[درهم]:
  ونَصُّ المُحْكَمِ: وقيلَ هو مِن أَسْماءِ الرِّجالِ، مثَّلَ به سِيْبَوَيْه وفسَّرَه السِّيرافي. وهكذا هو في تَهْذِيبِ التَهْذِيبِ للأَرْمويّ.
  [درهم]: الدِّرْهَمُ، كمِنْبَرٍ ومِحْرابٍ.
  قالَ شيْخُنا: تَمْثِيلُه بمِنْبَرٍ غيرُ سَديدٍ ولا جارٍ على قَواعِدِهِ، فإنَّ مِنْبَر مِفْعَل، ودِرْهَم فِعْلَل، ولو ضَبَطَه بكسْرِ الدالِ وسكونِ الراءِ وفتْحِ الهاءِ لكانَ أَوْلَى، لأنَّه مع كوْنِه مِن أَوْزانِه التي يمثِّلُ بها كثيراً مِن الأَوْزانِ الغَرِيبَةِ حتى قالَ الشيخُ بحرق في شرْحِه للامية الأَفْعالِ إنَّه لم يَظْفَرْ بكَلِمَةٍ على وَزْنِه وإن كانَ قصوراً. ففي الصِّحاحِ أنَّه وَرَدَ مِثْله ثلاثَةُ أَلْفاظٍ أُخَر لا خامِسَ لها منها ضِفْدَعٌ. وفي المِصْباحِ أنَّه وزْنٌ قَلِيلٌ وذَكَرَ له أَمْثِلَة في المزْهرِ وزدْتُ عليها أَضْعافَها في المسْفرِ. ولو اسْتَقَرى هذا الكتابَ وَحْدَه لوَجَدَ مِن أَمْثالِه ما لا يُحْصَى، وجَمَعْت منها جمْلَة في شرْحِ نَظْمِ الفَصِيحِ، انتَهَى.
  قلْتُ: والكَلامُ على وزنِه الثاني بمِحْرابٍ كالذي تقدَّمَ وقالَهُ شيْخُنا. ثم إنَّه لو قالَ كهِجْرَع وقِرْطاسٍ أَو كضِفْدَع وسِرْبَالٍ وزِبْرِجٍ وغير ذلِكَ ممَّا يوردُها مِن الأمْثِلَةِ أَحْياناً لسَلِمَ مِن هذا الاعْتِراضِ، وما أَحْسن سِياق الجوْهَرِيّ وأَبْعَده مِن اللّوْم: الدِّرْهَمُ: فارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ، وكَسْرُ الهاءِ لُغَةٌ، ورُبَّما قالوا دِرْهام، قالَ الشاعِرُ:
  لو أَنَّ عنْدِي مائتي دِرْهامِ ... لجازَ في آفاقِها خاتامي(١)
  فأَهْمَل ضَبْطَه لشُهْرَتِه وأَشَارَ إلى تَعْرِيبِه وأنَّ كَسْرَ الهاءِ لُغَةٌ ثانِيَةٌ وهي قَلِيلَةٌ وأَقَلُّ منها دِرْهام، ثم اسْتَدَلَّ لها بقَوْلِ الشاعِرِ، فهذه فَوائِدُ جَلِيلَةٌ مع غايَةِ الاخْتِصارِ، لو تأَمَّلَ سَلِيمُ العَقْلِ لأَنْصَفَ في الاعْتِبارِ. ومِن نَظائِرِ دِرْهَم الخِنْصَر والحِنْجَر وهِجْرَع وضِفْدَع وقِلْفَع وسَيَأْتي قِلْعَم؛ وقد تقدَّمَ للمصنِّفِ مِن ذلِكَ أَشْياءُ كثيرَةُ لو اعْتَناءُ المُعْتني لجاءَتْ رِسالَة مُسْتَقلَّة في بابِها.
  وقَوْلُه: م، أَي مَعْروفٌ.
  وذَكَرْنا وَزْنَهُ في «م ك ك»، ج دَراهِمُ قالَ ابنُ سِيْدَه: وجاءَ في تَكْسيرِهِ دَرَاهِيمُ وزَعَمَ سِيْبَوَيْه أَنَّ الدَّرَاهِيمَ إنَّما جاءَ في قوْلِ الفَرَزْدقِ:
  تَنْفى يَداها الحَصى في كلِّ هاجِرَةٍ ... نَفْيَ الدَّراهِيمِ تَنْقادُ الصَّيارِيفَ(٢)
  قالَ ابنُ بَرِّي: شَبَّهَ خُرُوجَ الحَصَى مِن تحْت مَناسِمِها بارْتِفاعِ الدَّراهِمِ عن الأَصابعِ إذا نُفِدَتْ.
  ورَجُلٌ مُدَرْهَمٌ، بفتحِ الهاءِ: أَي كثيرُها، ولا فِعْل له حَكَاه أَبو زَيْدٍ، قالَ: ولا تَقُلْ دُرْهِمَ مَبْنيًّا للمَفْعولِ.
  قالَ ابنُ جنِّي: لكنَّه إذا وُجِدَ اسمُ المَفْعولِ فالفِعْلُ حاصِلٌ.
  ويقالُ: دَرْهَمَتِ الخُبَّازَى: اسْتَدَارَتْ وصارَ وَرَقُها كالدَّرَاهِمِ، اشْتَقّوا مِن الدَّرَاهِمِ فِعْلاً وإنْ كانَ أَعْجميًّا.
  وقالَ ابنُ جنِّي وأَمَّا قوْلُهم: دَرْهَمَتِ الخُبَّازَى فليسَ مِن قوْلِهم رجُلٌ مُدَرْهَمٌ.
  وشَيْخٌ مُدْرَهِمٌّ، كمُشْمَعِلٍّ: أَي ساقِطٌ كِبَراً، وقد ادْرَهَمَّ ادْرِهْماماً: سَقَطَ مِن الكِبَرِ؛ وأَنْشَدَ الجوْهَرِيُّ للقُلاخِ:
  أَنا القُلاخُ في بُغائي مِقْسَما ... أَقْسَمْتُ لا أَسْأَمُ حتى يَسْأَما
  ويَدْرَهِمَّ هَرَماً وأَهْرَما(٣)
  وادْرَهَمَّ بَصَرُه: أَظْلَمَ.
  وادْرَهَمَّ الرَّجُلُ: كَبِرَ سِنُّهُ.
  والدِّرْهَمُ، كمِنْبَرٍ، فيه الكَلامُ الذي سَبَقَ أَوّلاً: الحَدِيقَةُ على التَّشْبيهِ مِن قوْلِ عَنْتَرَةَ:
  فتَرَكْنَ كلّ حَدِيقَة كالدِّرْهَمِ(٤)
(١) اللسان والصحاح والتكملة قال الصاغاني: وهذا الإنشاد فاسد والرواية:
لو أن عندي مائتي درهام ... لابتعت دارا في بني حرام
وعشت عيش الملك الهمام ... وسرت في الأرض بلا خاتام
(٢) اللسان والصحاح.
(٣) اللسان والصحاح.
(٤) ديوانه ط بيروت ص ١٨، من معلقته، وفيه: كل قرارةٍ، وصدره فيه:
حادت عليه كل بكرٍ حُرّةٍ