تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل العين المهملة

صفحة 199 - الجزء 2

  ويُؤْكَلُ يُقال لَهُ: لَثَى الثُّمَامِ فإِنْ أَتَى عَلَيْه الزَّمَان تَنَاثَر في أَصْلِ الثُّمَام فيُؤْخَذُ بِتُرَابهِ ويُجْعَلُ في ثَوْبٍ ويُصَبُّ عَلَيْهِ المَاءُ ويُشْخَلُ⁣(⁣١)، به ثم يُغْلى بالنَّارِ حَتَّى يَخثر ثُمَّ يُؤْكَلُ. وَمَا سَالَ منه فَهُوَ العَبِيبَةُ. وقد تَعَبَّبْتُهَا أَي شَرِبْتُهَا. هذا نَص لِسَانِ الْعَرَبِ.

  والعَبِيبَةُ: الرِّمْثُ، بالكَسْر والمُثَلَّثَةِ: مَرْعًى للإِبِل كَمَا يَأْتِي لَهُ إِذَا كَانَ في وَطَاءٍ مِنَ الأَرْضِ.

  والعُبِّيَّةُ بالضَّمِّ وبالْكَسْرِ فَهُمَا لُغَتَانِ ذَكَرَهما غَيْرُ وَاحِد مِنَ اللُّغَوِيِّين ويُوهِمُ إِطْلَاقُ المُؤَلِّف لُغَةِ الفَتْح وَلَا قَائِلَ بِهَا أَحَدٌ مِنَ الأَئِمَةِ: فَلَوْ قَالَ بالضَّمِّ ويُكْسَر لَسَلِمَ من ذَلكَ.

  وفي كلامِ شَيْخِنا إِشَارَةٌ إِلى ذَلِك بِتَأَمُّلٍ الكِبْرُ والفَخرُ والنَّخْوَةُ حَكَى اللِّحْيَانِيُّ: هَذِه عُبِّيَّةُ قُرَيْشٍ وعِبِّيَّةُ. ورَجُلٌ فيه عُبِّيَّةٌ وعِبِّيَةٌ أَي كِبْر وتَجَبر⁣(⁣٢). وعُبِّيَّةُ الجَاهِلية: نَخْوَتُها.

  وفي الحديث «إِنَّ اللهَ وَضَعَ عَنكُم عُبِّيَّةَ الجَاهِليَّة» يَعْنِي الكِبْر، وَهِي فعُّولَة أَو فُعِّيلَة فإِنْ كَانَت فُعُّولَة فَهِي من التَّعْبِيَةِ، لأَنَّ المُتَكَبِّر ذُو تَكَلُّفٍ وتَعْبِيَةٍ خِلَافُ المُسْتَرْسِلِ عَلَى سَجِيَّتِه. وإِنْ كَانَتْ فُعِّيلَة فَهِي مِنْ عُبَابِ المَاءِ وهو أَوَّلُه وارْتِفَاعُه⁣(⁣٣)، كَذَا في التَّهْذِيبِ ولِسَانِ الْعَرَبِ. وفي الفَائِقِ أَبْسَطُ مِمَّا ذَكَرَا.

  والعَبْعَبُ كجَعْفَرٍ: نَعْمَةُ الشَّبَابِ، والشَّابُّ المُمْتَلِئُ الشَّبَاب. وَشَبَابٌ عَبْعَبٌ: تَامٌّ. قال العَجَّاجُ:

  بَعْدَ الجَمَالِ والشَّبَابِ العَبْعَبِ⁣(⁣٤)

  والعَبْعَبُ: ثَوْبٌ وَاسِعٌ، نقله الصَّاغَانِيُّ والعَبْعَبُ: كِسَاءٌ غَلِيظٌ كَثِيرٌ الغَزْلِ نَاعِمٌ يُعْمَلُ مِن وَبَرِ الإِبِلِ وقَالَ اللَّيْثُ: العَبْعَبُ مِنَ الأَكْسِيَةِ: النَّاعِمُ الرَّقِيقُ. قَالَ الشَّاعِرُ:

  بُدِّلْتِ بَعْدَ العُرْيِ والتَّذَعْلُبِ ... ولُبْسِكِ العَبْعَبَ بَعْدَ العَبْعَبِ

  نَمَارِقَ الخَزِّ فجُرِّي وَاسْحَبِي

  وقيل: كَسَاءٌ مُخَطَّطٌ. وأَنْشَدَ ابْن الأَعْرَابِيّ:

  تَخَلُّجَ المَجْنُونِ جَرَّ العَبْعَبَا

  وقِيلَ: هُو كِسَاءٌ مِنْ صُوفٍ.

