[هل]:
  هَلْ لَكَ والهَلُّ خِيَرْ
  فيمَنْ إذا غِبْتَ حَضَرْ؟(١)
  ويقالُ: كلُّ حَرْفِ أداة إذا جَعَلْت فيه أَلِفاً ولاماً صارَ اسْماً فقوِّي وثقِّل كقوْلِهِ:
  إنَّ لَيْتاً وإنَّ لَوّاً عَناءُ(٢)
  قالَ الخَليلُ: إذا جاءَتِ الحروفُ اللَّيِّنة في كلمةٍ نَحْو لَوْ وأَشْباهِها ثُقِّلَت، لأَنَّ الحرفَ الليِّنَ خَوَّارٌ أَجْوَف لا بُدَّ له من حَشْوِ يُقَوَّى به جُعِل اسْماً.
  قالَ: والحُروفُ الصِّحاحُ القويَّةُ مُسْتَغْنيةُ بجُرُوسِها لا تَحْتاجُ إلى حَشْوٍ فَتُتْرَكُ على حالِها، وأَنْشَدَ ابنُ حَمْزة لشَبِيبِ بنِ عَمْرو الطَّائِي:
  هَلْ لكَ أنْ تدخُل في جَهَنَّمِ؟
  قلتُ لها: لا، والجَليلِ الأَعْظمِ
  ما ليَ من هَلٍّ ولا تَكلُّمِ(٣)
  قالَ الجوْهرِيُّ: قالَ ابنُ السِّكِّيت: وإذا قيلَ هَلْ لكَ في كذا وكذا؟ قلُت: لي فيه، أو إن لي فيه، أَو مالي فيه، ولا تَقُل إن لي فيه هَلًّا، والتَّأْوِيل: هَلْ لكَ فيه حاجَة فحُذِفَت الحاجَةَ لمَّا عُرِف المعْنَى وحَذفَ الرَّادُّ ذِكْر الحاجَةِ كما حَذَفَها السَّائِلُ.
  وأَلْلُغَةٌ في هَلْ، وقد ذُكِرَ في مَوْضِعِه وتَصغيرُهُ على ما قالَ ابنُ السِّكِّيت على ثلاثَةِ أَوْجُه: هُلَيْلٌ: كأَنَّه كانَ مُشَدّداً فخفَّفَ.
  وهُلَيَّةٌ، يُتَوَهَّم أنَّ ما سَقَطَ مِن آخِرِه مِثْل أَوَّله كما صَغَّرُوا حُراً حُرَيْحاً.
  وهُلَيٌّ: فيُتَوَهَّم أنَّ الناقِصَ ياء وهو أَجْودُ الوُجُوه.
  وهَلَّا: كلِمةُ تَحْضِيضِ ولَوْمٍ؛ فاللَّوْمُ على ما مَضَى من الزَّمانِ والحَضُّ على ما يأْتي مِنَ الزَّمانِ، قالَه الكِسائيُّ، وهي مُرَكَّبَةٌ من هَلْ ولا؛ وفي حَدِيْث جابِرٍ: «هَلَّا بكْراً تُلاعِبُها وتُلاعِبُك» ففيه حَثٌّ وتحْضيضُّ واسْتِعْجالٌ.
  وفي الصِّحاحِ: هَلَا مُخفَّفَة اسْتِعْجال وحَثٌّ يقالُ: حَيَّ هَلَا الثَّريدَ أَي هَلُمَّ إلى الثَّريدِ، فُتِحَت ياؤُه لاجْتِماعِ السَّاكِنَيْن، وبُنِيَت حيَّ مع هَلْ اسْماً واحِدًا مِثْل خَمْسَة عَشَرَ وسمِّي به الفِعْل، ويَسْتوِي فيه الواحِدُ والجَمْعُ والمُؤَنَّثُ، وإذا وَقَفْت عليه قَلْت حَيِّ هَلَا، والألِفُ لبَيانِ الحَرَكَة كالهاءِ في قَوْلِهِ تعالَى: {كِتابِيَهْ} و {حِسابِيَهْ}(٤) لأنَّ الألِفَ مِن مخْرَجِ الهاءِ. وفي الحَدِيث: «إذا ذُكِرَ الصَّالحونَ فحَيَّ هَلَ بعُمَرَ» بفتحِ اللامِ مثل خَمْسَة عَشَرَ، ومعْناهُ عليك بعُمَرَ، وادْع عُمَرَ، أَي أنَّه مِن أَهْلِ هذه الصِّفَة، ويجوزُ فحَيَّ هَلاً بالتَّنْوِيْنِ، يُجْعَل نَكِرَة، وأَمَّا فحَيَّ هَلَا، بِلا تَنْوِيْن، فإنَّما يجوزُ في الوَقْف فأَمَّا في الإدْرَاجِ فإنَّها لُغَةٌ رَدِيئةٌ، وأَمَّا قَوْلُ لَبيدٍ يذْكُرُ صاحِباً له في السَّفَر كانَ أَمَرَه بالرَّحِيل:
  يَتَمارَى في الذي قلتُ له
  ولقد يَسْمَعُ قَوْلي حَيَّهَلْ(٥)
  فإنَّما سكَّنَه للقافِيَةِ، هذا كُلُّه نَصُّ الجوْهرِيّ في الصِّحاحِ.
  وقالَ ابنُ بَرِّي عنْدَ قَوْلِه: يُجْعَلَ نَكِرَةً قالَ: وقد عرَّفت العَرَبُ حَيَّهَلُ، وأَنْشَدَ فيه ثَعْلب:
  وقد غَدَوْت قبل رَفْعِ الحَيَّهَلْ
  أَسوقُ نابَيْنِ وناباً مِ الإِبِلْ(٦)
  وقالَ: الحَيَّهَل الأَذَان، والنَّابانِ: العَجُوزان؛ قالَ: وقد عُرِّف بالإِضافَةِ أَيْضاً في قَوْلِ الآخرِ:
  وهَيَّجَ الحَيَّ من دارٍ فظلَّ لهم
  يومٌ كثير تَنادِيه وحَيَّهَلُه(٧)
  قالَ: وأَنْشَدَ الجوْهَرِيُّ عجزَهُ في آخِرِ الفَصْلِ: هَيْهاؤُه وحَيْهَلُهْ. انتهَىَ.
  وقالَ الكِسائيُّ: فإذا زدْت في هَلْ أَلِفاً كانت بمعْنَى
(١) اللسان.
(٢) البيت لأبي زبيد الطائي، شعراء إسلاميون، شعر أبي زبيد، ص ٥٧٨ وصدره فيه:
ليت شعراً وأين منّي ليتٌ
وانظر تخريجه فيه.
(٣) اللسان.
(٤) سورة الحاقة، من الآيتين: ١٩ و ٢٠.
(٥) ديوانه ط بيروت ص ١٤٢ واللسان والصحاح.
(٦) كذا بالأصل، واللسان: مِلإِبِلْ.
(٧) اللسان