تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[حبل]:

صفحة 133 - الجزء 14

  وفي الحديثِ: حَبائِلُ اللُّؤْلُؤِ كأَنَّه جَمْعُ حَبلٍ على غيرِ قِياسٍ أو هو تصحيفٌ والصوابُ جَنابِذُ بالجيمِ والذَّالِ وقد تقدَّمَ ذِكْرُه في موضِعِه، هكذا صَرَّحَ به أَكْثَرُ أَهْلِ الغَرِيبِ وتَبِعَهُم أَكْثَرُ شُرَّاحِ البُخَارِيّ. قالَ شيْخُنا: والصوابُ أَنَّها رِوايَة صَحِيحةٌ كما حقَّقَه عِيَاض في المشارِقِ وصَحَّحَه الحافِظُ ابنُ حجر وغَيْرُه. وأَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بنُ محمدِ بنِ حَبْلٍ النَّحَويُّ قاضِي مالِقَةَ [جُنَّ]⁣(⁣١) بعْدَ العِشْرِين وسَبْعُمَائة، وربيعةُ بنُ حاتِمٍ بن سِنَان الحَبْليُّ المِصْرِيُّ محدِّثٌ ووَلَدُه محمَّد بنُ رَبِيعَة سَمِعَ منه أَبُو الحَجَّاجِ المزيّ الحافِظ، وجدُّه حاتِم سَمِعَ من أَحْمَدَ بن معد الاقْلِيشيّ وأَخُوه⁣(⁣٢) عَبْدُ اللهِ بنُ حاتِمٍ سَمِعَ منه المُنْذِرِيُّ وذَكَرَه في مُعْجَمِه وقالَ: مَاتَ سَنَةَ ٦٣٩.

  وككِتابٍ حبال بنُ رُفَيْدَةَ التَّمِيميُّ التَّابعيُّ وهو حبال بنُ أَبي الحَبَّالِ يَرْوِي عن الحَسَنِ وعنه أَبُو إسْحق السُّبَيْعِيّ نَقَلَه ابنُ حَبَّانَ، زَادَ الحافِظُ: ورَوَى عن عائِشَةَ أَيْضاً.

  وكشَدَّادٍ أَبُو إسْحقَ الحَبَّالُ محدِّثُ مِصْرَ وحافِظُها في زَمَنِ الفَاطِميِّينَ وجماعَةٌ آخَرُون يُعْرَفُون بذلِكَ، وهو الذي يَفْتِلُ الحِبَالَ ويَبيْعُها.

  وحَبَلَهُ يَحْبلُهُ حَبْلاً شَدَّه به أي بالحَبْلِ قالَ:

  في الرَّأْسِ منها حبُّه مَحْبُولُ⁣(⁣٣)

  وفي المَثَلِ: يا حابِلُ اذْكُرْ حَلًّا أي يا مَنْ يَشُدُّ الحَبْلَ اذْكُرْ وَقْتَ حَلِّه.

  والحَبْلُ الرَّسَنُ قالَ الله تعالَى: {فِي جِيدِها حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ}⁣(⁣٤) كالمُحَبَّلِ كمُعَظَّمٍ عن ابنِ سِيْدَه وبه فسّرَ قَوْل رُؤْبَة:

  كلُّ جُلالٍ يَمْلأُ المُحَبَّلا⁣(⁣٥)

  ح* حُبولٌ كما في المُحْكَمِ وفي التَّهْذِيبِ والجَمِيْعُ الحبَالُ، وفي الصِّحَاحِ: ويُجْمَعُ على حِبَالٍ وأَحْبُلٍ. والحَبْلُ: الرَّمْلُ المُسْتَطِيْلُ كما في الصِّحَاحِ والمُحْكَمِ، زَادَ الأَزْهَرِيُّ. المجْتَمِعُ الكَثِيرُ العَالِي، وكذلِكَ: حِبَالُ الدَّهْنَاءِ رَمَلاتٌ مُسْتَطِيْلات ويقالُ: جَاؤُا حبلى زرود وهما رَمْلَتَان مُسْتَطِيْلتَان.

