تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[نهك]:

صفحة 661 - الجزء 13

  فقُل للمُتَّقِي غَرَضَ المَنَايا: ... تَوَقَّ فليس يَنْفَعُك اتِّقاءُ

  ولا يُعطَى الحريصُ غِنَّى لحِرْصٍ ... وقد يُنْمَى لِذِي الجُودِ الثَّرَاءُ

  غَنِيُّ النَّفْسِ ما اسْتَغْنَتْ غَنيٌّ ... وفَقْرُ النَّفْسِ ما عَمِرَتْ شَقاءُ⁣(⁣١)

  نَوِكَ كفَرِحَ نَواكَةً ونَواكاً ونَوَكاً محرَّكةً أي حَمُقَ حَمَاقَةً واسْتَنْوكَ الرجُلُ صار أنْوَكَ وهو أنْوَكٌ ومُسْتَنْوِكٌ ج نَوْكَى ونُوكٌ كسَكْرَى قالَ سِيْبَوَيْه: أُجْرِيَ مُجْرَى هَلْكَى لأَنَّه شيْءٌ أُصِيبوا به في عقُولِهم: والأَخِيرَةُ على القِياسِ مِثْل أَهْوَج وهُوجٍ قالَ الرَّاجِزُ:

  تَضْحَكُ منِّي شَيْخَةٌ ضَحُوكُ ... واسْتَنْوَكَت وللشَّبابِ نُوكُ⁣(⁣٢)

  وأَنْشَدَ أَبُو زَيْدٍ لغدافِ بنِ بجرةَ بنِ بَشير بنِ حكيم بنِ معية الربعي:

  قلتُ لقومٍ خَرَجُوا هذا ليلَ ... نوكى ولا ينفعُ في النوكى القيلُ

  احتذروا لا يلقكم طماليل ... قليلة أموالُهم عزازيل

  وامرأةٌ نَوْكاءُ من نسْوَةٍ نوكٍ أيضاً على القِياسِ وأنْوَكَهُ صادفه أنْوَكَ ويقال ما أَنْوَكَهُ أي ما أَحْمَقَهُ ولم يُقَلْ أنْوِكْ به وهو القِياسُ عن ابنِ السَّرَّاجِ نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ. وقالَ سِيْبَوَيْه: وَقَعَ التَّعَجُّب فيه بما أَفْعَلَه وإِنْ كانَ كالخِلَقِ لأَنَّه ليس يكون⁣(⁣٣) في الجسدِ ولا بخلْقةٍ فيه وإِنَّما هو من نقصانِ العقْلِ.

  * وممَّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيه:

  الأَنْوكُ: العاجِزُ الجاهِلُ، وأَيْضاً العَيِيُّ في كَلامِه عن الأَصْمَعِي وأَنْشَدَ:

  فكُنْ أَنْوَكَ النَّوْكَى إذا ما لَقِيْتَهم⁣(⁣٤)

  وقالَ غيرُه: النُّوكُ عنْدَ العَربِ: العَجْزُ والجهْلُ. واسْتَنْوكَ فلاناً اسْتَحْمَقَه.

  [نهك]: نَهَكَهُ كمَنَعَهُ يَنْهَكُهُ نَهْكَةً ونَهَاكَةً غَلَبَهُ عن ابنِ سِيْدَه. ونَهَكَ الثَّوبَ يَنْهَكُهُ نَهْكاً لَبِسَهُ حتى خَلُقَ عن الجَوْهَرِيّ قالَ: ونَهَكَ من الطَّعامِ نَهْكاً بالَغَ في أَكْلِهِ ومن المجازِ: نَهَكَ عِرْضَهُ بالَغَ في شَتْمِهِ. ونَهَكَ الضَّرْعَ نَهْكاً اسْتَوْفَى جميع مَا فيه من اللَّبَنِ. وكذلك نَهَكَ النَّاقَةَ حَلَباً إذا نَقَصَها فلم يبقَ في ضَرْعِها لَبَنٌ. ومنه حدِيثُ ابن عباسٍ رَضِيَ الله تعالى عنهما: «ولا ناهك في حلب».

  ونَهَكَتْه الحُمَّى نَهْكاً ونَهاكَةً أَضْنَتْه وهَزَلَتْه وجَهَدَتْه ونَقَصَتْ لَحْمَه، كنَهِكَتْهُ كفرِحَ نَهْكاً بالفتحِ ونَهَكاً بالتَّحريكِ، ونَهْكَةً ونَهاكَةً اللُّغتان عن الجَوْهرِيِّ، واقْتَصَرَ في⁣(⁣٥) على الأَوَّلِ والأَخيرِ فهو مَنْهُوكٌ؛ وذلك إذا رُئِي أَثَرُ الهُزَالِ عليه منها.

  وانْتَهَكَتْهُ مِثْل ذلك أو النَّهْكُ المُبالَغَةُ في كلِّ شيءٍ ومنه الحدِيثُ: أَنَّه قال للخَافضَةِ: «أَشِمِّي ولا تَنْهَكِي» أي لا تُبالِغي في اسْتِقْصَاءِ الختانِ ولا في إِسْحاتِ مَخفِضِ الجاريةِ، ولكن اخْفِضِي⁣(⁣٦) طُرَيفَه. ونَهِكَهُ السلطانُ كسَمِعَهُ نَهْكاً بالفتحِ ونَهْكَةً أَيْضاً بالَغَ في عُقوبتِه⁣(⁣٧) نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ كأنْهَكَهُ عُقوبةً. ونُهِكَ كعُنِيَ دَنِفَ وضَنِيَ من المَرَضِ فهو مَنْهُوكٌ نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ، وذلك إذا رَأَيْته قد بَلَغَ منه المَرَضُ، ومَنْهُوكُ البدنِ: بَيِّنُ النَّهْكَةِ من المرض. ونَهِكَ الشَّرابَ كسَمِعَ أفْناهُ شُرباً واسْتِيفَاءً ونَهَكَهُ الشَّرْبُ وفي بعضِ النسخِ الشَّرَاب كمنَع أضْناهُ ومن المجازِ المَنْهوكُ من الرَّجَزِ والمُنْسَرِحِ ما ذهَبَ ثُلُثاهُ وبَقِيَ ثُلُثُهُ كقَوْلِ دُرَيْدِ بن الصمَّةِ في الرجزِ:

  يا لَيْتَنِي فيها جَذَعْ ... أخبّ فيها وأَضَعْ

  أقودُ وطفاءَ الزَّمَعْ ... كأنها شاةٌ صَدَعْ

  وفي المَنْسَرِح⁣(⁣٨) قَوْل الرَّاجِزِ:


(١) اللسان.

(٢) اللسان والثاني في التهذيب.

(٣) في اللسان: بلونٍ.

(٤) اللسان والتهذيب.

(٥) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله: واقتصر في الخ، كذا بخطه ومجرور «في» ساقط، فحرره».

(٦) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله: طريفة بصيغة التصغير بخطه كاللسان».

(٧) على هامش القاموس عن نسخة أخرى تَنْهِلَتِه.

(٨) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله: وفي المنسرح، قول الراجز، كذا -