تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الضاد المعجمة

صفحة 173 - الجزء 2

  تَسْتَطِيلُ في السَّهْلِ، [و]⁣(⁣١) قِيلَ: هو مُتَّسَعُ الوَادِي، والكُلّ مُتَقَارِب.

  والضَّارِبُ: اللَّيْلُ المُظْلِمُ، وَهُوَ الَّذِي ذَهَبَتْ ظُلْمَتُه يَمِيناً وشِمالاً ومَلأَتِ الدُّنْيَا. وضَرَبَ اللَّيْلُ بأَرْوَاقِه: أَقْبَلَ. قال حُمَيْدٌ:

  سَرَى مِثْلَ نَبْضِ العِرْقِ واللَّيْلُ ضَارِبٌ ... بأَرْوَاقِه والصُّبْحُ قَدْ كَادَ يَسْطَعُ

  والضَّارِبُ: النَّاقَةُ تَكُونُ ذَلُولاً فإِذَا لَقِحَت تَضْرِبُ حَالِبَهَا مِنْ قُدَّامِها. وقيل: الضَّوَارِبُ من الإِبِل: الَّتي تَمْتَنِع بَعْدَ اللِّقَاح فتُعِزُّ أَنْفُسَهَا فلا يُقْدَرُ عَلَى حَلْبِهَا، وقد تَقَدَّم.

  والضَّارِبُ: شِبْهُ الرَّحَبَة في الوَادِي، ج ضَوَارِبُ. قال ذُو الرُّمَّة:

  قد اكْتَفَلَتْ بالحَزْن واعْوَجَّ دُونَها ... ضَوَارِبُ من غَسَّان مُعْوَجَّةٌ سَدْرَا⁣(⁣٢)

  ويقال: هو يَضْرِبُ المَجْدَ أَي يَكْتَسِبُه، وقد تَقَدَّم الإِنْشَاد⁣(⁣٣) ويَضْرِبُ لَهُ الأَرْضَ كُلَّهَا أَي يَطْلُبُه في كُلِّ الأَرْضِ، عَنْ أَبِي زَيْد.

  واسْتَضْرَبَ العَسَلُ: ابْيَضَّ وغَلُظَ وصَار ضَرَباً، كَقَوْلهِم: اسْتَنْوَقَ الجَمَلُ، واستَتْيَسَ العَنْزُ بمَعْنَى التَّحَوُّل مِنْ حَال إِلَى حَال. وعَسَلٌ ضَرِيبٌ: مُسْتَضْرِبٌ.

  واسْتَضْرَبَت النَّاقَةُ: اشْتَهَتِ الفَحْلَ لِلضِّرَابِ.

  وضَرَابِيَةُ كقُرَاسِيَةٍ، بالضَّمِّ، كُورَةٌ وَاسعَةٌ بمصْر من الحَوْفِ في الشَّرْقِيَّة.

  ومن المجَازِ: ضَارَبَه وضَارَبَ له إِذا اتَّجَرَ في مَالِه، وَهِيَ القِرَاضُ.

  والمُضَارَبَةُ: أَن تُعْطِيَ إِنْساناً مِن مَالِكَ مَا يَتَّجِرُ فِيه على أَنْ يَكُونَ الرِّبْحُ بَيْنَكُمَا، أَو يَكُونَ لَهُ سَهْم مَعْلُومٌ من الرِّبْح، وكأَنَّه مأْخُوذٌ من الضَّرْبِ في الأَرْضِ لطَلَب الرِّزْقِ. قال اللهُ تَعَالَى: {وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللهِ}⁣(⁣٤).

  قال الأَزهريّ: وعلى قِيَاسِ هَذَا المَعْنَى يُقَالُ للعَامِل: ضَارِبٌ، لأَنَّه هُوَ الَّذِي يَضْرِب في الأَرْض. قَالَ: وَجَائِز أَن يَكُونَ كُلُّ وَاحِد مِن رَبِّ المَالِ ومِنَ الْعَامِل يُسَمَّى مُضَارِباً؛ لأَنَّ كُلَّ وَاحِد مِنْهُمَا يُضَارِبُ صَاحِبَه وكذَلِكَ المُقَارِض.

