تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الميم مع الكاف

صفحة 643 - الجزء 13

  في مَسَكٍ لا مُجْبِلٍ ولا هارْ⁣(⁣١)

  أو المُسْكَةُ من البِئْرِ الصُّلْبَة التي لا تَحْتاجُ إلى طَيٍّ نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ، ويُضَمُّ فيهما عن ابن دُرِيْدٍ⁣(⁣٢). ومن المجازِ: رَجُلٌ مَسِيكٌ كأميرٍ وسكِّيتٍ وهُمَزَةٍ وعُنُقٍ لُغَاتٌ أَرْبعة اقْتَصَرَ الجَوْهَرِيُّ منها على الثالثةِ أي بَخيلٌ. وفي حدِيثِ هند بنت عُتْبة ^: «أَنَّ أَبَا سُفْيَان رجلٌ مَسِيكٌ» أي بخيلٌ يُمْسِكُ ما في يَدَيْه لا يُعْطِيه أَحَداً وهو مِثْل البَخِيْل وَزْناً ومعْنًى. وقال أَبُو مُوسَى: إنَّه مِسِّيكٌ كسِكِّيتٍ أي شديدُ الإِمْساكِ. وفي العُبَابِ: كَثِيرُ البُخْلِ، وهو من أَبْنية المُبَالغةِ، وقيلَ: المِسِّيكُ البَخِيلُ كما جَنَحَ إليه المُصَنِّفُ، والمَحْفُوظ الأَوَّل، وفيه إمْساكٌ ومُسْكَةٌ بالضم ومُسُكَةٌ بضَمَّتَيْنِ وهُمَا عن اللَّحْيَانيِّ، ومَساكٌ كسحاب وسَحابَةٍ وكِتابٍ وكِتابَةٍ أي بُخْلٌ وتَمَسَّك بما لَدَيْه ضَنّاً به وهو مجازٌ، وقال ابنُ بَرِّيّ: المِسَاكُ الاسم من الإِمْساك قال جَرِيرٌ:

  عَمِرَتْ مُكَرَّمَةَ المَساكِ وفارَقَتْ ... ما شَفَّها صَلَفٌ ولا إِقْتارُ⁣(⁣٣)

  ومن المجازِ: قال أَبُو عُبَيْدة: فرسٌ مُمْسَك الأَيامِن مُطْلَقُ الأَياسِر: مُحَجَّلُ الرِّجلِ واليَدِ من الشِّقِّ الأَيْمَنِ وهم يَكْرَهُونه، فإنْ كانَ مُحَجَّل الرِّجل واليَدِ من الشِّقِّ الأَيْسَر قالُوا: هو مُمْسَكُ الأَياسِر مُطْلَقُ الأَيامِن وهم يَسْتَحِبُّون ذلك. وكُلُّ قائِمَةٍ مِنَ الفَرَسِ فيها بَياضٌ فهي مُمْسَكَةٌ كمُكْرَمَةٍ لأَنَّها أُمْسِكَتْ على البَيَاضِ وفي اللِّسَانِ: بالبَياضِ. وقيلَ: هي أنْ لا يَكونَ فيها بَياضٌ. وفي التَّهْذِيبِ: والمُطْلَق كلُّ قائمةٍ ليس بها وَضَحٌ. وقَوْمٌ يَجْعَلُون البَيَاضَ إِطلاقاً والذي لا بَيَاضَ فيه إِمساكاً وأَنْشَدَ:

  وجانب أُطْلِقَ بالبَيَاضِ ... وجانب أُمْسك لا بَياض⁣(⁣٤)

  قال: وفيه من الاخْتِلافِ على القَلْبِ كما وصف في الإمْساكِ. وأمْسَكَهُ إِمْساكاً حَبَسَهُ وأَمْسَكَ عَنِ الكَلامِ سَكَتَ والمَسَكُ مُحَرَّكةً المَوْضِعُ يُمْسَكُ الماءَ عن ابن الأَعْرَابيِّ كالمَساكِ كسَحابٍ وهذه عن أَبي زَيْدٍ. والمَسيكُ مِثْل أَميرٍ. قال أَبو زَيْدٍ: أَرْضٌ مَسِيْكَةٌ تُنَشِّفُ الماءَ لصَلابَتِها. والمُسَكُ كصُرَدٍ جَمْعُ مُسَكَةٍ كهُمَزَةٍ لمَنْ إذا أمْسَكَ الشيءَ لم يُقْدَرْ على تَخْلِيصِهِ منه نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ بعْدَ تَفْسِيرهِ بالبَخِيلِ قالَ: ويقالُ هو الذي لا يتعَلَّقُ بشيْءٍ فَيَتَخَلَّص منه ولا يُنَازِله مُنازِلٌ فيُفْلِتَ، والجَمْعُ مُسَكٌ. قال ابنُ بَرِّيّ: التفْسِيرُ الثاني هو الصحيحُ، وهذا البِنَاء أَعْنِي مُسَكة يَخْتَص بمن يكثر منه الشَّيْء مِثْل الضُّحَكَة والهُمَزَةِ.

