تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الحاء المهملة مع اللام

صفحة 170 - الجزء 14

  وقد قالَ عزَّ من قائلٍ: {حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً}⁣(⁣١)، وكأَنَّه إِنَّما جازَ حَمَلَتْ به لمَا كانَ في معْنَى عَلِقَتْ به، ونظيرُه {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ}⁣(⁣٢)، لمَا كانَ في معْنَى الإِفْضاءِ عُدِّي بإِلى.

  وهي حامِلٌ وحامِلَةٌ على النَّسَبِ وعلى الفِعْلِ إِذا كانَتْ حُبْلى، وفي العُبَابِ والتَّهْذِيبِ: مَنْ قالَ حامِلٌ، قالَ هذا نَعْتٌ لا يكونُ إِلَّا للإِناثِ، ومَنْ قالَ: حامِلَةٌ بَنَاها على حَمَلَتْ فهي حامِلَةٌ وأَنْشَدَ المرزبانيُّ:

  تَمَخَّضَتْ المَنُونُ لها بيَوْمٍ ... أَتى ولِكُلِّ حَامِلَة تَمَام⁣(⁣٣)

  فإِذَا حَمَلَتْ شيئاً على ظَهْرِها أَو على رَأَسِها فهي حامِلَةٌ لا غَيْر، لأَنَّ الهاءَ إِنَّما تلْحَقُ للفَرْقِ فأَمَّا ما لا يكون للمُذكَّرِ فقد اسْتُغْني فيه عن علامةِ التأْنيثِ، فإِن أُتى بها فإنَّما هو الأَصلُ، هذا قَوْلُ أَهْلِ الكُوفةِ، وأمَّا أَهْلُ البَصْرَةِ فإِنَّهم يقُولُون هذا غَيْرُ مُسْتمرّ لِأَنَّ العَرَبَ تقُولُ: رجلٌ أَيِّمٌ وامرَأَةٌ أَيِّمٌ، ورجلٌ عانِسٌ وامرَأَةٌ عانِسٌ، مع الإِشْتِراكِ، وقالُوا: والصوابُ أَنْ يقالَ قَوْلهم حامِلٌ وطالِقٌ وحائِضٌ وأَشْبَاه ذلِكَ من الصِّفاتِ التي لا علامَةَ فيها للتَّأْنيثِ، وإِنَّما هي أَوْصافٌ مُذَكَّرة وُصِفَ بها الإِنَاثُ كما أَنَّ الرَّبْعَة والرَّاوِية والخُجَأَة أَوْصافٌ مُؤَنَّثة وُصِفَ بها الذُّكُران.

  والحَمْلُ: ثَمَرُ⁣(⁣٤) الشَّجرِ ويُكْسَرُ، الفَتْحُ والكَسْرُ لُغتانِ عن ابنِ دُرَيْدٍ، نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ وابنُ سِيْدَه.

  وشَجَرٌ حامِلٌ، أو الفتحُ لما بَطَنَ من ثَمَرِهِ، والكَسرُ لِمَا ظَهَرَ منه، نَقَلَه ابنُ سِيْدَه، أَو الفتحُ لمَا كان في بَطْنٍ أو على رأسِ شجرةٍ، والكسرُ لما حُمِلَ على ظَهْرِ أو رَأْسٍ، وهذا قَوْلُ ابنِ السِّكِّيت، ومنه قَوْلُه تعالَى: {وَساءَ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ}⁣(⁣٥) حِمْلاً، كما في العُبَابِ، وقالَ ابنُ سِيْدَه: هذا هو المَعْرُوفُ في اللُّغةِ، وكذا قالَ بعضُ اللُّغَوِيِّين ما كان لازماً للشيءِ فهو حَمْلٌ، وما كان بائِناً فهو حِمْلٌ. أَو ثَمَرُ الشَّجَرِ، الحِمْلُ: بالكسرِ ما لم يَكْبُرْ ويَعْظُمْ فإذا كَبُرَ فبالفتحِ، وهذا قَوْلُ أَبي عُبَيْدَة، ونَقَلَه عنه الأَزْهَرِيُّ في ترْكِيب ش م ل، ثم قَوْلُه ما لم يَكْبُرْ بالمُوَحَّدةِ هكذا في نسخِ الكتابِ؛ وفي نسخِ التَّهْذِيبِ: ما لم يَكْثُرْ بالمُثَلَّثَةِ فانْظُرْ ذلِكَ، ولمَّا لم يطَّلِع شيْخُنا على مَنْ عَزَى إليه هذا القَوْل اسْتَغْرَبه على المصنِّفِ وقالَ: هو قيدٌ غَرِيبٌ؛ ج أَحْمالٌ وحُمولٌ وحِمالٌ بالكسرِ، الأَخِيْرُ جَمْع الحَمْل بالفتحِ، ومنه الحدِيثُ: «هذا الحِمَالُ لا حِمَالُ خَيْبَرَ» يعْنِي ثَمَرَ⁣(⁣٦) الجَنَّةِ وأَنَّه لا يَنْفَدُ كما في المُحْكَمِ وفي التَّبْصِيرِ: هو قَوْلُ الشاعِرِ.

