تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[زهزق]:

صفحة 204 - الجزء 13

  يَعْنِي الشَّيْطانَ وأَزْهَقَه الله تَعالَى أَي: أَبْطَلَه.

  ومن المَجاز: زَهَقَت الرّاحِلَة زُهُوقاً، وزَهْقاً: إِذا سَبَقَت وتَقَدَّمَتْ أَمامَ الخَيْلِ عن ابنِ السِّكِّيتِ، وكذا زَهَقَ فُلانٌ بينَ أَيْدِينَا.

  ومن المَجازِ: زَهَقَ السَّهْمُ زُهُوقاً: إِذا جاوَزَ الهَدَفَ ووَقَعَ خَلْفَه، فهو زاهِقٌ، وأَزْهَقَهُ صاحِبُه، ومنه حَدِيثُ عَبْدِ الرَّحْمنِ بنِ عَوْفٍ ¥: «أَنَّ حابِياً خَيْرٌ من زاهِقٍ» وهو الّذِي يَحْبُو حَتّى يُصِيبَ، أَي: ضَعِيفٌ يُصِيبُ الحَقَّ خَيْرٌ من قَوِيٍّ يُخْطِئُهُ.

  وزَهَقَتْ نَفْسُه زُهُوقاً: خَرَجَتْ وهَلَكَتْ وماتَتْ كزَهِقَت، كسَمِعَ، لُغَتان ذَكَرَهما ابنُ القُوطِيَّةِ والهَرَوِيُّ، ورَجَّحا الكَسْرَ، وأَبو عَبُيْدٍ رَجَّح الفَتْحَ، وفي حَدِيثِ الذَّبِيحةِ: «وأَقِرُّوا الأَنْفُسَ حَتّى تَزهَقَ» أَي: حَتّى تَخْرُجَ الرُّوحُ مِنْها، ولا يَبْقَى فِيها حَرَكَةٌ، ثم تُسْلَخُ وتُقْطَعُ، وقالَ تَعالَى: {وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كافِرُونَ}⁣(⁣١).

  ومن المَجازِ: زَهَقَ الشَّيْءُ: إِذا بَطَلَ وهَلَكَ واضْمَحَلَّ فهو زاهِقٌ، وزَهُوقٌ، ومنه قولُه تَعالى: {إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً}⁣(⁣٢) أَي: باطِلاً ذاهِباً.

  ومن المَجاز: زَهَقَ فُلانٌ بين أَيْدِينا زَهْقاً وزُهُوقاً: سَبَقَ وتَقَدَّمَ أَمامَ الخَيْلِ كانْزَهَقَ.

  وقالَ الأَصْمَعِيُّ: الزّاهِقُ: اليابِسُ أَي: من الهُزالِ.

  وفي الصِّحاح: الزّاهِقُ: السَّمِينُ المُمِخُّ من الدّوابِّ وأَنْشَدَ لزُهَيْرٍ:

  القائِدُ الخَيْلِ مَنْكُوباً دَوابِرُها ... مِنْها الشَّنُونُ ومِنْها الزّاهِقُ الزَّهِمُ⁣(⁣٣)

  وقد زَهَقَت الدّابَّةُ تَزْهَقُ زُهُوقاً: انْتَهَى مُخُّ عَظْمِها، واكْتَنَزَ قَصَبُها.

  والزّاهِقُ أَيضاً: الشَّدِيدُ الهُزالِ الَّذِي تَجِدُ زُهُومَةَ غُثُوثَةِ لَحْمِه، وقِيلَ: هو الرَّقِيقُ المُخَ، وقِيلَ: هو المُنْقِي وليسَ بمُتَناهِي السِّمَنِ، فهو ضِدٌّ قالَ الأَزْهَرِيُّ: الزّاهِقُ من الأَضْدادِ، يُقالُ للهالِكِ: زاهِقٌ وللسَّمِين من الدَّوابِّ: زاهِقٌ، وقالَ بَعْضُهم: الزّاهِقُ: السَّمِينُ، والزَّهِمُ أَسمَنُ منه، والزُّهُومَةُ في اللَّحْمِ: كراهِيَةُ رائِحَتِه من غَيْرِ تَغَيُّرٍ ولا نَتْنٍ.

  والزاهِقُ: الرَّجُلُ المُنْهَزِمُ نقله الجَوْهَرِيُّ عن ابنِ السِّكِّيتِ، قال: وج زُهْقٌ يحتملُ أَنْ يكونَ بالضَّمِّ، وبضَمَّتَيْنِ.

  ومن المَجازِ: الزاهِقُ من المِياهِ: الشَّدِيدُ الجَرْيِ يُقال: خَلِيجٌ زاهِقٌ: إِذا كانَ سَرِيعَ الجِرْيَةِ.

  والزَّهَقُ، مُحَرَّكَةً: المُطْمَئنُّ منِ الأَرْضِ نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ، وأَنْشَدَ للراجِزِ، وهو رُؤْبَة يَصِفُ الحُمُرَ:

  كأَنَّ أَيْدِيهِنَّ تَهْوِي في الزَّهَقْ⁣(⁣٤) ... أَيْدِي جَوارٍ يَتعاطَيْنَ الوَرَقْ

  وأَنْشَدَ الصاغانِيُّ لرُؤْبَةَ يَصِفُ الحُمُرَ:

  لَواحِق الأَقْرابِ فِيهَا كالمَقَقْ ... تَكادُ أَيْدِيها تَهاوَى في الزَّهَقْ

  وهذِه الرِّوايَةُ أَقْعَدُ، وقِيلَ: الزَّهَقُ في قوله: هو التَّقَدُّمُ، ويُرْوَى: «الرَّهَق» بالراءِ، أَي: من خَوْفِ الإِدْراكِ.

  ومن المَجازِ: الزَّهُوقُ كصَبُورٍ. البِئْرُ القَعِيرُ أَي: البَعِيدَةُ القَعْرِ، قالَ الجوهرِيُّ: وكَذلِكَ فَجُّ الجَبَلِ المُشْرِفُ، وأَنْشَدَ لأَبِي ذُؤَيْبٍ يَصِفُ مُشْتارَ العَسَلِ:

  وأَشْعَثَ مالَهُ فَضَلاتُ ثَوْلٍ ... عَلَى أَركانِ مَهْلِكَةٍ زَهُوقِ⁣(⁣٥)

  ومن المَجازِ: الزَّهِقُ ككَتِفٍ: النَّزِقُ.

  ويُقال: هُم زُهاقُ مائَةٍ، بالضَّمِّ والكَسْرِ أَي: زُهاؤُها ومِقْدارُها، وقال ابنُ فارِسٍ: فأَمّا قولُ النّاسِ: هُم زُهاقُ مائةٍ، فمُمْكِنٌ - إِن كانَ صَحِيحاً - أَن يكونَ من الأَصْلِ


(١) سورة التوبة الآية ٨٥.

(٢) سورة الإسراء الآية ٨١.

(٣) شرح ديوانه لثعلب ص ١٥٣.

(٤) ذكر الأزهري الرجز الأول لرؤبة شاهداً على قوله: الزهق الوهدة ربما وقعت فيها الدواب فهلكت، يقال انزهقت أيديها في الحفر. وسيرد للشارح في المستدرك الزهق بالفتح بهذا المعنى.

(٥) ديوان الهذليين ١/ ٨٧ وفسر الزهوق بالملساء.