تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الظاء المشالة مع اللام

صفحة 456 - الجزء 15

  بَيْهَس في إخْوتِه المَقْتُولِين لمَّا قالُوا: ظَلِّلوا لَحْمَ جَزُورِكم، نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ.

  وقَوْلُه تعالَى: {وَظَلَّلْنا عَلَيْكُمُ الْغَمامَ}⁣(⁣١)، قيلَ: سَخَّرَ اللهُ لهُم السَّحابَ يُظِلُّهم حتى خَرَجُوا إلى الأَرْضِ المقدَّسَةِ، والاسمُ الظَّلالَةُ بالفتحِ.

  وقَوْلُهم: مَرَّ بنا كأَنَّه ظِلُّ ذِئْبٍ أَي سَرِيعاً كَسُرْعَةِ الذِّئْبِ.

  والظُّلَلُ، بُيوتُ السِّجْنِ، وبه فُسِّرَ قَوْلُ الرَّاجِزِ:

  وَيْحَكَ يا عَلْقَمَةُ بنُ ماعِزِ

  هَلْ لَكَ في اللَّواقِحِ الحَرَائِزِ

  وفي اتِّباعِ الظُّلَل الأَوَارِزِ؟⁣(⁣٢) وفي الحدِيثِ: «الجَنَّةُ تحْتَ ظلالِ السُّيوفِ، كِنايةٌ عن الدُّنُوِّ من الضِّرَابِ في الجِهادِ حتى يَعْلُوَه السَّيفُ ويَصِيرَ ظِلُّه عليه.

  وفي آخَرَ: السُّلْطانُ ظِلُّ اللهِ في الأَرْضِ لأَنَّه يَدْفَعُ الأَذَى عن الناسِ كما يَدْفَعُ الظِّلُّ أَذَى حَرِّ الشمسِ، وقيلَ: معْناهُ سِتْر اللهِ، وقيلَ: خاصَّة اللهِ، وقَوْلُ عَنْتَرَةَ:

  ولقد أَبِيتُ على الطَّوى وأَظلّه

  حتى أَنالَ به كَرِيمَ المأْكَلِ⁣(⁣٣)

  أَرَادَ: وأَظَلُّ عليه، نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ.

  ويقالُ: انْتَعَلَتِ المَطَايا ظِلالُها إذا انْتَصَفَ النَّهارُ في القَيْطِ فلم يَكُنْ لها ظِلٌّ، قالَ الرَّاجِزُ:

  قد وَرَدَتْ تَمْشِي على ظِلالِها

  وذَابَتِ الشَّمْس على قِلالِها⁣(⁣٤)

  وقالَ آخَرُ مِثْلِه:

  وانْتَعَلَ الظِّلَّ فكانَ جَوْرَبا

  والمِظل: ماءٌ في دِيارِ بَنِي أَبي بَكْرِ بنِ كِلابٍ قالَهُ نَصْر.

  والمُسْتَظِلُّ: لَحْمٌ رَقيقٌ لازِقٌ ببَاطِنِ المَنْسِم من البَعيرِ، نقله الأَزْهَرِيُّ عن أَعْرَابيٍّ من طيِّءٍ قالَ: وليْسَ في البَعيرِ مُضْغة أَرَقُّ ولا أَنْعَم منها غَيْر أَنَّه لا دَسَم فيه. وقالَ أَبو عُبَيْدٍ في بابِ سُوءِ المُشَاركَةِ في اهْتمامِ الرَّجُل بشأْنِ أَخِيه: قالَ أَبو عُبَيْدَةَ: إذا أَرَادَ المَشْكُوُّ إليه أَنَّه في نَحْوٍ ممَّا فيه صاحِبُه الشاكي قالَ له إن يَدْمَ أَظَلُّكَ فقد نَقِبَ خُفَّي، يقولُ: إنَّه في مِثْل حالِكَ. والمِظَلَّةُ ما تَسْتَظِلُّ به المُلُوك عنْدَ رُكُوبِهم، وهي بالفارِسِيَّةِ جتر.

  والظّلّيلة، مُشَدَّدَة اللامِ: شيءٌ يَتَّخذُه الإِنْسان من شَجَرٍ أَو وثَوْبٍ يَسْتَتِرُ به من حَرِّ الشمسِ عامِيَّةٌ. وأَيْكَة ظلِّيلةٌ: مُلْتَفّة.

  وهذا مناخِي ومَحَلّي وبَيْتي ومظلِّي. ورَأَيْت ظِلَالةً من الطَّيرِ، بالكسرِ، أي غَيَابَة⁣(⁣٥).

  وانْتَقَلْت⁣(⁣٦) عن ظلِّي أَي هُجِّرْتُ عن حالَتِي وهو مجازٌ. وكذا هو يَتْبَعُ ظِلّ نَفْسه⁣(⁣٧) وأَنْشَدَنا بعضُ الشيوخِ:

  مثل الرزق الذي تتبعه

  مثل الظل الذي يمشي مَعَكْ

  أَنتَ لا تُدْركه متبعاً

  فإذا وليتَ عنه تَبعَكْ

  وهو يُبَارِي ظِلّ رأْسِه إذا اخْتَالَ وهو مجازٌ كما في الأَسَاسِ.

  وأَظَلّه: أَدْخَلَه في ظِلِّه أَي كَنَفِهِ.

  وقَوْلُه تعالَى: {لا ظَلِيلٍ}⁣(⁣٨) أي لا يفيد فائدة الظل في كونِه راقِياً عن الحَرِّ ويُرْوَى أَنَّ النبيَّ : كان إذا مَشَى لم يَكُن له ظِلّ، ولهذا تَأْوِيل يَخْتَص بغير هذا الكتابِ.

  وظلّ اليَوْمِ وأَظَلّ: صَارَ ذا ظلٍّ وأَيْضاً دَامَ ظِلّه.

  وظلّ الشيءُ طَالَ.

  والظُّلْظُلُ، كقُنْقُذٍ: ما يُسْتَرُ به من الشمسِ قالَهُ اللّيْثُ.


(١) سورة البقرة الآية ٥٧.

(٢) اللسان.

(٣) ديوانه ط بيروت ص ٥٧ واللسان وصدره في الصحاح.

(٤) اللسان والأساس.

(٥) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله: وانتقلت الخ كذا بخطه والذي في الأساس: وانتلعت ظلي أي هجرت قال:

قد وردت تمشي على ظلالها

وذابت الشمس على قلالها

وقد تقدم في الشارح».

(٦) في الأساس: «غياية» وضبطت فيه ظلالة بالقلم بفتح الظاء.

(٧) في الأساس: لِمَّتَه.

(٨) المرسلات الآية ٣١.