  وشجرةٌ حامِلَةٌ ذاتُ حَمْلٍ.

  والحَمَّالُ: كشَدَّادٍ حامِلُ الأَحْمالِ والحِمَالَةُ ككِتابةٍ حِرْفَتُه كما في المُحْكَمِ.

  والحَمِيلُ: كأَميرٍ الدَّعِيُّ. وأَيضاً الغَريبُ تَشْبيهاً بالسَّيلِ وبالوَلَدِ في البَطْنِ قالَهُ الرَّاغِبُ، وبهما فسَّرَ قَوْلُ الكُمَيْتِ يُعَاتِبُ قُضاعة في تَحَوُّلِهم الى اليَمَنِ:

  عَلامَ نَزَلْتُم من غيرِ فَقْر ... ولا ضَرَّاءَ مَنْزِلةَ الحَمِيل؟⁣(⁣٧)

  والحَمِيلُ: الشِّراكُ وفي نسخةٍ الشَّرِيكُ، والأُوْلَى مُوَافِقَةٌ لِنصِّ العُبَابِ.

  والحَمِيلُ: الكَفِيلُ لكَوْنِه حامِلاً للحقِّ مَعَ مَنْ عَلَيه الحقّ، ومنه الحدِيثُ: «الحَمِيلُ غارِمٌ». والحَمِيلُ: الوَلَدُ في بَطْنِ أُمِّه إذا أُخِذَتْ من أَرْضِ الشِّرْكِ؛ وقالَ ثَعْلَبُ: هو الذي يُحْمَلُ من بلادِ الشِّرْكِ إلى بلادِ الإِسْلامِ فلا يُوَرَّثُ إلَّا بِبَيِّنةٍ.

  والحَمِيلُ من السَّيْلِ ما حَمَلَه من الغُثَاءِ⁣(⁣٣) ومنه الحدِيثُ: «فَيَنْبُتُون كما تَنْبُت الحِبَّة في حَمِيلِ السَّيْلِ».

  والحَمِيلُ: المَنْبُوذُ⁣(⁣٨) يَحْمِلُهُ قومٌ فَيُرَبُّونَهُ، وفي بعضِ


(١) الأحقاف الآية ١٥.

(٢) البقرة الآية ١٨٧.

(٣) اللسان ونسبه لعمرو بن حسان يروى: لخالد بن حقّ. والصحاح والمقاييس ٢/ ١٠٦.

(٤) عن القاموس وبالأصل «تمر».

(٥) اللسان والصحاح والمقاييس ٢/ ١٠٧.

(٦) اللسان والصحاح والمقاييس ٢/ ١٠٧.

(٧) ضبطت في القاموس بالضم، والسياق اقتضى كسرها.

(٨) في عبارة الشارح اختلاف عن عبارة القاموس وسقط في الكلام وتمام العبارة في القاموس: ومن السيل الغثاءُ ومن الثمامِ والوشيج الدابلُ