  والعَبْعَبُ: صَنمٌ لقُضَاعَةَ ومَنْ دَانَاهُم، وقد يُقَال بَالغَيْنِ المُعْجَمَة كمَا سَيَأْتِي. وعَبْعَبٌ اسْمٌ رَجُل ورُبَّمَا سُمّيَ العَبْعَب مَوْضِع الصَّنَم والعَبْعَبُ: التَّيْسُ مِنَ الظِّبَاءِ والعَبْعَبُ: الرَّجُلُ الطَّوِيلُ، كالْعَبْعَابِ بالفَتْح.

  والأَعَبُّ: الفَقِيرُ. والغَلِيظُ الأَنْفِ أَيْضاً، نَقَلَهُمَا الصَّاغَانِيُّ.

  وفي النَّوَادِرِ: العَبْعَابُ، كالقَبْقَابِ: الرَّجُلُ الوَاسِعُ الحَلْق والجَوْفِ الجَلِيلُ الْكَلامِ، والعَبْعَابُ: الشَّابُّ التَّامُّ الحَسَنِ الخَلْقِ بفَتْح الخَاءِ: وأَنْشَدَ شَمِرٌ:

  بعد شَبَابٍ عَبْعَبِ التَّصْوِيرِ

  أَي ضَخْم الصُّورَةِ.

  وَعبُّ الشَّمْسِ بالتَّشْدِيدِ عَلى قَوْلِ بَعْض ويُخَفَّفُ وهُو المَعْرُوفُ المَشْهُورُ ضَوْؤُهَا أَي الشَّمْس، وقَالَ الأَزْهَرِيُّ: عَبُّ الشَّمْسِ: ضَوْءُ الصُّبْحِ وَعَلَى التَّخْفِيفِ قَالَ الشَّاعِر:

  ورَأْسُ عَبِ الشَّمْسِ المَخُوفُ ذِمَاؤُهَا

  وقَال الأَزْهَرِيّ في عَبْقَر عِنْدَ إِنْشَادِه:

  كَأَنَّ فَاهَا عَبُّ فُرٍّ بَارِدِ ... قال: وبِهِ سُمِّيَ عَبْشَمْسٌ.

  وفِي لِسَانِ الْعَرَبِ: وَقَوْلُهُم: عَبُّ شَمْس أَرَادُوا عَبْدَ شَمْسٍ. قال ابن شُمَيْل: وفي سَعْدٍ بَنُو عَبِّ الشَّمْسِ، وفي قُرَيْشٍ بَنُو عَبْدِ الشمْسِ.

  وذُو عُبَبٍ كصُرَد: وَادٍ.

  والعُبَبُ: حَبُّ الكَاكَنْج، وإِنَّمَا لم يَضْبطْه اعْتِمَاداً عَلَى ضَبْطِ مَا قَبْلَه. وأَخْطَأَ مَنْ رَأَى ظَاهِرَ الإِطْلَاق فَضَبَطَه مُحَرِّكَةً، ثم إِن الكَاكَنْج، عَلى مَا قَالَه غَيرُ وَاحِدٍ مِن الأَئِمَّة:


(١) عن اللسان، وبالأصل «ويسحل».

(٢) اللسان: وفخر.

(٣) قال الهروي: قال بعض أصحابنا هو من العَب. وقال الأزهري: بل هو مأخوذ من العَبِ وهو النور والضباء، ويقال: هذا عَبُ الشمس وأصله عَبْوُ الشمس».

(٤) بهامش المطبوعة المصرية: «قال في التكملة: وليس للعجاج على هذا الروي إلا أرجوزة واحدة هي:

هل تعرف الدار لأم جندب

وليس هذا المشطور فيها، وإنما الرواية:

«من الجمال والشباب العبعبا ..»