تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[حنتم]:

صفحة 186 - الجزء 16

  زادَ غيرُه: تَضْربُ إلى الحُمْرةِ، ومنه الحدِيْثُ: «نَهَى عن الدُّبَّاءِ والحَنْتَمِ».

  قالَ أَبو عُبَيْدٍ: هي جِرارٌ حُمْرٌ كانتْ تُحْمَل إلى المَدينَةِ فيها الخَمْرُ.

  وفي النِّهايَةِ: الحَنْتَمُ جِرارٌ مَدْهونَة خُضْر كانتْ تُمْمَلُ إلى المدينَةِ فيها الخَمْرُ، ثم اتُّسِعَ فيها فقيلَ للخَزَفِ كلِّه حَنْتَمٌ، وإنَّما نُهِي عن الأنْتِباذِ فيها لأَنَّها تُسْرِعُ الشدَّةُ فيها لأَجْلِ دهْنها، وقيلَ لأَنَّها كانتْ تُعْمَل مِن طينٍ يُعْجنُ بدمٍ وشعرٍ، فنَهَى عنها ليُمْتَنَع مِن عَمَلِها.

  قالَ ابنُ الأَثيرِ: والأَوّل الوَجْه.

  قالَ شيْخُنا: وقوْلُهم الجَرَّةُ أَو الجِرارُ يُشِيْرُون إلى لفْظِ الحَنْتَم.

  قيلَ: هو مفردُ فيُفسَّرُ بالجرَّةِ، أَو هو جَمْعٌ والمُفْردُ حَنْتَمَةٍ فيُفَسَّرُ بالجِرارِ، وأَنْشَدَ ابنُ بَرِّي لعَمْرو بن شَأْس:

  رَجَعْتُ إلى صَدْرٍ كجَرَّةِ حَنْتَمٍ ... إذا قُرِعَتْ صِفْراً مِن الماءِ صَلَّتِ⁣(⁣١)

  وقالَ النُّعْمانُ بن عَدِيٍّ:

  مَنْ مُبْلِغُ الحَسْناء أَنَّ حَلِيلَها ... بمَيْسانَ يُسْقى من رُخامٍ وحَنْتَمِ؟⁣(⁣٢)

  واخْتُلِفَ في نونِ حَنْتَم فقيلَ: أَصْليَّة كما هو صَنِيعُ الجوْهَرِيّ وتَبِعَه المصنِّفُ، وقيلَ زائِدَةٌ ويدلُّ قوْلُ صاحِبِ المِصْباح: الحَنْتَم فَنْعَل مِن الحَتمِ وهو الخَزَفُ الأَخْضَر.

  والحَنْتَمُ: شَجَرَةُ الحَنْظَلِ لشدَّةِ خُضْرَتِها.

  وحَنْتَمٌ: اسمُ أَرْض، قالَ الرَّاعِي:

  كأَنَّكَ بالصَّحْراءِ من فَوقِ حَنْتَم ... تُناغِيكَ من تحتِ الخُدُورِ الجَآذِرُ⁣(⁣٣)

  والحَنْتَمُ: السَّحائبُ السّودُ، قالَ طُفَيْلُ يَصِفُ سَحاباً:

  لَه هَيْدبٌ دانٍ كأَنَّ فُروجَه ... فُوَيْقَ الحَصى والأَرْضِ أَرْفاضُ حَنْتَمِ⁣(⁣٤)

  كالحَناتِمِ وهي السَّحائِبُ السُّودُ، كما في المِصْباحِ، قالَ: لأنَّ السَّوادَ عنْدَهم خُضْرة.

  وفي المِصْباحِ: يقالُ لكلِّ أَسْود حَنْتَم والأَخْضَر عنْدَ العَرَبِ أَسْود، قالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:

  سَقى أُمَّ عمرٍو كلّ آخرِ ليلةٍ ... حَناتمُ شُحْمٌ ماؤُهُنَّ ثَجِيجُ⁣(⁣٥)

  وقالَ الأزْهَرِيُّ: قيلَ للسَّحابِ حَنْتَمٌ وحَناتِمُ لامْتِلائِها مِن الماءِ شُبِّهَت بحَناتِمِ الجِرارِ المَمْلُوءَةِ.

  والحَنْتَمَةُ واحِدَتُها، أَي واحِد كل مما ذكر.

  وحَنْتَمَةُ، بِلا لامٍ: بنْتُ عبدِ الرَّحْمنِ بنِ الحارِثِ بنِ هِشامِ بنِ المغيرَةِ بنِ عبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ بنِ مَخْزومٍ المَخْزومِيَّةُ، وكُنْيَة عَبْد الرَّحمن أَبو محمدٍ له صُحْبَةٌ كانَ فاضِلاً عالِماً صالحاً وأُمُّه فاطِمَةُ أُخْتُ خالِدِ بنِ الوَليدِ.

  قلْتُ: وهي أُمُّ عامِرِ بنِ عبدِ اللهِ بنِ الزُّبَيْرِ بنِ الحارِثِ التابِعِيّ.

  وحَنْتَمَةُ أَيْضاً بنْتُ ذي الرُّمْحَيْنِ هاشِمِ بن المُغِيْرةِ بنِ عبدِ اللهِ بنِ مَخْزُومٍ المَخْزومِيَّةُ، وهي أُمُّ أَميرِ المُؤْمِنِيْن عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ، رضِي اللهُ تعالى عنه، ومنه حدِيْثُ أَبي العاصِ: أَنَّ ابنَ حَنْتَمَةَ بَعَجَتْ له الدَّنْيا مِعاها.

  ولَيْسَتْ بأُخْتِ أَبي جَهْلٍ كما وَهِموا بَلْ بِنْتُ عَمِّهِ، نَبَّه عليه الحافِظُ الذّهبيُّ، فإنَّ أَبا جَهْلٍ⁣(⁣٦) هو ابنُ هاشِمٍ والِدُ حَنْتَمَة⁣(⁣٧) بن المُغِيْرة، فتأَمَّلْ.

  وممَّا يُسْتدركُ عليه:

  الحجَّاجُ بنُ حَنْتَمَة شيخٌ للأَصْمَعيّ، ذَكَرَه ابنُ الطَّحَّان فيمَا نقل.


(١) اللسان.

(٢) اللسان.

(٣) ديوانه ط بيروت ص ١١٤ والضبط عنه، وانظر تخريجه فيه.

(٤) اللسان.

(٥) ديوانه الهذليين ١/ ٥١ وفيه: «حناتم سودٌ» وفي اللسان «سحمٌ».

(٦) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله: فإن أبا جهل هو ابن هاشم، الخ هكذا في جميع النسخ».

(٧) قوله: «هو ابن هاشم والد حنتمة»، ليست في القاموس وقد وضعها الشارح داخل الأقواس خطأ. وبهامش المطبوعة المصرية، «ابن هشام أخي هاشم والد حنتمة».