تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[رحل]:

صفحة 274 - الجزء 14

  وأَنْشَدَ ابنُ بَرِّي لعُمَيْرة بنِ طارِقٍ:

  بفِتْيانِ صِدْقٍ فوقَ جُرْدٍ كأَنَّها ... طَوالِبُ عِقْبان عليها الرَّحائِل⁣(⁣١)

  أَو هو سَرْجٌ من جُلودٍ لا خَشَبَ فيه كان يُتَّخَذُ للرَّكْضِ الشَّديدِ، كما في المُحْكَمِ، قالَ أَبُو ذُؤَيْبٍ:

  تَعْدُو به خَوْصاءُ يَفْصِمُ جَرْيُها ... حَلَقَ الرِّحالةِ وهي رِخْوٌ تَمْزَعُ⁣(⁣٢)

  يقولُ: تَعْدُو فتَزْفِر فتَفْصِم حَلَقَ الحِزَامِ.

  رَحَلَ البعيرَ كمَنَعَ يَرْحَلُه رَحْلاً، وارْتَحَلَهُ: حَطَّ، وفي المُحْكَمِ: جَعَلَ، عليه الرَّحْلَ فهو مَرْحُولٌ ورَحِيلٌ⁣(⁣٣).

  ورَحَلَه رِحْلَةً: شَدَّ عَلَيه أَدَاتَه، قالَ الأَعْشَى:

  رَحَلَتْ سُمَيَّةُ غُدوةً أَجمالَها ... غَضْبَى عليك فما تقولُ بَدَا لَها؟⁣(⁣٤)

  وقالَ المثقَّبُ العَبْدِيُّ:

  إِذا ما قمت أَرْحَلُها بليلٍ ... تَأَوَّهُ آهةَ الرَّجُلِ الحَزِينِ⁣(⁣٥)

  وفي الحدِيثِ⁣(⁣٦): إِنَّ ابِني ارْتَحَلَنِي فكَرِهْت أَنْ أُعْجِلَه، أَي جَعَلَنِي كالرَّحلةِ فَرَكِب على ظَهْرِي.

  وفي التَّهْذِيبِ: رَحَلْت البعيرَ أَرْحَله رَحْلاً إِذا عَلَوْته.

  وقالَ شَمِرٌ: ارْتَحَلْت البعيرَ إِذا رَكِبْته بقَتَبٍ أَو اعْرَوْرَيْته، قالَ الجعدِيُّ:

  وما عَصَيْتُ أَميراً غير مُتَّهَم ... عندِي ولكنَّ أَمْرَ المَرْءِ ما ارْتَحَلا⁣(⁣٧)

  أَي: يَرْتَحلُ الأَمْرَ يَرْكَبُه.

  قالَ شَمِرٌ: ولو أَنَّ رَجلاً صَرَعَ آخَرَ وقَعَدَ على ظَهْرِه لقَلْت رَأَيْته مُرْتَحِله.

  وإِنَّه لحَسَنُ الرِّحْلَةِ، بالكسرِ، أَي الرَّحْلِ للإِبِلِ أَي شَدَّه لرَحْلِها قالَ:

  ورَحَلُوها رِحْلةً فيها رَعَن⁣(⁣٨)

  والرَّحَّالُ: كشَدَّادٍ العالِمُ به المُجيدُ له.

  والمُرَحَّلَةُ*: كمُعَظَّمَةٍ إِبِلٌ عليها رِحالُها، وهي أَيْضاً التي وُضِعَتْ عنها رِحالُها ضِدٌّ، قالَ:

  سوى تَرْحِيلِ رَاحلةٍ وعَيْنٍ ... أُكالِئُها مَخَافةَ أَنْ تَنَاما

  والرَّحولُ والرَّحولَةُ والراحِلَةُ الصالِحَةُ لأَنْ تُرْحَلَ للذَّكَرِ والأُنْثَى، فاعِلَةٌ بمعْنَى مَفْعُولةٍ وقد يكونُ على النّسَبِ. وفي الحدِيثِ: «تَجِدُونَ الناسَ بعْدِي كإِبلٍ مائةٍ ليس فيها راحِلَةٌ»، الرَّاحِلَةُ من الإِبِلِ: القويُّ على الأَسْفارِ والأَحْمالِ، وهي التي يَخْتارُها الرجُلُ لمَرْكَبِهِ ورَحْلِه على النَّجابةِ وتَمَام الخَلْق وحُسْن المَنْظَرِ، وإِذا كانَتْ في جماعَةِ الإِبِلِ تَبَيَّنَت وعُرِفَت.

  قالَ الأَزْهَرِيُّ هذا تَفْسيرُ ابنِ قُتَيْبة وقد غَلَطَ فيه فإِنَّه جَعَلَ الرَّاحِلَة الناقَةَ وليسَ الجَمَل عِنْدَه رَاحِلَة، والرَّحِلَةُ عِنْدَ العَرَبِ كلُّ بعيرٍ نَجِيبٍ، سَواءٌ كانَ ذَكَراً أَو أُنْثَى، وليْسَت الناقَةُ أَوْلى باسمِ الرَّاحِلةِ من الجَمَلِ، تقولُ العَرَبُ للجَمَلِ إِذا كانَ نَجِيباً رَاحِلَة، وجَمْعُه رَوَاحِل، ودُخُول الهاءِ في الرَّاحِلَة للمُبَالغَةِ في الصِّفَةِ، كما تقولُ رجُلٌ داهِيَةٌ وباقِعَةٌ وعلَّامَةٌ.

  وقيلَ: أَنَّما سُمِّيَت رَاحِلَة لأَنَّها تُرْحَلُ كما قالَ اللهُ تعالَى: {فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ}⁣(⁣٩) أَي مَرْضِيَّةٍ، و {ماءٍ دافِقٍ}⁣(⁣١٠)، أَي مَدْفُوق.

  وقيلَ: لأَنَّها ذاتُ رَحْلٍ، وكذلِكَ: {عِيشَةٍ راضِيَةٍ}، أَي ذاتُ رضاً، و {ماءٍ دافِقٍ} ذي دَفْقٍ.


للبيد بن ربيعة، والبيت في ديوان لبيد ط بيروت ص ١٨ برواية: على الأظراب.

(١) اللسان.

(٢) ديوان الهذليين ١/ ١٦ برواية: «فهي رخو» واللسان.

(٣) قوله: «فهو مرحول ورحيل» هذه العبارة في متن القاموس، وقد وضعها الشارح خارج الأقواس على أنها ليست من القاموس، وهو خطأ.

(٤) ديوانه ط بيروت ص ١٥٠ واللسان.

(٥) اللسان والصحاح.

(٦) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله: وفي الحديث الخ أوله كما في اللسان أن النبي سجد فركبه الحسن فأبطأ في سجوده، فلما فرغ سئل عنه، فقال: إن ابني الخ.

(٧) اللسان.

(٨) اللسان بدون نسبة.

(*) بالأصل ليست من القاموس.

(٩) سورة القارعة الآية ٧.

(١٠) سورة الطارق الآية ٨.