تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الذال المعجمة مع الكاف

صفحة 568 - الجزء 13

  فإنْ تَجْزَعْ فغيرُ مَلُومِ فِعْلٍ ... وإِنْ تَصْبِرْ فمن حُبُكِ الرَّبِيكِ⁣(⁣١)

  ويُضْرَبُ مثلاً للقومِ يَجْتَمِعُون مِن كلّ وتقدَّم عن الجَوْهَرِيِّ في ب ر ك: أَنَّ البَرِيكَةَ الخَبِيْص وليْسَ هو الرَّبِيْكَة وهي الحَيْسُ أو البَرِيْك الرَّطب يُؤْكَلُ بالزبدِ عن أبي عَمْرو وتَقَدَّمَ في ح ي س الكَلام فيه مُشْبعاً فرَاجِعْه.

  ورَجُلٌ رُبَكٌ كصُرَدٍ ورَبِيْك مِثْل أميرٍ ورِبَكٌ مِثْل هِجَفٍّ الثاني على النَّسَبِ مُخْتَلِطُ في أمرِهِ وشاهِدُ الأخِيْر قَوْل رُؤْبَة:

  أَغْبِطُ بالنَّوْمِ الخلِيَّ الرَّاقِدَا ... لاقَى الهُوَيْنَا والرَّبَك الرِّاغِدَا⁣(⁣٢)

  قال ابنُ دُرَيْدٍ ورَجُلٌ رَبِكٌ ككَتِفٍ ضَعِيفُ الحيلَةِ على النَّسَبِ⁣(⁣٣). وارْتَبَكَ الرجُلُ اخْتَلَطَ عليه أَمْرُهُ وهو مَجَازٌ كَرَبِكَ كفَرِحَ رَبْكاً ومنه حدِيثُ عليٍّ ¥: «تحيّر في الظلمَاتِ وارْتَبَكَ في الهَلَكَاتِ» أي وَقَعَ فيها ولم يَكَدْ يخْلص منها. وفي حدِيثِ ابنِ مَسْعُودٍ ¥: «وارْتَبَكَ والله الشيخُ».

  وارْتَبَكَ في كلامِهِ إذا تَتَعْتَعَ وهو مَجَازٌ. وارْتَبَكَ الصَّيْدُ في الحِبالَةِ اضْطَرَبَ وهو مَجَازٌ، وقالَ ابنُ عَبَّادٍ ارْباكَّ فلانٌ عن الأَمْر اربِيكاكاً وَقَفَ عنه قالَ: وارْباكَّ رأيُهُ عَلَيه إذا اخْتَلَطَ وأَرْبُكُ بضمِ الباءِ ويقالُ أُرْبُقُ بالقافِ وتفتحُ الباءُ أَيْضاً كما قَالَهُ يَاقُوت ة بخوزِسْتانَ مِن نَواحِي الأَهْوَاز، بل ناحِيَة مُسْتَقِلة ذات قُرىً ومَزَارِع وعِنْدها قَنْطَرَة مَشْهُورَة لها ذِكْر في كتُبِ السِّيَرِ وأَخْبَارِ الخَوَارِجِ فتحَها المُسْلِمون عامَ سَبْع عَشَرَة في خِلَافَةِ سَيِّدِنا عُمَرَ ¥ قَبْل نَهَاوَنْد، وأَمِيْر الجَيْشِ يَوْمَئِذٍ النّعْمَان بنُ مُقَرَّنٍ المزنيّ ¥ وقالَ في ذلِكَ:

  عَوَتْ فارس واليومُ حامِ أوارُهُ ... بمُحتفَل بين الدكاك وأَرْبَك

  فلا غرو إلَّا حين ولّوا وأدركتْ ... جموعَهم خيلُ الربيس بن أربك

  وأفلتهنّ الهُرمُزان موائلا ... به نَدَبٌ من ظاهر اللون أعتك⁣(⁣٤)

