بِتْنَا عُذُوباً، وباتَ البَقُّ يَلْسُبُنا ... نَشْوِي القَراحَ كأَنْ لا حَيَّ بالوادِي

  إِنِّي لمِثْلِكُمُ في مِثْلِ فِعْلِكُمُ ... إِنْ جِئْتُكُم أَبداً إِلَّا مَعِي زادِي

  ومعنى «نَشْوِي القَراحَ» أَي: نُسَخِّنُ الماءَ البارِدَ بالنّارِ؛ لأَنَّ البارِدَ مُضِرٌّ عَلَى الجُوعِ.

  وبَقَّةُ: ة، قُرْبَ⁣(⁣٧) الحِيرَةِ، أَو قُرْبَ هِيتَ بالعِراقِ، كانَ بِهِ جَذِيمَةُ الأَبْرَشُ، قِيل: إِنّه على شاطئِ الفُراتِ، قال عَدِيُّ بنُ زَيْدٍ:


(١) اللسان برواية: «آمناً» وفي مادة «بين» آمنٌ بالرفع كالأصل ونسبه فيها لأبي داود.

(٢) في النهاية: «التبعُّق» قال: ويروى: الانبعاق.

(٣) في الديوان: «هارون» وصوب الصاغاني في رواية «مروان».

(٤) عن اللسان وبالأصل «تفريط».

(٥) في اللسان «البغنوق» بالغين المعجمة.

(٦) وقيل لزفر بن الحارث.

(٧) على هامش القاموس عن نسخة أخرى: بصعيدِ مصر.