[نغبل]:
  وفي التَّنْزيلِ العَزيزِ: {يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ}(١)؛ يقالُ هي الغَنائِمُ.
  قالَ الأزْهرِيُّ: سُمِّيَت بها لأَنَّ المُسْلمينَ فُضِّلوا بها على سائِرِ الأُمَمِ الَّذِين لم تحلَّ لهم الغَنَائِم.
  والنَّفَلُ: نَبْتٌ من أَحْرارِ البُقولِ ومن سطاحِه ينْبُتُ مُتَسَطِّحاً وله حَسَكٌ تَرْعاه القَطَا، وهو مِثْلُ القَتِّ، ونَوْرُهُ أَصْفَرُ طَيِّبُ الرَّائِحَةِ، واحِدَتُه نَفَلَةٌ، قالَهُ أَبو حَنيفَةَ، وأَنْشَدَ الجوْهَرِيُّ للقطاميّ:
  ثم استمرَّ بها الحادِي وجَنَّبها
  بَطْنَ التي نَبْتُها الحَوْذانُ والنَّفَلُ(٢)
  وقالَ ابنُ الأَعْرَابيّ: النَّفَلَةُ تكونُ مِن الأحْرارِ ومِن الذُّكُور وفي طِيبِ رِيحهِا يقولُ:
  وما ريح روض ذي أقاحٍ وحنوةٍ
  وذي نَفَلٍ من قلّة الحزنِ عازبِ
  بأطيب من هند إذا ما تمايلت
  من الليل وسنى جانباً بعد جانبِ
  وقوْلُه: تَسْمَنُ عليه الخَيْلُ الذي قالَهُ أَبو نَصْر، النَّفَلُ قَتُّ البُرِّ تأْكُلُه الإِبِلُ وتَسْمَنُ عليه.
  والنُّفَلُ، كصُرَدٍ: ثَلاثُ لَيالٍ من الشَّهْرِ بعدَ الغُرَرِ وهي الليةُ الرَّابعةُ والخَامسةُ والسَّادسةُ مِن الشَّهْرِ، وإنَّما سُمِّيَت بذلِكَ لأنَّ الغُرَرَ كانت الأصْل وصارَتْ زِيادَة النُّفَل زِيادَة على الأصْلِ.
  ونَفَلَةُ النَّفَل ونَفَّلَهُ تَنْفيلاً وأَنْفَلَهُ إنْفالاً: أَعْطاهُ إيَّاه، أَي النَّفَل. وفي الحَدِيْث: أَنَّه، ﷺ، نَفَّلَ السَّرَايا في البَدْأَةِ الرُّبُعَ وفي الرَّجْعةِ(٣) الثُّلُثَ، أَي كان إذا نَهَضَت سرِّيَّة مِن جمْلَةِ العَسْكرِ المُقْبل على العَدُوِّ فأَوْقَعَت نَفلَها الرُّبُع ممَّا غَنِمَتْ، وإذا فَعَلَت ذلِكَ عنْدَ قُفولِ العَسْكرِ نَفلَها الثُّلُثَ، لأنَّ الكَرَّةَ الثانيةَ أَشَقّ والخطَّة فيها أَعْظَم.
  ونَفَلَ نَفلاً: حَلَفَ؛ ومنه حَدِيْث عليٍّ، رَضِيَ اللهُ تعالَى عنه: «لَوَدِدْتُ أَنَّ بنِي أُمَيَّةَ رَضُوا ونَفَّلْناهم خَمْسين مِن بَنِي هاشِمٍ يَحْلِفُون ما قَتَلْنا عُثْمان ولا نَعْلَم له قاتِلاً»؛ أَي حَلَفْنا لهم خَمْسِين على البَرَاءَةِ.
  ويُحْكَى أَنَّ الجُمَيْح لَقِيَه يزيدُ بنُ الصَّعقِ فقالَ له يزيدُ: هَجَوْتَنِي؛ فقالَ: له والله، قالَ: فانْفلْ. قالَ: لا أَنْفل، فضَرَبَه يَزيدُ.
  ونَفَلَ نَفَلاً: أَعْطَى نافِلَةً من المَعْروفِ.
  ونَفَّلَ الإِمامُ الجُنْدَ: جَعَلَ لهم ما غَنِموا.
  والنَّافِلَةُ: الغَنيمَةُ، قالَ أَبو ذُؤَيْب:
  فإِنْ تَكُ أُنْثى من مَعَدٍّ كريمةً
  علينا فقد أَعطيت نافِلَة الفَضْلِ(٤)
  والنَّافِلَةُ: العَطِيَّةُ عن يدٍ قال لَبيدُ:
  لله نافِلَةُ الأَجَلِّ الأَفْضَلِ(٥)
  قالَ شَمِرٌ: يريدُ فَضْل ما ينفِّلُ مِن شيءٍ.
  ورجُلٌ كثيرُ النَّوافِل أَي العَطايَا والفَواضِل.
  وكلُّ عَطِيَّة تَبَرَّع بها مُعْطِيها مِن صَدقَةٍ أَو عَمَلِ خَيْرٍ فهي نافِلَةٌ.
  والنَّافِلَةُ: ما تَفْعَلُهُ مما لم يَجِبْ عليك، ومنه نافِلَةُ الصَّلاة، كالنَّفْلِ، سُمِّيَت صَلاةُ التَّطوُّع نافِلَة ونفلاً لأَنَّها زِيادَةُ أَجْرٍ لهم على ما كُتِبَ لهم مِن ثوابِ ما فرضَ عليهِم؛ ومنه قوْلُه تعالَى: {فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ}(٦).
  قالَ الفرَّاءُ: ليْسَتْ لأَحدٍ نافِلَةٌ إِلَّا للنبيِّ، صلَّى اللهُ تعالَى عليه وسلَّم، قد غفرَ له ما تقدَّم مِن ذنْبِه وما تأَخَّرَ فعمَلُه نافِلَةٌ.
  وقالَ الزَّجَّاجُ: هذه نافِلَةٌ زيادَة للنبيِّ، صلَّى اللهُ تعالَى عليه وسلَّم، خاصَّةً ليْسَتْ لأَحَدٍ لأَنَّ اللهَ تعالَى أَمَرَه أَن يزْدادَ في عبادَتِه على ما أَمَرَ به الخَلْق أَجْمعِيْن لأَنَّه فَضَّلَه عليهم، ثم وَعَدَه أَن يبعَثَه (مَقاماً مَحْمُوداً).
(١) سورة الأنفال الآية ١.
(٢) اللسان وفي الصحاح جزء من عجزه.
(٣) التهذيب واللسان: «القفلة» وهما بمعنى.
(٤) ديوان الهذليين ١/ ٣٧ واللسان.
(٥) ديوانه ط بيروت ص ١٢٦ وعجزه فيه:
وله العُلى وأثبت كلّ مُؤَثَّلِ
وصدره في اللسان.
(٦) سورة الإسراء الآية ٧٩.