فصل الظاء المشالة مع اللام
  بَيْهَس في إخْوتِه المَقْتُولِين لمَّا قالُوا: ظَلِّلوا لَحْمَ جَزُورِكم، نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ.
  وقَوْلُه تعالَى: {وَظَلَّلْنا عَلَيْكُمُ الْغَمامَ}(١)، قيلَ: سَخَّرَ اللهُ لهُم السَّحابَ يُظِلُّهم حتى خَرَجُوا إلى الأَرْضِ المقدَّسَةِ، والاسمُ الظَّلالَةُ بالفتحِ.
  وقَوْلُهم: مَرَّ بنا كأَنَّه ظِلُّ ذِئْبٍ أَي سَرِيعاً كَسُرْعَةِ الذِّئْبِ.
  والظُّلَلُ، بُيوتُ السِّجْنِ، وبه فُسِّرَ قَوْلُ الرَّاجِزِ:
  وَيْحَكَ يا عَلْقَمَةُ بنُ ماعِزِ
  هَلْ لَكَ في اللَّواقِحِ الحَرَائِزِ
  وفي اتِّباعِ الظُّلَل الأَوَارِزِ؟(٢) وفي الحدِيثِ: «الجَنَّةُ تحْتَ ظلالِ السُّيوفِ، كِنايةٌ عن الدُّنُوِّ من الضِّرَابِ في الجِهادِ حتى يَعْلُوَه السَّيفُ ويَصِيرَ ظِلُّه عليه.
  وفي آخَرَ: السُّلْطانُ ظِلُّ اللهِ في الأَرْضِ لأَنَّه يَدْفَعُ الأَذَى عن الناسِ كما يَدْفَعُ الظِّلُّ أَذَى حَرِّ الشمسِ، وقيلَ: معْناهُ سِتْر اللهِ، وقيلَ: خاصَّة اللهِ، وقَوْلُ عَنْتَرَةَ:
  ولقد أَبِيتُ على الطَّوى وأَظلّه
  حتى أَنالَ به كَرِيمَ المأْكَلِ(٣)
  أَرَادَ: وأَظَلُّ عليه، نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ.
  ويقالُ: انْتَعَلَتِ المَطَايا ظِلالُها إذا انْتَصَفَ النَّهارُ في القَيْطِ فلم يَكُنْ لها ظِلٌّ، قالَ الرَّاجِزُ:
  قد وَرَدَتْ تَمْشِي على ظِلالِها
  وذَابَتِ الشَّمْس على قِلالِها(٤)
  وقالَ آخَرُ مِثْلِه:
  وانْتَعَلَ الظِّلَّ فكانَ جَوْرَبا
  والمِظل: ماءٌ في دِيارِ بَنِي أَبي بَكْرِ بنِ كِلابٍ قالَهُ نَصْر.
  والمُسْتَظِلُّ: لَحْمٌ رَقيقٌ لازِقٌ ببَاطِنِ المَنْسِم من البَعيرِ، نقله الأَزْهَرِيُّ عن أَعْرَابيٍّ من طيِّءٍ قالَ: وليْسَ في البَعيرِ مُضْغة أَرَقُّ ولا أَنْعَم منها غَيْر أَنَّه لا دَسَم فيه. وقالَ أَبو عُبَيْدٍ في بابِ سُوءِ المُشَاركَةِ في اهْتمامِ الرَّجُل بشأْنِ أَخِيه: قالَ أَبو عُبَيْدَةَ: إذا أَرَادَ المَشْكُوُّ إليه أَنَّه في نَحْوٍ ممَّا فيه صاحِبُه الشاكي قالَ له إن يَدْمَ أَظَلُّكَ فقد نَقِبَ خُفَّي، يقولُ: إنَّه في مِثْل حالِكَ. والمِظَلَّةُ ما تَسْتَظِلُّ به المُلُوك عنْدَ رُكُوبِهم، وهي بالفارِسِيَّةِ جتر.
  والظّلّيلة، مُشَدَّدَة اللامِ: شيءٌ يَتَّخذُه الإِنْسان من شَجَرٍ أَو وثَوْبٍ يَسْتَتِرُ به من حَرِّ الشمسِ عامِيَّةٌ. وأَيْكَة ظلِّيلةٌ: مُلْتَفّة.
  وهذا مناخِي ومَحَلّي وبَيْتي ومظلِّي. ورَأَيْت ظِلَالةً من الطَّيرِ، بالكسرِ، أي غَيَابَة(٥).
  وانْتَقَلْت(٦) عن ظلِّي أَي هُجِّرْتُ عن حالَتِي وهو مجازٌ. وكذا هو يَتْبَعُ ظِلّ نَفْسه(٧) وأَنْشَدَنا بعضُ الشيوخِ:
  مثل الرزق الذي تتبعه
  مثل الظل الذي يمشي مَعَكْ
  أَنتَ لا تُدْركه متبعاً
  فإذا وليتَ عنه تَبعَكْ
  وهو يُبَارِي ظِلّ رأْسِه إذا اخْتَالَ وهو مجازٌ كما في الأَسَاسِ.
  وأَظَلّه: أَدْخَلَه في ظِلِّه أَي كَنَفِهِ.
  وقَوْلُه تعالَى: {لا ظَلِيلٍ}(٨) أي لا يفيد فائدة الظل في كونِه راقِياً عن الحَرِّ ويُرْوَى أَنَّ النبيَّ ﷺ: كان إذا مَشَى لم يَكُن له ظِلّ، ولهذا تَأْوِيل يَخْتَص بغير هذا الكتابِ.
  وظلّ اليَوْمِ وأَظَلّ: صَارَ ذا ظلٍّ وأَيْضاً دَامَ ظِلّه.
  وظلّ الشيءُ طَالَ.
  والظُّلْظُلُ، كقُنْقُذٍ: ما يُسْتَرُ به من الشمسِ قالَهُ اللّيْثُ.
(١) سورة البقرة الآية ٥٧.
(٢) اللسان.
(٣) ديوانه ط بيروت ص ٥٧ واللسان وصدره في الصحاح.
(٤) اللسان والأساس.
(٥) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله: وانتقلت الخ كذا بخطه والذي في الأساس: وانتلعت ظلي أي هجرت قال:
قد وردت تمشي على ظلالها
وذابت الشمس على قلالها
وقد تقدم في الشارح».
(٦) في الأساس: «غياية» وضبطت فيه ظلالة بالقلم بفتح الظاء.
(٧) في الأساس: لِمَّتَه.
(٨) المرسلات الآية ٣١.