تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[بكم]:

صفحة 58 - الجزء 16

  مِن قَوْس الندَّافِ مِن الصُّوفِ، وأَنْشَدَ ثَعْلَب:

  إذا اغْتَزلَتْ من بُقام الفَرِيرِ ... فَيا حُسْنَ شمْلَتها شَمْلَتا

  ويا طِيبَ أَرْواحِها بالضُّحَى ... إذا الشَّمْلَتان لهَا ابتُلَّتَا⁣(⁣١)

  قالَ ابنُ سِيْدَه: حُذِفَتِ الهاءُ مِن البُقَامِ ضَرُورَةً، أَو هو جَمْع بُقَامَة، أَو لُغَة فيها ولا أَعْرِفها، وقوْلُه: شَمْلَتا كأَنَّ هذا يقولُ في الوَقْفِ شَمْلَت ثم أَجْرَاها في الوَصْلِ مُجْرَاها في الوَقْف.

  ومِن المجازِ: البُقامَةُ القَلِيلُ العَقْلِ، يقالُ: ما كان إلَّا بُقامَةً، شُبِّه في قِلَّة عَقْلِه بالصُّوفِ.

  وقالَ اللَّحْيانيُّ: يقالُ للرجُلِ الضَّعيفِ⁣(⁣٢): ما أَنْتَ إلَّا بُقامَةٌ.

  قالَ ابنُ سِيْدَه: فلا أدْرِي أَعَنَى ضَعيفَ الرأْيِ والعَقْلِ أَمِ الضَّعيفَ في جسْمِه.

  والبُقْمُ، بالضَّمِّ وبضمَّتينِ، مِثْالُ يُسْرٍ ويُسُرِ، بَطْنٌ من العَرَبِ، عن ابنِ دُرَيْدٍ⁣(⁣٣).

  قلْتُ: ويقالُ لهم أَيْضاً البقومُ الواحِدُ باقمٌ، واسْمُه عامِرُ بنُ حوالَةَ بنِ الهنوءِ بنِ الأَزْدِ، هكذا أَوْرَدَه صاحِبُ الأَغاني في تَرْجَمةِ حاجزٍ الأَزدِيّ عن ابنِ دُرَيْدٍ بسَنَدِه، وفيه قال حاجزٌ: ما جَارَاني إلَّا اطيلس أَعْسَر مِن البقومِ.

  وباقُومُ الروميُّ النَّجَّارُ: صَحابيُّ، ¥، وهو مَوْلى سعيدِ بنِ العاصِ، ¥، وهو صانِعُ المِنْبَرِ لشَّريفِ، ذَكَرَه أَهْلُ السِّيَرِ.

  وبَقِمَ البَعيرُ، كفَرِحَ، بَقماً: عَرَضَ له داءٌ من أَكْلِ العُنْطُوانِ، نَقَلَه الصَّاغانيُّ.

  وتَبَقَّمَ الغَنَمُ المَجْر إذا ثَقُلَ عليها أَوْلادُها في بُطونِها فرَبَضَتْ فلم تَثُرْ مِن مَوْضِعِها، نَقَلَه الصَّاغانيُّ.

  * وممَّا يُسْتدركُ عليه: البُقْمَةُ، بالضمِ، طُعْمٌ للسَّمَكِ يُرْمَى لها في الماءِ الرَّاكِدِ فتَسْمَن عليه ويَتَغيَّر الماءُ لذلِكَ، وأَظُنُّه لُغَة عامِّيَّة في بقم الماضِي ذِكْره.

  [بكم]: البَكَمُ، محرَّكةً: الخَرَسُ ما كان، كالبَكامَةِ، أَو هو الخَرَسُ مع عِيٍّ وبَلَهٍ، أَو هو أَن يُولَدَ الإنْسانُ ولا يَنْطِقَ ولا يَسْمَعَ ولا يُبْصِرَ: قالَهُ ثَعْلَب.

  وقالَ الأَزْهَرِيُّ: بينَ الأَبْكَمِ والأَخْرَسِ فَرْقٌ في كَلامِ العَرَبِ: فالأخْرَسُ الذي خُلِقَ ولا نُطْقَ له كالبَهِيمةِ العَجْماء، والأَبْكَمُ الذي للسانِهِ نُطْقٌ وهو لا يعْقِلُ الجوابَ ولا يُحْسِن وَجْه الكَلامِ، وقد بَكِمَ، كفَرِحَ، فهو أَبْكَمُ وبَكِيمٌ، كأَميرٍ: وأَنْشَدَ الجوْهَرِيُّ:

  فَلَيْتَ لِساني كانَ نِصْفَيْنِ منهما ... بَكِيمٌ ونِصفٌ عند مَجْرَى الكَواكِبِ⁣(⁣٤)

  وقالَ أَبو زَيْدٍ: الأَبْكَمُ هو العَييُّ الفَحِمُ⁣(⁣٥). وقالَ في مَوْضِعٍ آخَر مِن النَّوادرِ: هو الأَقْطَعُ اللِّسانِ، وهو العَييُّ بالجَوابِ.

  وقالَ ابنُ الأَعْرَابيِّ: هو الذي لا يَعْقِل الجَوابَ، ج بُكْمانٌ، بالضمِ، كما يُجْمَعُ الأصَمُّ صُمَّاناً، وبُكْمٌ بالضمِ كأَصَمِّ وصُمّ.

  وقَولُه تعالَى: {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ}⁣(⁣٦).

  قالَ الزَّجَّاجُ: قيلَ: مَعْناه أَنَّهم بمنْزِلَةِ مَن وُلِدَ أَخْرَس، قالَ: وقيلَ: البُكْمُ المَسْلُوبُو الأَفْئِدَةِ.

  وقالَ ابنُ الأَثيرِ: البُكْمُ جَمْع الأَبْكَم وهو الذي خُلِقَ أَخْرَس، ويُرادُ بهم الجُهَّالَ والرَّعاعَ لأَنَّهم لا يَنْتَفِعُونَ بالسَّمْعِ ولا بالنُّطْقِ كَثِيرَ مَنْفعةٍ فكأَنَّهم قد سُلِبُوهُما، ومنه الحَدِيْث: «سَتَكونُ فِتْنةٌ صَمَّاءُ بَكْماءُ عَمْياءُ»، أَرادَ أَنَّها لا تُبْصِرُ ولا تَسْمَع ولا تَنْطِق فهي لِذهابِ حَواسِّها لا تُدْرِك شَيئاً ولا تُقْلِع ولا تَرْتَفِع، وقيلَ: شَبَّهَها لاخْتِلاطِها وقَتْل البَريءِ فيها والسَّقِيْم بالأَصَمِّ الأَخْرَس الأَعْمَى الذي لا يَهْتَدِي إلى شيءٍ فهو يَخْبِطُ خبْطَ عَشْواء.


(١) اللسان.

(٢) في القاموس: القليلُ العقلِ الضعيفُ الرأي. بحذف الواو.

(٣) الجمهرة ١/ ٣٢٣.

(٤) اللسان والصحاح.

(٥) التهذيب: المفحم.

(٦) سورة البقرة الآية ١٧١.