تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[وصل]:

صفحة 777 - الجزء 15

  وفي الحَدِيْث: لَعَنَ اللهُ الواصِلَةَ⁣(⁣١) والمُسْتَوْصِلَة، فالوَاصِلَةُ المرْأَةُ تَصِلُ شَعَرَها بشَعَرِ غيرِها، والمُسْتَوْصِلَةُ الطَّالِبَةُ لذلِكَ، وهي التي يُفْعَلُ بها ذَلِك.

  ورُوِي في حَدِيْث آخَر: «أَيُّما امْرَأةٍ وَصَلَت شَعَرَها بشَعَرِ غيرِها كان زُوراً».

  قالَ أَبو عُبَيْدٍ: وقد رَخَّصَت الفُقهاءُ في القَرامِل وكلِّ شيءٍ وُصِلَ به الشَّعَرُ، وما لم يكنِ الوَصْل شَعَراً فلا بأْسَ به.

  ورُوي عن عائِشَةَ أَنَّها قالَتْ: «لَيْسَتِ الوَاصِلَةُ بالتي تَعْنون، ولا بأْسَ أَنْ تَعْرَى المْرأَةُ عن الشَّعَرِ فتَصِل قَرْناً مِن قُرُونِها بُصوفٍ أَسْوَدٍ» إِنَّما الوَاصِلَةُ التي تكونُ بغيّاً في شَبِيبَتِها، فإِذا أَسَنَّتْ وصَلَتْها بالقِيادَةِ.

  قالَ ابنُ الأثيرِ: قالَ أَحمدُ بنُ حَنْبل لمَّا ذُكِرَ ذلِكَ له: ما سَمِعْت بأَعْجَبِ مِن ذلِكَ.

  ووَصَلَهُ وَصْلاً وصِلَةً وواصَلَهُ مُواصَلَةً ووِصالاً، كِلاهُما يكونُ في عَفافِ الحُبِّ ودَعارَتِهِ، وكذلِك وَصَلَ حَبْلَه وَصْلاً وصِلَةً، قالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:

  فإن وَصَلْتْ حَبْلَ الصَّفاءِ فَدُمْ لها

  وإن صَرَمَتْه فانْصَرِف عن تَجامُل⁣(⁣٢)

  وواصَلَ حَبْلَها: كوَصَلَه.

  والوُصْلَةُ بالضَّمِ: الاتِّصالُ. وما اتَّصَلَ بالشيءِ.

  وقالَ اللّيْثُ: كلُّ ما اتَّصَلَ بشيءٍ فما بينهما وُصْلَةٌ ج وُصَلٌ، كصُرَدٍ.

  والمَوْصِلُ، كمَجْلِسٍ: ما يُوصَلُ مِن الحَبْلِ.

  وقالَ ابنُ سِيْدَه: هو مَعْقِدُ الحَبْلِ في الحَبْلِ.

  والأَوْصالُ: المَفاصِلُ، ومنه الحَدِيْث في صفَتِه : «أَنَّه كان فَعْمَ الأَوْصالِ»: أَي مُمْتَلِئَ الأَعْضاءِ.

  أَو هي مُجْتَمَعُ العِظامِ.

  وقيلَ: الأَوْصالُ جَمْعُ وُصْلٍ، بالكسرِ والضَّمِ لكلِّ عَظْمٍ على حِدَةٍ لا يُكْسَرُ ولا يَخْتَلِطُ بغيرِهِ ولا يُوْصَلُ به غيرُه، وهو الكَسْرُ والَجِدْلُ، بالدَّالِ، وشاهِدُ الوِصْل بالكسرِ قَوْلُ ذي الرُّمَّةِ:

  إذا ابنُ أَبي موسَى بِلالاً بلغتِهِ

  فقامَ بفأَسٍ بينَ وصْليْكِ جاررُ⁣(⁣٣)

  وقَوْلُه تعالَى: {وَلا وَصِيلَةٍ}⁣(⁣٤) قالَ المُفَسِّرُون: الوَصيلَةُ التي كانت في الجاهِلِيَّةِ النَّاقَةُ التي وَصَلَتْ بين عَشَرَةِ أَبْطُنٍ.

  وفي الصِّحاحِ: الوَصِيلَةُ من الشَّاءِ التي وَصَلَتْ سَبْعَةَ أَبْطُنٍ عَناقَيْنِ عناقينِ فإن ولَدَتْ في السَّابِعَةِ، ونصُّ الصِّحاحِ: في الثامِنَةِ، عَناقاً وجَدْياً قيلَ: وَصَلَتْ أَخَاها فلا يَذْبَحونَ أَخَاها مِن أَجْلِها ولا يَشْرَبُ لَبَنَ الأُمِّ إلَّا الرِّجالُ دونَ النِّساءِ وتَجْري مَجْرَى السَّائِبَةِ.

  وقالَ أَبو بكْرٍ: كانوا إذا ولَدَتْ سِتّةَ أَبْطُنٍ عَناقَيْنِ عَناقَيْن ووَلَدَتْ في السابِعِ عَناقاً وجَدْياً قالُوا: وَصَلَتْ أَخَاها فأَحَلُّوا لبنَها للرِّجالِ وحَرَّموه على النساءِ.

  أَو الوَصِيلَةُ كانت في الشَّاةِ⁣(⁣٥) خاصَّةً، كانَتْ إذا وَلَدَتِ الأُنْثَى فهي لهم، وإذا وَلَدَتْ ذَكَراً جَعَلوه لآلِهَتِهِم، وإِن وَلَدَتْ ذَكَراً وأُنْثَى قالوا وَصَلَتْ أَخَاها فلم يَذْبَحُوا الذَّكَرَ لآلِهَتِهِم.

  وقالَ ابنُ عرفَةَ: كانوا إذا وَلَدَتِ الشاةُ ستَّة أَبْطُنٍ نَظَرُوا، فإِن كان السابعُ ذَكَرَاً ذُبحَ وأَكَل منه الرِّجالُ والنِّساءُ، وإِن كانتْ أُنْثَى تُرِكتْ في الغَنَمِ، وإِن كان ذَكَراً وأُنْثَى قالوا: وَصَلَتْ أَخَاها ولم يُذْبَح وكان لَحْمُهَا حَرَاماً على النّساءِ.

  أَو هي شاةٌ تَلِدُ ذَكَراً ثم أُنْثَى فَتَصِلُ أَخَاها فلا يَذْبَحون أَخَاها من أَجْلِها، وإذا وَلَدَتْ ذَكَراً قالوا: هذا قُرْبانٌ لآلِهَتِنا.

  ورُوِي عن الشافِعيّ قالَ: الوَصِيلَةُ الشاةُ تُنْتَجُ الأَبْطُن، فإذا وَلَدَتْ آخَرَ بعدَ الأَبْطُن التي وَقَّتوا لها قيلَ وَصَلَتْ أَخَاها، وزادَ بعضُهم: تُنْتَجُ الأَبْطُن الخَمْسة عَناقَيْن عَناقَيْن


(١) في القاموس بالضم وتصرف الشارح بالعبارة اقتضى النصب.

(٢) ديوان الهذليين ١/ ١٤١ برواية: «فانصرم عن تجامل» واللسان.

(٣) الأساس ونسبه لذي الرمة.

(٤) المائدة من الآية ١٠٣.

(٥) في القاموس بالضم وتصرف الشارح بالعبارة فاقتضى الكسرة.