[بكك]:
  بَعْلَبَكّ مَدِينَةٌ بالشَّامِ؛ قالَ الأَزْهَرِيُّ: وهُمَا اسْمَان جُعِلَا اسماً(١) واحِداً فأُعْطِيا إعْرَاباً واحِداً وهو النَّصْبُ، ومِثْله حَضْرَمَوْتَ ومَعْديكربَ، والنِّسْبَةُ إليها بَعْلِيَّ أو بَكِّيٌّ عَلَى ما ذُكِرَ في عَبْد شَمْس أَوْرَدَه الجَوْهَرِيُّ والصَّاغَانيُّ في «ب ك ك»؛ وأَوْرَدَه الْأَزْهَريُّ في الرُّباعِي وهو الأَنْسَبُ.
  [بكك]: بَكَّهُ يَبُكُّه بَكّاً خَرَقَهُ أو فَرَّقَهُ عَن ابنِ دُرَيْدٍ، وقَالَ أبو عَمْرو: بَكَّ الشَّيْءَ أي فَسَخَهُ وبَكَّ فلانٌ فلاناً يَبُكُّه بَكّاً زاحَمَهُ قَالَ عَامَانُ بنُ كَعْبٍ:
  إذا الشُّرِيبُ أَخَذَتْه أَكَّهْ ... فَخَلِّهِ حتَّى يَبُكَّ بَكَّهْ(٢)
  يقُولُ: إذا ضَجِرَ الذي يُورِدُ إِبِلَه مَعَ إِبِلِكَ لِشِدَّةِ الحَرِّ انتِظَاراً فخلِّهِ حتَّى يُزاحِمَك، أو بَكَّه يَبُكَّه بَكّاً إذا رَحِمَهُ(٣) ضِدّ هكذَا في سائِرِ نُسَخَ الكِتابِ بالرَّاءِ، ورَاجَعْتُ كِتَابَ الجَمْهَرَةِ لابنِ دُرَيْدٍ فَرَأَيْته قالَ فيها، وبَكَّ فُلَانٌ يَبُكُّ بَكّاً زَحَمَ. وبَكَّ الرَّجُلُ صاحِبَه بَكّاً زَاحَمَه أو زَحَمَه هكذَا بالزَّاي ثم قالَ: كأنَّه مِنَ الأَضْدَادِ؛ وقالَ ابنُ سِيْدَه: يَذْهَبُ في ذلِكَ إلى أنَّه التَّفْرِيقُ والازْدِحَامُ فعرفَ أنَّ الضدِّيَةِ ليْسَتْ في زَاحَمَ وزَحَمَ كما تَوَهَّمَه المُصَنِّفُ، وإنَّما هي بَيْنَ فَرَّقَه وزَاحَمَه، ولو قالَ: بَكَّه خَرَقَه وفَسَخَه وفَرَّقَه وزَاحَمَه وَزَحَمَهُ ضدّ لأَصَابَ فتأَمَّلْ ذلِكَ. وبَكَّه يَبُكُّه بَكّاً رَدَّ نَخْوَتَهُ وَوَضَعَهُ نَقَلَه ابنُ بَرِّيّ في تَرْجَمَةِ «ر ك ك». وبَكَّه بَكّاً فَسَخَهُ.
  قُلْتُ: هذا بعَيْنِه قَوْل أبي عَمْروٍ الذي تقدَّمَ إلَّا أنْ يكونَ الأَوَّل فَسَحَه بالحاءِ المُهْمَلَةِ وهذا بالخاءِ المُعْجَمَةِ فتأمَّلْ.
  وبَكَّ عُنُقَهُ بَكّاً دَقَّها قِيلَ: ومِنه تَسْمِيَةُ بَكَّةُ لِمَكَّةَ شَرَّفَها اللهُ تعالَى في قَوْلِه تعالَى: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً}(٤)؛ أو هو اسمٌ لِما بينَ جَبَلَيْها حَكَاه يَعْقُوب في البَدَلِ أو لِلمَطافِ أو مَوْضِعُ البيتِ ومَكَّةُ سائِرُ البَلَدِ أو بَطْن مَكَّة واخْتُلِفَ في وَجْهِ تَسْمِيَتِها عَلَى أَقْوَالٍ فقِيلَ: لدَقِّها أعْناقَ الجَبابرَةِ إذا أَلْحَدُوا فيها بظُلمٍ، زَادَ الزَّمَخْشَرِيُّ لم يُنَاظَرُوا أي لم يُنْتَظَر بهم أو لِازْدِحامِ الناسِ بها مِنْ كلِّ وَجْهٍ. وقالَ يَعْقُوب: لأَنَّ النَّاسَ يَبُكّ بَعْضُهم بَعْضَاً في الطوافِ أي يَزْحَمُ وقالَ غَيْرُه: في الطُرُقِ أي يَدْفَعُ. وقالَ الحَسَنُ: يتبَاكَونَ فيها مِنْ كلِّ وَجْهٍ. وقالَ ابنُ عَبَّاسٍ: لبك الأَقْدَام بَعضُها بَعْضاً، وقِيلَ: مِنْ بَكَّة إذا فَسَخَه، وقِيلَ: مِنْ بَكّة إذا رَدَّ نَخْوَته، وفي حَدِيثِ مُجَاهِدٍ: مِنْ أَسْماءِ مَكَّة بَكَّةُ، والبَاء والمِيْم يتعاقَبَان وهو قَوْل القُتَيْبيّ.
