تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[رغم]:

صفحة 295 - الجزء 16

  والرَّغْمُ: الذُّلُ، عن ابنِ الأَعْرَابيِّ، وهو مجازٌ. وفي حدِيْث مَعْقِلِ بنِ يَسارٍ: رَغِمَ أَنْفِي للهِ تعالَى، أَي لأَمْرِهِ، مُثَلَّثَةً، الضمُّ عن الهَجَري أَي ذَلَّ عن كُره وهو مجازٌ.

  ويقالُ: فُلانٌ غَرِمَ أَلْفاً ورَغِمَ أَنْفاً. وفَعَلَه على رَغْمِه والرَّغْمِ منه.

  وقالَ ابنُ شُمَيْل: على رَغْمِ مَنْ رَغَمَ، بالفتْحِ. وفي الحَدِيْث: «إذا صَلَّى أَحَدُكم فليُلْزِمْ جَبْهَتَه وأَنْفَه الأَرضَ حتى يَخْرُجَ منه الرَّغْمُ»؛ أَي يَخْضَعَ ويَذِلّ ويَخْرُج منه كِبْرُّ الشَّيْطان.

  وأَرْغَمَه الذُّلُّ: أَلْصَقَهُ بالرَّغامِ؛ هذا هو الأَصْلُ ثم اسْتُعْمِلَ بمعْنَى الذُّلِّ والانْقِيادِ على كُرْهٍ.

  والمَرْغَمُ، كمَقْعَدٍ ومَجْلِسٍ: الأَنْفُ، وهو المَرْسِنُ والمَخْطِمُ والمَعْطِشُ، والجَمْعُ مَرَاغِمُ، يُعْتبرُ فيه ما حَوْلَ الأَنْفِ؛ ومنه قوْلُهم: لأَطَأَنَّ مَرَاغِمَك.

  ورَغَمَّهُ تَرْغِيماً: قالَ له رُغْماً رُغْماً، هكذا في النسخِ.

  والذي في المُحْكَمِ: رَغَّمَهُ: قالَ له رَغْماً ودَغْماً، وهو راغِمٌ داغِمٌ.

  وراغِمٌ داغِمٌ: إِتْباعٌ.

  ويقالُ: أَرْغَمَهُ اللهُ تعالَى، أَي أَسْخَطَهُ، وأَدْغَمَهُ مِثْلُه.

  وقيلَ: أَدْغَمَهُ، بالدَّالِ: سَوَّدَهُ، وقد تقدَّمَ ذلِكَ في «د غ م».

  وشاةٌ رَغْماءُ: على طَرَفِ أَنْفِها بَياضٌ أَو لَوْنٌ يُخالِفُ سائِرَ بَدَنِها.

  والمِرْغامَةُ: المُغْضِبَةُ لبَعْلِها، وهو مجازٌ. وفي الحَدِيْث: «إنَّها حمقاءُ مِرْغامَة، أَكُولُ قامَة، ما تَبْقَى لها خَامَة».

  والرَّغامُ: الثَّرَى. وقيلَ: تُرابٌ لَيِّنٌ وليسَ بدَقِيقٍ، أَو رَمْلٌ مُخْتلِطٌ بتُرابٍ.

  وقالَ الأَصْمَعيُّ: الرَّغامُ مِن الرَّمْلِ ليسَ بالذي يَسِيلُ مِن اليَدِ.

  وقالَ أَبو عَمْرو: هو دُقاقُ التُّرابِ.

  والرَّغَامُ: اسمُ رَمْلَةٍ بعَيْنِها.

  والذي حَكَى ابنُ بَرِّي عن أَبي عَمْرو قالَ: الرَّغامُ رَمْلٌ يَغْشي البَصَرَ؛ فليسَ فيه ما يدلُّ على أَنَّه اسمُ رَمْلٍ بعَيْنِه فتأَمَّلْ.

  والرُّغامُ، بالضمِّ: ما يَسِيلُ مِن الأَنْفِ وهو المُخاطُ، والجَمْعُ أَرْغِمَةٌ، وخَصَّ اللَّحْيانيُّ به الغَنَم والظِّباءَ؛ لُغَةٌ في العَيْنِ المهْمَلَةِ، كما في المُحْكَمِ. أَو لُثْغَةٌ، ونَقَلَه اللَّيْثُ أَيْضاً هكذا.

  وقالَ الأزْهَرِيُّ: هو تَصْحِيفٌ والصَّوابُ بالعَيْنِ. ومِثْلُه قَوْل ثَعْلَب⁣(⁣١). وكأَنَّ الزَّجَّاجَ أَخَذَ هذا الحَرْف مِن كتابِ اللَّيْثِ فوَضَعَه في كتابِهِ وتَوَهَّمَ أَنَّه صَحِيحٌ. قالَ: وأَرَاه عَرَضَ الكِتابَ على المبرِّدِ والقَوْلُ ما قالَهُ ثَعْلَب.

  ورَوَى بعضُهم حَدِيْث أَبي هُرَيْرَةَ: «وامْسَحِ الرُّغامَ عنها».

  قالَ ابنُ الأَثيرِ: إِنْ صَحَّتِ الرِّوَايَةُ فيَجوزُ أَنْ يكونَ أَرادَ مَسْحَ التُّرابِ عنها رِعايَةً لها وإِصلاحاً لشَأْنِها.

  ومِن المجازِ: المُراغَمَةُ: الهِجرانُ والتَّباعدُ والمُغاضَبةُ؛ ومنه حَدِيْث السَّقْط: «إنَّه ليرُاغِمُ رَبَّه إن أَدْخَل أَبَوَيْه النارَ»، أَي يُغاضِبُه.

  وراغَمَهُم: نابَذَهُم وخَرَجَ عنهم وهَجَرَهُم وعادَاهُم؛ ولمَّا كانَ العاجِزُ الذَّليلُ لا يَخْلو مِن غَضَبٍ قالوا: تَرَغَّمَ إذا تَغَضَّبَ بكَلامٍ، وغيرِهِ، ورُبَّما جاءَ بالزَّاي؛ نَقَلَه الجوْهَرِيُّ.

  قالَ ابنُ بَرِّي: ومنه قَوْلُ الحُطَيْئَةِ:

  تَرى بين لَحْيَيْها إذا ما تَرَغَّمَتْ ... لُغاماً كبيتِ العَنكَبُوتِ المُمَدَّدِ⁣(⁣٢)

  قلْتُ: وقد رُوِي بيتُ لَبيدٍ بالوَجْهَيْن:

  على خَيْر ما يُلْقى به مَن تَرَغَّما⁣(⁣٣)

  والرُّغامَى، بالضمِّ: زِيادَةُ الكَبِدِ؛ لُغَةٌ في العَيْنِ، والغَيْنُ أَعْلَى؛ وأَنْشَدَ الجوْهَرِيُّ للشمَّاخِ يَصِفُ الحُمُرَ:


(١) يعني أنه بالعين المهملة كما يفهم من عبارة التهذيب والتكملة.

(٢) ديوانه ط بيروت ص ٤٩ برواية تزغمت بالزاي، وبهامشه: ويروى ترغمت. واللسان.

(٣) في ديوانه برواية: من تزغما بالزاي، وصدره فيه ص ١٩٨.

فأبلغ بني بكرٍ إذا ما لقيتها