تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[شربق]:

صفحة 238 - الجزء 13

  ضَبَّةَ، وجَبَلٌ آخَرُ هناك، فَتَنَّبْه لذلك⁣(⁣١).

  ومِخْلافُ المَشْرِقِ باليَمَنِ، وإِليهِ نُسِبَ الضَّحّاكُ بنُ شَراحِيل المَشْرِقِيُّ: تابِعِيٌّ يَرْوِي عن أَبِي سَعِيدٍ، وعنه الزُّهْرِيُّ، وحَبِيبُ بنُ أَبي ثابِتٍ، قاله ابنُ حِبّان، هكذا ضَبَطَه الدّارقُطْنِيُّ أَو صوابُه كَسْرُ المِيم وفَتْحُ الرّاءِ، نِسْبَةً إِلى مِشْرَقٍ كمِنْبَرٍ: بَطْنٌ مِنْ هَمْدانَ.

  قلتُ: ومن هذا البَطْنِ يَزِيدُ المِشْرَقِيُّ شَيْخٌ للشَّعْبِيِّ، وَعَبّاسُ بنُ الوَلِيدِ المِشْرَقِيُّ، عن عَلِيِّ بنِ المَدِينِيِّ، ذَكَرَهُما ابنُ ماكُولَا، وعُرَيْبُ بنُ يَزِيدَ⁣(⁣٢) المِشْرَقِيُّ، رَوَى عنه عَبْدُ الجَبّارِ الشامي.

  وقَوْلُه تَعالَى: لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ⁣(⁣٣) أَي: هذِه الشَّجَرَةُ لا تَطْلُعُ عَلَيْها الشَّمْسُ عِنْدَ⁣(⁣٤) شُرُوقِها فَقَطْ أَو وَقْت غُرُوبِها فقط، ولكِنّها شَرْقِيَّةٌ غَرْبِيَّةٌ تُصِيبُها الشَّمْسُ بالغَداةِ والعَشِيِّ، فهو أَنْضَرُ لَها، وأَجْوَدُ لزَيْتُونِها⁣(⁣٥)، وهو قَوْلُ الفَرّاءِ وغَيْرِه من أَهْلِ التَّفْسِيرِ، قالَ الحَسَنُ: المَعْنَى أَنَّها لَيْسَت من شَجَرِ أَهْلِ الدُّنْيا، أَي: هي من شَجَرِ أَهْلِ الجَنَّةِ، قالَ الأَزْهَرِيُّ: والقَوْلُ الأَوَّلُ أَولَى وأَكثر.

  والشَّرْقَةُ، بالفَتْحِ كما في الصِّحاحِ والمَشْرَقَةُ مثَلَّثَةَ الرّاءِ واقْتَصَر الجوهريُّ على الضَّمِّ والفَتْحِ، ونقل الصاغانِيُّ الكَسْرَ عن الكِسائِيِّ.

  والمِشْراقُ كمِحْرابٍ ومِنْدِيلٍ ذَكَر الجَوْهَرِيُّ مِنْها أَرْبعةً ما عَدا الأَخِيرَةَ⁣(⁣٦): موْضِعُ القُعُودِ في الشَّمْسِ حيثُ تَشْرُقُ عليه، وخَصَّهُ بعضُهم بالشِّتاءِ قال:

  تُرِيدِينَ الفِراقَ وأَنْتِ مِنِّي ... بعَيْشٍ مثلِ مَشْرُقَةِ الشّمالِ

  ويُقال: الشَّرْقَةُ بالفَتْحِ، وبالتَّحْرِيك مَوْضِعُ الشَّمْسِ في الشِّتاءِ، فأَمّا في الصَّيْفِ فلا شَرْقَةَ لها، والمَشْرِقُ: مَوْقِعُها في الشِّتاءِ عَلَى الأَرْضِ بعدَ طُلُوعِها، وشَرْقُها: دَفاؤها.

  وتَشَرَّقَ: قَعَدَ فيه.