  وبَكَّ الرَّجُلُ افْتَقَرَ وبَكَّ إذا خَشُنَ بَدَنُه شَجَاعَةً كِلَاهُما عَنْ أبي عَمْرو. وبَكَّ المَرْأَةَ بَكّاً نَكَحها أو جَهَدَها جِماعاً وتبَاكَّ الشَّيْءُ إذا تَراكمَ وتَراكَبَ وتَباكَّ القَوْمُ ازْدَحَموا ومِنْه الحدِيث: «فتَبَاكَّ النَّاس عَلَيه» أي تَزَاحَموا كبكْبكُوا(٥) بَكْبَكَةً وهذه عَنِ ابنِ دُرَيْدٍ، والبَكْبَكَةُ طَرْحُ الشَّيْءِ بَعْضِه على بَعْضٍ وكذلِكَ البَكَبْكَبَةُ والبَكْبَكَةُ الإِزْدِحامُ وهذا قَدْ تَقَدَّمَ عَنِ ابنِ دُرَيْدٍ قَرِيباً فهو تِكْرَار، والبَكْبَكَةُ المَجيءُ والذَّهابُ وأَيْضاً هَزُّ الشَّيْءِ وقالَ ابنُ عَبَّادٍ: هو تَقْليبُ المَتاعِ وقالَ اللّيْثُ: هو شيءٌ تَفْعَلُه العَنْزُ بوَلَدِها. وقالَ غَيْرُه: الأَبَكُّ العامُ الشَّديدُ لأنَّه يَبُكُّ الضُّعَفَاء والمُقَلِّين كما في اللِّسانِ. والأَبَكُّ الذي يَبُكُّ الحُمُرَ والمَواشِيَ وغَيْرَها وجَمْعُه بُكّ(٦) قالَهُ ابنُ عَبَّادٍ؛ والأَبَكُّ العَسيفُ يَسْعَي في أُمورِ أَهْلِهِ يُقالُ: هو أَبَكُّ بَنِي فُلانٍ إذا كانَ عَسِيْفاً لَهُم يَسْعَى في أُمُورِهم؛ والأبَكُّ ع قالَتْ قطية بنت بِشْر الكِلَابية:
  جَرَبَّة مِنْ حُمُرِ الأَبَكِّ ... لا ضَرَعٌ فيها ولا مُذَكِّي(٧)
  هكذا أَنْشَدَه ابنُ الأَعْرَابِيِّ: وزَعَمَ أنَّ الأَبَكَّ هُنَا جَمَاعَةُ الحُمُرِ تَبُكُّ بَعْضُها بَعْضاً ونَظِيْره قَوْلهم الأمرُّ لمَصَارِين الفَرْث، والأَعَمُّ للجَمَاعَةِ قالَ ابنُ سِيْدَه: ويضعف ذلِكَ أنَّ فيه ضَرْباً مِنْ إِضَافَةِ الشَّيْءِ إلى نَفْسِه وهذا مُسْتَكْرَهٌ، وقَدْ يكون هُنَا المَوْضِعُ فذلِكَ أَصحّ للإِضَافَةِ وقَدْ صَحَّفَه المُصَنِّفُ بآبَك كهَاجَر فذَكَرَه في أَوَّلِ حَرْفِ الكافِ ووَزَنَه بأَحْمَد وقَدْ نَبَّهْنَا هُنَالِكَ.
(١) بالأصل «واحد» تحريف.
(٢) اللسان والجمهرة ١/ ١٩ ومقاييس اللغة ١/ ١٨٦ والصحاح.
(٣) على هامش القاموس عن نسخة أخرى: «زخمة».
(٤) سورة آل عمران الآية ٩٦.
(٥) في القاموس: «كتبكبكوا» وانظر الجمهرة ٣/ ٤٣١.
(٦) في التكملة «بُكَّان» ولم يعزها لأحد.
(٧) اللسان والصحاح وفي المقاييس ١/ ١٨٧:
صلامة كحمر الأبكّ ... لا جذع فيها ولا مذكِّ
وانظر الأغاني ١/ ١٢٩ ومعجم البلدان «الأبك».