  وسِقاءٌ مِسِّيكٌ كسكِّيتٍ كثيرُ الأَخْذِ للماءِ وقَدْ مَسَكَ بِفَتْحِ السينِ مَساكَةً رَوَاه أَبُو حَنِيْفة إلَّا أنَّه لم يضْبِطْه كسِكِّيْت وكأن المُصَنِّف لاحظَ مَعْنَى الكَثْرة فضَبَطَه على بناءِ المُبَالغةِ وإلَّا فهو كأَمِيرٍ كما لأَبي زَيْدٍ والزَّمَخْشَرِي، قال الأَخير: سِقَاءٌ مَسِيك لا تَنْضَحُ؛ وقال أَبُو زَيْدٍ: المَسِيك من الأَسَاقي التي تَحْبِسُ الماءَ فلا تَنْضَحُ. ومِسْكَوَيْهِ بالكسر كسِيْبَوَيْهٍ عَلَمٌ جاءَ بالضَّبْطين الأول للأول والثاني للأَخير، ولو اقْتَصَرَ على الأَخيرِ كان أَخْصَرُ. وماسِكانُ بكسرِ السِّين كما هو مَضْبُوط والصَّواب بالْتِقَاء السَّاكِنَيْن⁣(⁣٥) ناحِيَةٌ بمَكْرانَ يُنْسَبُ إِليها الفانيدُ⁣(⁣٦) نَقَلَه الصَّاغَانيُّ. وفَرْوَةُ بنُ مُسَيْكٍ كزُبَيْرٍ المَرادِيُّ ثم الغَطِيفيُّ صَحابِيٌّ ¥ سَكَنَ الكُوْفَة يُكَنَّى أَبا عُمَيْرٍ، واسْتَعْمَلَه عُمَر ¥. ومُسْكانُ بالضم شَيْخٌ للشِّيعَةِ اسْمُهُ عَبْدُ اللهِ هكذا هو في العُبَابِ. وقالَ الحافِظُ⁣(⁣٧): هو عَبْدُ اللهِ بن مُسْكَان من شيوخِ الشِّيْعَةِ رَوَى عن جَعْفرِ بنِ مُحَمَّد ذَكَرَه الأَمِير. ومَاسِكٌ كصاحِبٍ اسمٌ قالَ ابنُ دُرَيْدٍ⁣(⁣٨): وقد سَمُّوا ماسِكاً، ولم نَسْمَع مَسَكْت في شِعْرٍ فَصيحٍ ولا كَلامٍ إلَّا أَني أَحْسِبه أَنَّه كما سَمَّوا مَسْعُوداً، ولا يقُولُون إلَّا أَسْعَده اللهُ. ويُقالُ: بَيْننا ماسِكَةُ رَحِمٍ كما يقالُ ماسَّةُ رَحِم وواشِجَةُ رَحِمٍ وهو مجازٌ. ومِنَ المجازِ: هو حَسَكَةٌ مَسَكَةٌ محرَّكَتَيْنِ أي شُجاعٌ ونَظِيْره رَجُلٌ أَمَنَةٌ يَثِقُ بكلِّ أَحَدٍ والجَمْعُ حُسَكٌ مُسَكٌ، ومنه قَوْلُ خَيْفَان بن عُرَانَة لعُثْمَان ¥ لمَّا سَأَلَه كيْفَ تَرَكْتَ أَفَارِيقَ العَرَبِ في ذِي اليَمَنِ؟ فقالَ: أَمَّا هذا الحيُّ من


(١) التهذيب واللسان بدون نسبة.

(٢) الجمهرة ٣/ ٤٦.

(٣) اللسان.

(٤) التهذيب واللسان بدون نسبة، والتكملة.

(٥) قيدها ياقوت بفتح السين وآخره نون.

(٦) وهو نوع من السكر لا يوجد إلا بمكران ومنها يحمل إلى سائر البلدان، قاله ياقوت.

(٧) التبصير ٤/ ١٢٩٢.

(٨) الجمهرة ٣/ ٤٦.