تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الطاء مع القاف

صفحة 287 - الجزء 13

  والتَّصْمِيم: أَن يَمْضِيَ في العَظْمِ. ويُقال: طَبَّق السَّيفُ: إِذا وَقَعَ بَيْنَ عظمينِ.

  والتَّطْبِيقُ: تَقرِيب الفَرَسِ في العَدْوِ. وقال الأَصْمَعِيُّ: هو أَن يَثِبَ البَعِيرُ فتَقَعَ قوائمُه بالأَرضِ معاً، ومنه قَولُ الرَّاعي يَصِف ناقةً نَجِيبةً:

  حَتَّى إِذا ما اسْتَوى طَبَّقَت ... كما طَبَّق المِسْحَلُ الأَغْبَرُ⁣(⁣١)

  يقولُ: لَمَّا اسْتَوَى الرّاكبُ عليها طَبَّقَت.

  قال الأَصمعِيُّ: وأَحْسَنَ الرّاعِي في قَوْلِه:

  وهِيَّ إِذا قامَ في غَرْزِها ... كمِثْلِ السَّفِينةِ أَو أَوْقَرُ⁣(⁣٢)

  لأَنَّ هذَا من صِفَةِ النَّجائبِ، ثم أَساءَ في قَوْلِه: طَبَّقَت لأَنَّ النَّجِيبَةَ يُستَحَبُّ لها أَن تُقدِّمَ يَداً ثم تُقدّمَ الأُخْرَى، فإِذا طَبَّقَت لم تُحْمَد.

  قالَ: وهو مِثلُ قولِه:

  حتَّى إِذا ما اسْتَوى في غَرْزِها تَثِبُ⁣(⁣٣)

  والتَّطْبِيقُ: تَعْمِيم الغَيْمِ بِمَطَرِه الأَرضَ، وقد طَبَّقَ، وهذا قد تَقدَّم آنفاً، فهو تَكرار، ومنه: سَحابةٌ مُطَبِّقة.

  ومن المَجاز: المُطَبِّقُ كمُحَدِّث مَنْ يُصِيبُ الأُمورَ برَأْيهِ. ومنه قَولُ ابنِ عَبَّاسِ لأَبي هُرَيرة ¤ حين بَلَغه فُتْياهُ في المُطَلَّقةِ ثَلاثاً غيرَ مَدْخول بها: إِنَّها لا تَحِلُّ له {حَتّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ}. فقالَ له: طَبَّقْتَ.

  قال أَبو عُبَيد: أَي أَصَبْتَ وَجْه الفُتْيا؛ وأَصلُه إِصابةُ السَّيف المَفْصِل. وقيل: طَبَّق فُلانٌ: إِذا أَصابَ فَصَّ الحَدِيث.

  ويُقال للَّذِي يُصيبُ الحُجَّة: إِنه يُطبِّقُ المَفْصِل. وقال أَبو زَيْد: يُقالُ للبَلِيغ من الرِّجالِ: قد طَبَّق المَفْصِلَ، ورَدَّ قَالَبَ الكَلام، ووضَعَ الهنَاءَ مواضِعَ النُّقَبِ.

  والمُطابَقَة: المُوافَقَة، وقد طابَقَه مُطابَقَة وطِباقاً. وقال الرَّاغِب المُطابَقَة: من الأَسْماءِ الْمتَضايِفَة؛ وهو أَن يُجعَلَ الشَّيءُ فوقَ آخر بقَدْره، ومنه: طابَقْتُ النَّعْلَ، قال الشاعر:

  إِذ لاوَذَ الظِّلَّ القَصِيرَ بخُفّه ... فكَان طِباقَ الخُفِّ أَو قَلَّ زائِدَا⁣(⁣٤)

  ثم يُستَعْمل الطِّباقُ في الشَّيْءِ الذي يكونُ فَوقَ الآخَرِ تارةً، وفيما يُوافِقُ غيرَه تارةً، كسائرِ الأَشْياءِ المَوْضُوعة لِمعْنَيَيْن، ثم يُستَعْمَلُ في أَحَدِهما من دُونِ الآخر، كالكأْسِ⁣(⁣٥) والرّاوِية، ونحوهما.

  ومن المَجازِ: المُطَابَقةُ: مَشْيُ المُقَيَّدِ، وهو مُقارَبَةُ الخَطْو.

  وهو مأْخُوذٌ من قَولِهم: المُطابَقَة هو وَضْعُ الفَرَسِ رِجْلَيْهِ مَوْضِع يَدَيْه وهو الأَحَقُّ من الخَيْلِ، وكذلِك البَعِير، كما في الأَساسِ.

  * ومما يُسْتَدْرَكُ عليه:

  تَطَابَق الشَّيْئانِ: تَساويَا واتَّفَقا.

  وطابَقْتُ بَيْن الشَّيْئَينِ: إِذا جَعَلْتَهما على حَذْوٍ واحدٍ، وأَلْزَقْتَهما.

  وهذا الشَّيءُ مُطْبَقُه كمُكْرَم، وطابَقُه كهاجَر، أَي: وَفْقُه عن ابنِ الأَعرابيِّ.

  وأَصْبَحَت الأَرضُ طَبَقاً واحِداً: إِذا تَغَشَّى وَجْهُها بالماءِ.

  وطِباقُ الأَرْضِ، وطِلاعُها سواءٌ، بمعنى مِلْئِها. وفي الحَدِيثِ: «قُرَيْشٌ الكَتَبَة الحَسَبَة مِلْحُ هذِه الأُمَّةِ، عِلْمُ عالِمِهم طِباقُ الأَرْضِ» كأَنَّه يَعُمُّ الأَرْضَ فيكونُ طَبَقاً لها.

  وفي رواية: «عِلْمُ عالِمِ قُرَيْش طَبَقُ الأَرضِ». وفي حَدِيث آخر: «الله مائَةُ رَحْمَة كُلًّ رَحْمَةٍ منها كطِباقِ الأَرْضِ» أَي: تُغَشِّي الأَرضَ كُلَّها.

  وفي حَدِيث أَشْراطِ السّاعة: «تُوصَلُ الأَطْباقُ وتُقْطَعُ الأَرْحام» يعنِي بالأَطْباقِ البُعَداءَ والأَجانِبَ.

  وطابَقَه على الأَمْرِ: جامَعَهُ ومَالأَه. وقِيلَ: عَاونَه.

  وطابَقَت المَرْأَةُ زَوْجَها: إِذا واتَتْه.


(١) ديوان ط بيروت ص ١٠٣ وانظر تخريجه فيه.

(٢) ديوانه ص ١٠٣ وانظر تخريجه فيه.

(٣) في اللسان «صغا» ونسبه لذي الرمة يصف ناقته وصدره فيه:

تُصغي إذا شدّها بالكورِ جانحةً

والبيت في ديوانه ص ٤٧٦.

(٤) المفردات برواية: وكان طباق.

(٥) عن المفردات وبالأصل «كالمكاس».