  منها أبو طاهِرٍ عليُّ بنُ أحمَدَ بنِ الفَضْلِ الرَّامهرمزيُّ الأَرْبُكِيُّ ويُقالُ الأَرْبَقِيُّ، قالَ يَاقُوت: وقَرَأْتُ في كتابِ المُفَاوَضَةِ لأبي الحَسَنِ محمَّدُ بنُ عليِّ بنِ نَصْر الكاتِبِ: حدَّثني القاضِي أبو الحَسَنِ أَحْمَدُ بنُ الحَسَن الأَرْبَقِيّ بأَرْبَقَ وكانَ رَجُلاً فاضِلاً قاضِي البَلَدِ وخَطِيْبه وإِمَامه في شَهْرِ رَمَضَان، ومِن الفضل على منزلة قالَ: تقلَّدَ بَلَدَنا بَعْض جُفَاةِ العَجَمِ والتفَّ به جَمَاعَة ممَّن حَسَدَني وكَرِهَ تقدُّمِي فصَرَفنِي عن القَضاءِ ورَامَ صَرْفي عن الخَطَابةِ والإِمَامَةِ فثارَ الناسُ ولم يُساعِدْه المُسْلِمُون فكتَبْتُ إليه⁣(⁣٥):

  قل لِلَّذين تأَلَّبُوا وتحزَّبُوا: ... قَدْ طبت نفساً عَنْ وِلَايةِ أَرْبق

  هَبْنِي صُدِدْتُ عن القضاءِ تعدّياً ... أَأُصدُّ عَنْ حِذْقِي به وتَحَقُّقِي

  وعن الفَصَاحةِ والنَّزاهةِ والنُّهَى ... خلقاً خَصَصْت به وفَصْل المَنْطِق

  والرَّبيْكَةُ: كسَفينَةٍ الماءُ المُخْتَلِطُ بالطينِ نَقَلَه الصَّاغَانيُّ.

  والرَّبِيْكَةُ: الزُّبْدَةُ التي لا يُزايلُها اللَّبَنُ فهي مُرْتَبِكَةٌ نَقَلَه الصَّاغَانيُّ وفي المَثَلِ: غَرْثانُ فارْبُكوا له ورَوَى ابنُ دُرَيْدٍ: فابْكُلُوا له باللَّام يُقالُ: أتَى أَعْرابِيٌّ أَهْلَهُ، كما في الصِّحاحِ، أي مِن سَفَرٍ يُقالُ: هو ابن لسانِ الحُمْرَةِ كما في العُبَابِ، فَبُشِّرَ بغُلامٍ وُلِدَ له فقال ما أَصْنَعُ به أآكُلُهُ أم أشْرَبُهُ فقالَتْ امْرَأتُهُ ذلك القَوْلَ، فلمَّا شَبعَ قال كَيْفَ الطَّلَا وأُمُّهُ ومَعْنَى المَثَلِ أي هو جائِعٌ فسَوُّوا له طَعَاماً يَهْجَأْ غَرَثُه، ثم بَشِّرُوه بالمَوْلُودِ. قالَ ابنُ دُرَيْدٍ: يُضْرَبُ لمَنْ ذَهَبَ هَمّه وتَفَرَّغ لغَيْرِه. والأَرْبَكُ من الإِبِلِ الأَسْوَدُ مُشْرَباً كُدْرَةً أو الشَّديدُ سَوادِ الأُذُنَيْنِ والدُّفوفِ وما عَدا ذلك أي أذُنَيْهِ ودُفُوفه مُشْرَبٌ كُدْرَةً والجَمْعُ رُبْكٌ وهي الرُّمْكُ بالميمِ، قالَ شَمِرٌ: والميمُ أَعْرَفُ، وقالَ الصَّاغَانيُّ: أَقْوَى؛ وبِهمَا رُوِيَ حدِيثُ أبي أُمَامة ¥ في صِفَةِ أَهْلِ الجَنَّةِ «أَنَّهم يَرْكَبُون المَيَاثِر على النُّوقِ الرُّبْكِ عليها الحَشَايَا».

  * وممَّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيه:

  رَمَاه بالرَّبِيْكَةِ أي بأَمْرٍ ارْتَبَكَ عَلَيه.


(١) اللسان.

(٢) ديوانه ص ٦٥ والتكملة.

(٣) الجمهرة ١/ ٢٧٣.

(٤) معجم البلدان «أريك» وعجز الثاني فيه:

جموعهم خيل الرئيس ابن أرمك

وفي «موابلا» بدل «موائلا».

(٥) الأبيات في معجم البلدان «أربق».