تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[فيل]:

صفحة 593 - الجزء 15

  بالغَيْبةِ، وهو الياءُ، وعدلَ إلى الخِطابِ البتَّة فقالَ تُفَيَّل بالتاءِ، أَي لم تُفَيَّل أَنْت؟

  ورجُلٌ فِيلُ الرأْيِ والفِراسَةِ، بالكسر والفتح وككَيِّسِ، وهذا عن ابنِ السِّكِّيت، وفالُهُ وفائِلُه وفالٌ، من غيرِ إضافةٍ، أَي ضَعيفُه، أَي الرَّأْي مُخْطِئُ الفِراسَةِ، ج أَفْيالٌ. ويقالُ أَيْضاً: فَيْأَلُ الرأْي، كحَيْدَرٍ، وقد ذُكِرَ في ف أ ل شاهِدُ الفِيل قَوْل الكُمَيْت:

  بني رَبِّ الجَوادِ فلا تَفِيلوا

  فما أَنْتم فنَعْذِرَكُم لفِيل⁣(⁣١)

  رَبّ الجَوادِ: رَبيعَة الفَرَس.

  وشاهِدُ الفَالِ قوْلُ جَرِيرٍ:

  رأَيكُ يا أُخَيْطِل إذْ جَرَيْنا

  وجُرِّبَت الفِراسَةُ كنتَ فَالا⁣(⁣٢)

  وقالَ أَبو عُبَيْدَةَ: الفَائِلُ مِن المُتفرِّسِيْن الذي يظَنُّ ويُخْطِئُ، قالَ: ولا يُعَدّ فَائِلاً حتى يَنْظرَ إلى الفَرَس في حالاتِه كُلِّها ويَتَفَرَّسَ فيه، فإن أَخْطَأَ بعدَ ذلِكَ فهو فارِسٌ غيرُ فَائِلٍ.

  وفي رَأَيهِ فَيالَةٌ، كسَحابَةٍ وفُيولَةٌ، بالضمِّ: أَي ضَعْفٌ.

  وفي الحَديثِ: «إنْ تَمَّمُوا على فِيَالة هذا الرّأْي انْقَطَعَ نِظامُ المُسْلِمين»؛ قالَهُ⁣(⁣٣) عليٌّ يَصِفُ أَبا بكْرٍ ®؛ وأَنْشَدَ ابنُ بَرِّي لأُفْنُون التَّغْلبيّ:

  فالُوا عليَّ ولم أَمْلِك فَيالَتهم

  حتى انْتَحَيْت على الأَرْساغ والفُنَنِ⁣(⁣٤)

  والمُفايَلَةُ والفِيَالُ بالكسْرِ والفتحِ غَيْر مَهْمُوزَيْن، عن اللّيْث فالَ: فمَنْ فَتَح جَعَلَه اسْماً، ومَنْ كَسَرَ جَعَلَه مَصْدراً: لُعْبَةٌ لفِتْيانِ العَرَبِ، وقيلَ: لصِبْيانِهم بالتُّرابِ يُخَبِئُونَ الشيءَ فيه ثم يقسِمونَه قسْمَيْن ثم يقولُ الخَابِئُ لصاحِبِه: في أَيِّ القسْمَيْن هو؟ وتَقَدَّمَ في «ف أ ل»، فإذا أَخْطَأَ قيلَ له: فالَ رأْيُكَ؛ وقالَ طرَفَةُ:

  يَشُقُّ حَبَابَ الماءِ حَيْزُومها بها

  كما قَسَمَ التُّرْبَ المُفايِلُ باليَدِ⁣(⁣٥)

  وقالَ بعضُهم: يقالُ لهذه اللّعْبةِ الطُّبَن والسُّدَّر.

  وقالَ ابنُ بَرِّي: والفِئالُ مِن الفَأْل بالظَّفرِ، ومَن لم يَهْمزْ جَعَلَه مِن فالَ رَأْيُه إذا لم يظْفَرْ، قالَ: وذَكَرَه النَّحَّاسُ فقالَ: الفِيَالُ مِن المُفايَلَةِ ولم يَقُل مِن المُفاءَلَةِ.

  قلْتُ: وقد هَمَزَ شَمِرٌ الفِيَال وقد تَقَدَّمَ.

  والفائِلُ: اللَّحْمُ الذي على خُرْبِ الوَرِكِ، نَقَلَه أَبو عُبَيْدٍ، أَو عِرْقٌ.

  وفي الصِّحاحِ: وكان بعضُهم يَجْعلُ الفَائِل عِرْقاً في الفخذِ، نَقَلَه عن أَبي عُبَيْدٍ؛ وأَنْشَدَ للراجزِ وهو هميانُ:

  كأنَّما يَيْجَعُ عِرْقاً أَبْيَضِهْ

  ومُلْتَقى فائِله ومَأْبُضِهْ⁣(⁣٦)

  وهُما عِرْقانِ في الفخذِ.

  وقيلَ: الفَائِلَتانِ⁣(⁣٧) مُضْغَتانِ من لَحْمٍ أَسْفَلُهُما على الصَّلَوَيْنِ من لَدُنْ أَدْنَى الحَجَبَتَبْنِ إلى العَجْبِ مُكْتَنِفَتَا العُصْعُصِ مُنْحَدِرتانِ في جانِبَيِ الفَخِذَينِ، وهُما من الفَرَسِ كَذلِكَ، أَو هُما عِرْقانِ مُسْتَبْطِنانِ حاذِيَ الفَخِذِ.

  وقالَ الأَصْمَعِي في كتابِ الفَرسِ: وفي الوَرِكِ الخُرْبة وهي نقْرَةٌ فيها لَحْم لا عَظْم فيها، وفي تلْكَ النّقْرةِ الفَائِل، قالَ: وليسَ بينَ تِلْك النّقْرةِ وبينَ الجَوْف عَظْمٌ إنّما هو جلْدٌ ولحْمٌ، وأَنْشَدَ للأَعْشَى:

  قد نَخْضِبُ العيرَ من مَكْنون فائِلِه

  وقد يَشِيطُ على أَرْماحِنا البَطَل⁣(⁣٨)


(١) اللسان والصحاح والمقاييس ٤/ ٤٦٧ والتهذيب.

(٢) اللسان والتهذيب والأساس وفي الصحاح بدون نسبة.

(٣) بهامش المطبوعة المصرية: «عبارة اللسان: وفي حديث علي يصف أبا بكر ®: كنت للدين يعسوباً أولاً حين نفر الناس عنه وآخراً حين فيلوا ثم قال: وفي حديث الآخر: إن تمموا الخ».

(٤) مفضلية رقم ٦٦ بيت رقم ٣ وفيها «الأرساغ والثنن» والثن جمع ثُنّة وهي الشعر في مآخير الحوافر، وانظر اللسان.

(٥) من معلقته، واللسان والمقاييس ٤/ ٤٦٧ وعجزه في التهذيب.

(٦) اللسان والصحاح وفيهما: وأبضه.

(٧) في اللسان: الفائِلان: مُضَيْغَتَان.

(٨) ديوانه ط بيروت ص ١٤٩ برواية:

قد نطعن العير في مكنون فائله

واللسان والصحاح، وصدره في التهذيب.