  وقال النَّضْرُ: المُضَارِبُ: صَاحِبُ المَالِ، والَّذِي يَأْخُذُ المَالَ، كِلَاهُمَا مُضَارِب، هَذَا يُضَارِبُه وذَاكَ يُضَارِبُه. وفي حَدِيث الزُّهْرِيّ: «لا تَصْلُح⁣(⁣٥) مُضَارَبَةُ مَنْ طُعْمَتُه حَرَامٌ».

  و⁣(⁣٦) من المَجَازِ قَوْلُهم: فُلانٌ مَا يُعْرَفُ له مَضْرِبُ عَسَلَةٍ بفَتْح المِيمِ وكَسْرِ الرَّاءِ ولا مَنْبِض عَسَلَة أَي مِنَ النَّسَبِ والمَالِ، يقال ذَلِك إِذَا لَم يَكُن له نَسَبٌ مَعْرُوفٌ ولا يُعْرف إِعْرَاقُه في نَسَبِه.

  وفي المحكم: ما يُعْرَفُ له مَضْرِبُ عَسَلَةٍ أَي أَصْلٌ ولا قَوْمٌ ولا أَبٌ ولا شَرَفٌ. كما يُقَالُ: إِنَّه لكَرِيمُ المَضْرِب شَرِيفُ المَنْصِبَ. وفي التَّنْزِيلِ العَزِيزِ: فَضَرَبْنا عَلَى آذانِهِمْ {فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً}⁣(⁣٧). قال الزَّجَّاج: مَنَعْنَاهم السَّمْعَ أَنْ يَسْمَعُوا. والمَعْنَى: أَنَمْنَاهم ومَنَعْنَاهم أَن يَسْمَعُوا، لأَن النَّائِمَ إِذَا سَمِعَ انْتَبَه. والأَصْلُ في ذلك: أَنَّ النَّائِمَ لَا يَسْمَعُ إِذَا نَامَ. وفي الحديث: «فَضَرَبَ اللهُ على أَصْمِخَتِهِم» أَي نَامُوا فلم يَنْتَبِهُوا. والصِّمَاخ: ثقْبُ الأُذُن.

  وفي الحَدِيثِ: «فَضَرَبَ عَلَى آذَانِهِم» هو كنايَة عن النَّوْمِ.

  مَعْنَاهُ حَجَبَ الصَوتَ والحِسَّ أَنْ يَلِجَا آذَانَهم فَيَنْتَبِهُوا، فكَأَنَّهَا قد ضُرِبَ عَلَيْهَا حِجَابٌ. ومنه حَدِيثُ أَبِي ذَرٍّ: «ضُرِبَ عَلَى أَصْمِخَتِهِم فما يَطُوفُ بالبَيْتِ أَحَدٌ» كَذَا في لسان العرب.

  ويقال: جَاءَ مُضْطَرِبَ العِنَانِ أَي مُنْهَزِماً مُنْفَرِداً.

  وضَرَّب الشُّجَاعَ في الحَرْب تَضْرِيباً: حَرَّضَهُ وأَغْرَاهُ.


(١) زيادة اقتضاها السياق.

(٢) «قد اكتفلت» عن اللسان، وبالأصل «اكتلفت» وبهامش اللسان: قوله من غسان الذي في المحكم من خفان بفتح فشد أيضاً ولعله روي بهما إذ هما موضعان كما في ياقوت وأنشده في ك ف ل خفان تجتابه سدراً، وأنشده في الأساس: «مجتابة سدراً».

(٣) يريد بيت الكمت:

«رحب الغناء ... لمضطرب»

(٤) سورة المزمل الآية ٢٠.

(٥) عن النهاية، وبالأصل «لا يصلح».

(٦) قبل هذه العبارة ورد في القاموس: «وضارب السلم ع باليمامة» وقد استدركه الشارح فيما بعد.

(٧) سورة الكهف الآية ١١.