تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[غهق]:

صفحة 386 - الجزء 13

  ومن سجعات الأَساس: لا يَتْرُك الرُّطَبَ إِلى المُغَمَّق، إِلَّا كُلُّ مُحمَّق.

  [غهق]: الغَهِق، ككَتِف، وصيْقَلٍ أَهملَه الجوهرِيُّ: وقال ابنُ دُريدٍ: هو الطَّوِيلُ من الإِبِلِ وغَيرِها. ويُقال: غَيْهَقٌ بالعَيْن المُهْمَلةِ. هذا نَصُّ ابنِ دُرَيد، وليسَ فيه الغَهِقُ، ككَتِف⁣(⁣١)، ولا في العُبابِ واللِّسان. وأَنا أَخشَى أَنْ يكونَ المُصنِّفُ صَحَّفَ عِبارةَ ابنِ دُرَيْدٍ، فانظُر ذلك.

  وقال أَبو عُبَيْدَةَ: الغَيْهَقُ كصَيْقَلٍ: النَّشاطُ، وأَنشد:

  كأَنَّ ما بِي من إِرانِي أَوْلَقُ ... وللشَّبابِ شِرَّةٌ وغَيْهَقُ⁣(⁣٢)

  الأَرانُ: النَّشاطُ. والأَوْلَقُ: الجُنُون. قال الأَزْهَريُّ: فالغَيْهَقُ، بالغَيْنِ بمعنى النَّشاطِ مَحْفوظٌ صحيح. وأَما العَيْهَقَة بالعَيْنِ فلا أَحفَظُها لغَيْرِ اللَّيْثِ، ولا أَدْرِي: أَهي لُغَةٌ مَحْفُوظةٌ عندَ العَرَبِ، أَو تَصْحِيفٌ.

  وقالَ ابنُ عَبّادٍ: الغَيْهَق: الجُنونُ، ورُوِي ذلك عن أَبي عُبَيْدة أَيضاً كالغَوْهَقِ. وبه رُوِيَ قَول الراجزِ السّابِقُ.

  قال أَبو عُبَيْدَة: ويُوصَف به أَي: بالغَيْهَقِ العِظَم والتَّرارَة نَقَله عنه الرِّياشيُّ.

  وقالَ ابنُ دُرَيدٍ: غَيْهَقَ الظَّلامُ عَيْنَه: إِذا أَضْعَف بَصَرَه، فغَيْهَقَت عَيْنُه أَي: ضَعُفَت هكذا نَقَلَه الصاغانِيُّ عنه، ونَصُّه في الجمْهَرَةِ: غَيْهَقَ الظّلامُ: اشْتَدَّ. وغَيْهَقَتْ عَيْنُه: ضَعُف بَصَرُها⁣(⁣٣)، فتأَمَّل ذلِكَ.

  والغَوْهَق: الغُرابُ فيما رَواهُ أَبو تُرابٍ عن النَّضْرِ. وأَنشَدَ لمَعْرُوفِ بنِ عَبْدِ الرَّحمن الأَسَدِيّ:

  يَتْبَعْنَ وَرْقاءَ كَلوْنِ الغَوْهَقِ ... بهِنَّ جِنٌّ وبِها كالأَوْلَقِ

  لُغَةٌ في العَيْن المُهْمَلة. قال الأَزْهَرِيّ: الثابِتُ عندَنا لابنِ الأَعرابي وغَيْره: العَوْهَقُ: الغُراب بالعَيْنِ، ولا أُنْكِرُ أَنْ تَكونَ الغَيْنُ لُغةً، ولا أَحُقُّه.

  * ومما يُسْتَدْرَكُ عليه:

  غَيْهق الرَّجُلُ غَيْهَقَةً: إِذا تَبَخْتَر، رواهُ ابنُ بَرِّيّ عن ابنِ خَالَوَيْهِ.

  [غوق]: الغَاقُ: طائِرٌ مائِيٌّ كالغاقَة، نقله اللَّيثُ.

  ويُقال: صَوْتُ الغَاقِ، وهو الغُرابُ. قال ابنُ سِيدَه: ورُبّما سُمِّي الغُرابُ به لصَوْتِه. قال:

  ولو تَرَى إِذْ جُبَّتِي من طَاقِ ... ولِمَّتِي مِثْلُ جَناحِ غَاقِ

  أَي مِثْل جَناح غُراب.

  وغاقِ بالكَسْر: حِكايَةُ صَوْتِه، فإِن نُكِّرَ نُوِّنَ.

  قال ابنُ جِنّي: إِذا قُلتَ حِكاية صوتِ الغُراب غاقٍ غاقٍ، فكأَنَّك قلتَ: بُعْداً بُعْداً، وفِراقاً فِراقاً، وإِذا قُلتَ: غاقِ غاقِ، فكأَنَّكَ قلت: البُعْدَ البُعْدَ، فصار التَّنوينُ عَلَم التَّنْكِير، وتَرْكُه عَلَمَ التَّعْرِيف. وأَنشدَ الليث للقُلاخ بنِ حَزْن:

  مُعاوِدٌ للجُوعِ والإِمْلاقِ ... يَغْضَبُ إِنْ قالَ الغُرابُ: غَاقِ

  أَبْعدَكُنَّ الله من نِياقِ⁣(⁣٤)

  وأَنشَدَ شَمِر:

  عَنْه ولا قَوْل الغراب غَاقِ ... ولا الطَّبِيبانِ ذَوَا التِّرْياقِ

  وقال المُفَضَّلُ: غَيَّقَ مالَه تَغْيِيقاً: إِذا أَفْسَدَه.

  قالَ وغَيَّق الشَّيءُ بَصَرَه: إِذا حَيَّرَه. قال العَجّاجُ:

  آذِيّ أَوْرَادٍ يُغيِّقْنَ النَّظَرْ

  وقال ابنُ فارسٍ: غَيَّق في رَأْيه: إِذا اخْتَلَط فيه فلم يَثْبُت على شَيْءٍ فهو يَمُوجُ. قال رُؤْبةُ:

  غَيَّقْنَ بالمَكْحُولَةِ السَّواجِي ... شَيْطانَ كُلِّ مُتْرَفٍ سَدَّاجِ


(١) انظر الجمهرة ٣/ ١٤٩ واقتصر على «غيهق».

(٢) تقدم في عهق بالعين المهملة.

(٣) كذا بالأصل نقلاً عن الجمهرة، والعبارة في اللسان بدون عزوٍ لأحد، ونص الجمهرة ٣/ ١٤٩ كرواية القاموس وفيها «وغيهقت عينه» بدلاً من «فغيهقت».

(٤) قال ابن بري: صوابِ إِنشاده: معاوداً للجوع، لأن قبله:

انفد هداك الله من خناق ... وصعدة العامل للرستاق

أقبل من يثرب في الرفاق