  ومن المجازِ: الحَبْلُ: العَهْدُ والذِّمَّةُ والأَمانُ، يقالُ: كانَتْ بَيْنهم حِبَالٌ فقَطَعُوها أي عُهُودٌ وذِمَمٌ وقَوْلُهِ تعالَى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً}⁣(⁣٦) أي بعَهْدِه. وقالَ الرَّاغِبُ واسْتُعِيرَ للموصل⁣(⁣٧) ولكلِّ ما يُتَوَصَّلُ به إلى شيءٍ قالَ: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً}. فحَبْلُه هو الذي معه التَّوَصّل به إليه من القُرْآنِ والنبيِّ⁣(⁣٨) والعَقْلِ وغَيْرِ ذلِكَ، كما إذا اعْتَصَمْت به أَدَّاك إلى جوارِهِ، ويقالُ للعَهْدِ حَبْلٌ. وقالَ أَبُو عُبَيْدٍ: الاعْتِصَامُ بحَبْلِ الله اتباعُ القُرْآنِ وتَرْك الفُرْقة، وإيَّاه أَرَادَ ابنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ تعالى عنه بقَوْلِهِ: «عَلَيْكُم بحَبْلِ الله فَإنَّه كتابُه، قالَ: والحَبْلُ في كلامِ العَرَبِ يتصرفُ⁣(⁣٩) على وُجُوهٍ: منها العَهْدُ وهو الأَمَانُ، وذلِكَ أَنَّ العَرَبَ كانَتْ تُخِيفُ بعضَها بعضاً، فكانَ الرجُلُ إذا أَرَادَ سَفَراً أَخَذَ عَهْداً من سَيِّدِ قَبيلَةٍ فيَأْمَنَ بذلِكَ ما دَامَ في حُدُودِها حتى يَنْتَهِيَ إلى أُخْرَى فيَأْمَنَ بذلِكَ يُرِيدُ به الأَمَانَ فقالَ رَضِيَ الله تعالَى عنه: عَلَيْكُم بكتابِ الله فإنَّه أَمانٌ لَكُم وعَهْدٌ من عَذَابِ الله.

  وقَوْلُه تعالَى: {إِلّا بِحَبْلٍ مِنَ اللهِ وَحَبْلٍ مِنَ النّاسِ}⁣(⁣١٠). قالَ ابنُ عَرَفَةَ: أَرَادَ إلَّا بعَهْدٍ مِنَ الله وعَهْدٍ مِنَ الناسِ، فتِلْكَ ذلتهم تَجْرِي عَلَيهم أَحْكَامُ المُسْلِمِين. وقالَ الرَّاغِبُ: فيه تَنْبيهٌ أَنَّ الكافِرَ يَحْتَاجُ إِلى عَهْدَيْن: عَهْدٍ مِنَ الله وهو أَنْ يكونَ مِنْ أَهْلِ كتابٍ أَنْزَلَهُ الله وإلَّا لم يُقَرَّ على دِينِه ولم يُجْعَلْ في ذمةٍ وإلى عَهْدٍ من الناسِ يَبْذلُونه.

  والحبل الثِّقَلُ عن الأَزْهَرِيِّ.

  والحَبْلُ: الدَّاهِيَةُ ويُكْسَرُ كما سَيَأْتِي.

  والحَبْلُ الوِصالُ والجَمْعُ حِبالٌ ومنه حدِيثُ مبايَعَةِ


(١) زيادة عن التبصير ١/ ٢٤١.

(٢) في التبصير ١/ ٢٩٧ «وعمه» يعني عم محمد، وقوله: وأخوه يعني «أخو ربيعة».

(٣) اللسان بدون نسبة.

(٤) المسد الآية ٥.

(٥) ليس في ديوانه، والرجز في اللسان والتكملة.

(*) كذا بالأصل وفي القاموس: «ج».

(٦) آل عمران الآية ١٠٣.

(٧) المفردات: للوصل.

(٨) لم ترد في المفردات.

(٩) اللسان: ينصرف.

(١٠) آل عمران الآية ١١٢.