  والمِشْرِيقُ كمِنْدِيلٍ، من البابِ: الشِّقُّ الَّذِي يَقَعُ فيه ضِحُّ⁣(⁣٧) الشَّمْسِ عِنْدَ شُرُوقِها، ومنه حَدِيثُ وَهْبٍ: «فيَقَع عَلَى مِشْرِيقِ بابِه» وقد ذُكِرَ في «قرقف» وفي «قندع».

  وفي حَدِيثِ ابْنِ عَبّاسٍ ® قالَ: بابٌ للتَّوْبَةِ في السَّماءِ يُقالُ له: المِشْرِيقُ وقَدْ رُدَّ حَتّى ما بَقِيَ إِلّا شَرْقُه أَي: ضَوْءُه الدّاخِلُ من شِقِّ البابِ، قالَهُ أَبو العَبّاسِ.

  والشّارِقُ: الشَّمْسُ حِينَ تَشْرُقُ يُقال: آتِيكَ كُلَّ شارِقٍ، أَي: كُلَّ يَوْمٍ طَلَعَتْ فيه الشَّمْسُ، وقِيلَ الشّارِقُ: قَرْنُ الشَّمْسِ، يُقال: لا آتِيكَ ما ذَرَّ شارِقٌ كالشَّرْقَةِ بالفَتْحِ، والشَّرِقَةِ كفَرِحَةٍ وكأَمِيرٍ ويُقالُ أَيْضاً: الشَّرَقَةُ، محرَّكَةً.

  والشارِقُ: الجانِبُ الشَّرْقِيُّ وهو الّذِي تَشْرُقُ فيه الشَّمْسُ من الأَرْضِ، وبه فُسِّرَ قَوْلُ الحارِثِ بنِ حِلِّزَةَ:

  إِنّه شارِقُ الشَّقِيقَةِ إِذْ جا ... ءَتْ مَعَدٌّ لكُلِّ حَيٍّ لِواءُ⁣(⁣٨)

  قال المُنْذِرِيُّ، عن أَبِي الهَيْثَمِ: قَوْلُه: «شارِقُ الشَّقِيقَةِ» أَي: مِنْ جانِبِها الشَّرْقِيِّ الذي يَلِي المَشْرِقَ، فقالَ: شارِق، والشَّمْسُ تَشْرُقُ فيهِ هذا مَفْعُولٌ، فجَعَله فاعِلاً، ويُقال لِما يَلِي المَشْرِقَ من الأَكَمَةِ والجَبَلِ: هذا شارِقُ الجَبَلِ، وشَرْقِيُّهُ، وهذا غارِبُ الجَبَلِ، وغَرْبِيُّه، وقالَ العَجّاجُ:

  والفَنَنُ الشّارِقُ والغَرْبِيُّ⁣(⁣٩)

  وإِنّما جازَ أَنْ يَفْعَلَه شارِقاً لأَنَّه جَعَلَه ذا شَرْقٍ، كما يُقال: سِرٌ كاتِمٌ: ذو كِتْمانٍ، وماءٌ دافِقٌ: ذُو دَفْقٍ⁣(⁣١٠).

  ج: شُرْقٌ كقُفْلٍ مِثل بازِل وبُزْلٍ، ومنه حَدِيثُ: أَتَتْكُم


(١) انظر معجم البلدان «المشرق».

(٢) في اللباب «يزيد».

(٣) سورة النور الآية ٣٥.

(٤) في التهذيب: في وقت شروقها. وهو قول أبي إسحاق.

(٥) في التهذيب: لزيتونها وزيتها.

(٦) الذي في الصحاح: «مشرُقة ومشرَقة بضم الراء وفتحها، وشَرْقة بفتح الشين وتسكين الراء ومِشْرَاق» فهذه أربع لغات.

(٧) في التهذيب «ضوء» والمثبت كاللسان.

(٨) في شرح المعلقات العشر برواية:

آية شارق ... ... جاؤوا جميعاً لكل حي لواء

وفي التهذيب برواية: لكل قوم.

(٩) قوله والفنن، قال في التهذيب: أراد الفنن الذي يلي المشرق وهو الشرقي.

(١٠) هذا قول الأزهري، كما في التهذيب.