تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[عرك]:

صفحة 614 - الجزء 13

  الصِّحَاحِ: العَرِك ككَتِفٍ الصَّريعُ كأَمِيرٍ هكذا في نسخِ الصِّحَاحِ وفي بعضِها كسِّكِّيتٍ زَادَ غَيْرُه: الشَّديدُ العِلاجِ والبطشِ في الحَرْبِ والخصُومةِ كالمُعارِكِ وبه سُمِّي الرجُلُ وقد عَرِكَ كفرِحَ عَرَكاً محرَّكةً وهم عَرِكونَ أَشدَّاءَ صرَّاع قال جَرِير:

  قد جَرَّبَتْ عَرَكي في كلِّ مُعْتَرَكٍ ... غُلْبُ الْأُسُودِ فما بالُ الضَّغابيسِ⁣(⁣١)

  وقال ابنُ دُرَيْدٍ⁣(⁣٢): رَمْلٌ عَرِكٌ ومُعْرَوْرِكٌ أي مُتَداخِلٌ بَعْضُهُ في بَعْضٍ والعَرَكْرَكُ كسَفَرْجَلٍ الرَّكَبُ الضَّخْمُ زَادَ الأَزْهَرِيُّ من أَرْكابِ النِّساءِ وقالَ: أَصْلُه ثلاثيٌّ ولَفْظُهُ خُمَاسِيُّ. والعَرَكْرَكُ الجَمَلُ القويُّ الغَلِيظُ وأَنْشَدَ الجَوْهَرِيُّ للرَّاجزِ.

  قُلْتُ: هو حَلْحَلَة بنُ قَيْسِ بنِ أَشْيَمَ وكانَ عَبْدُ الملِكِ أَقْعَدَه ليُقادَ منه، وقال له: صَبْراً حَلْحَلُ: فقال مُجيباً:

  أَصَبْرُ من ذِي ضاغِطٍ عَرَكْركِ ... أَلْقَى بَوانِي زَوْرِه للمَبْرَكِ⁣(⁣٣)

  يُقالُ: بَعِيرٌ ضاغِطٌ عَرَكْرَكٌ وأَنْشَدَ الصَّاغَانيُّ لِآخَرُ:

  عَرَكْرَكٌ مهجر الضوبان أوَّمه ... روض القذاف ربيعاً أي تأويم

  والعَرَكْرَكَةُ: بهاءٍ المرأةُ الرَّسْحاءُ اللَّحيمَةُ الضَّخْمَةُ القَبيحَةُ على التَّشْبيه بالجملِ قال الشاعِرُ:

  ولا من هَوايَ ولا شِيْمَتِي ... عَرَكْرَكَةٌ ذاتُ لَحْمٍ زِيَمْ⁣(⁣٤)

  والعَريكَةُ: كسَفينَةٍ السَّنامُ بظهْرِه إذا عَرَكَه الحِمْلُ. أو عَرِيْكَةُ السَّنَامِ: بَقِيَّتُهُ عن ابن السِّكِّيت والجَمْعُ العَرَائِكُ، قالَ ذو الرِّمَّةِ:

  إذا قال حادينا أيا عَجَسَتْ بنا ... خِفافُ الخُطَا مُطْلَنْفِئات العَرَائِكِ⁣(⁣٥)

  وقيلَ: إنَّما سُمِّي بذلك لأَنَّ المُشْتَرِي يَعْرُكُ ذلك المَوْضعَ ليَعْرِفَ سِمَنَه وقُوَّتَه. ورَجُلٌ مَيْمُون العَرِيْكَةِ والحَرِيْكَةِ والسَّلِيقَةِ والنَّقِيْبَةِ والنَّقِيْمَةِ والنَّخِيْجَةِ والطَّبِيْعَةِ والجَّبِيْلَةِ كلُّ ذلك بمعْنىً واحد وهو النَّفْس ومنه يُقالُ: رجُلٌ لَيِّنُ العَريكَةِ أي سَلِسُ الخُلُقِ مُطَاوعاً مُنْقَاداً مُنْكَسِرُ النَّخْوَةِ قليلُ الخِلافِ والنُّفُورِ، وشَدِيدُ العَرِيْكَةِ إذا كان شَدِيدَ النَّفْسِ أَبِيّاً. وفي صِفَتِه، صلَّى الله تعَالى عليه وسلَّم، «أَصْدَقُ الناسِ لَهْجَةً وأَلْيَنُهُمْ عَرِيكَةً». وقَوْل الأَخْطَلِ:

  من اللَّواتي إذا لانَتْ عَرِيكَتُها ... كان لها بعدها آلٌ ومَجْهُودُ⁣(⁣٦)

  قيلَ في تَفْسيره: عَرِيكَتُها: قوَّتُها وشدَّتُها، ويجوزُ أنْ يكونَ ممَّا تقدَّمَ لأَنَّها إذا جَهَدَتْ وأَعْيَتْ لانَتْ عَرِيكَتُها وانْقَادَتْ. وناقَةٌ عَروكٌ مِثْل الشّكُوكِ: لا يُعْرَفُ سِمَنُها إلَّا بِعَركِ سَنامِها. وقَدْ عَرَكَ ظَهْرَها وغَيْرها يَعْرُكُها عَرْكاً أَكْثَرَ جَسَّه لِيَعْرِفَ سِمَنها، أو هي التي يُشَكُّ في سَنامِها أبهِ شَحْمٌ أم لا. وعَرَكَ السَّنامَ لمَسَه يَنْظُرأ بهِ طِرْقٌ أَمْ لا، ج عُرُكٌ ككُتُبٍ. ويُقالُ لَقِيِتُهُ عَرْكَةً أو عَرْكَتَيْنِ أي مَرَّةً أو مَرَّتَيْنِ لا يُسْتَعْمل إلَّا ظرفاً. ولَقِيْتُه عَرَكاتٍ محرَّكةً أي مَرَّاتٍ ويُقالُ: لَقِيْتُه عَرْكَةً بعْدَ عَرْكَةٍ أي مرَّةً بعد مرَّةٍ. وفي الحدِيثِ: «أنَّه عاوَدَه كذا وكذا عَرْكَةً أي مرَّةً. والعَرْكُ بالفتحِ خُرْءُ السِّباعِ وفي العُبَابِ: جعرها. والعَرِكُ: بالتحريكِ وككَتِفٍ الصَّوْتُ نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ. والعَرَكيُّ محرَّكةً صَيَّادُ السَّمَكِ ومنه الحدِيثُ: أنَّ العَرَكِيَّ سَأَلَ النبيَّ، ، عن الطُّهُورِ بماءِ البَحْرِ ج عَرَكٌ محرَّكةً كعَرَبيٍّ وعَرَبٌ. وفي الحدِيثِ: في كتابهِ إلى قَوْمٍ من اليهودِ: «إنَّ عليكم رُبْعَ ما أَخْرَجَتْ نَخْلُكم ورُبْع ما صادَتْ عُرُوكُكُمْ ورُبْع المِغْزل»؛ قال ابنُ الأَثِيرِ: عُروكٌ جَمْع عَرَك بالتَّحْرِيكِ، وهم الذين يَصِيدُون السَّمك، ولهذا قيلَ للمَلَّاحِينَ عَرَكٌ لأَنَّهم يَصِيدُون السَّمكَ وليْسَ بأنَّ العَرَكَ اسمٌ لهم، وهذا قَوْلُ أَبي عَمْرٍو كما نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ وأَنْشَدَ لزُهَيْر:

  تُغْشِي الحُداةُ بهم حُرَّ الكَثيبِ كما ... يُغْشِي السفائنَ مَوْجَ اللُّجَّةِ العَرَكُ⁣(⁣٧)


(١) اللسان والأساس.

(٢) الجمهرة ٢/ ٣٨٦.

(٣) الصحاح واللسان والتهذيب.

(٤) الصحاح واللسان.

(٥) ديوانه ص ٤٢٦ وعجزه في اللسان ومقاييس اللغة ٤/ ٢٩٠.

(٦) في اللسان «ومجلود».

(٧) ديوانه ص ١٦٧ واللسان والصحاح ومقاييس اللغة ٤/ ٢٩١ والتهذيب.