تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[سدم]:

صفحة 339 - الجزء 16

  قالَ الزَّمْخَشْرِيُّ: يقالُ: ماءٌ أَسْدامٌ وسُدُامٌ⁣(⁣١) على وَصْفِ الواحِدِ بالجَمْعِ مُبالَغَة كقوْلِه: مِعًى جِياعاً.

  وقالَ: رَكِيَّةٌ سُدْمٌ، بالضمِّ وبضمَّتَيْنِ، مِثْلُ عُسْرٍ وعُسُرٍ: مُنْدَفِنَةٌ؛ وفي الصِّحاحِ: إذا دفنت⁣(⁣٢).

  وقالَ اللَّيْثُ: هو الذي وَقَعَتْ فيه الأَقْمِشَة والجَوْلانُ حتى يَكادُ يَنْدَفَنُ.

  وسَدَمَ البابَ: رَدَمَهُ؛ والصوابُ: رَدَّهُ، كما هو نَصُّ ابنِ الأَعْرَابيِّ؛ وكَذلِكَ سَطَمَهُ، فهو مَسْدومٌ ومَسْطومٌ.

  والمُسَدَّمُ، كمُعَظَّمٍ: البَعيرُ الهائِجُ المُهْمَلُ حَوْل الدارِ؛ وأَيْضاً: ما دَبِرَ ظَهْرُه فُعُفِيَ من؛ ونَصُّ المُحْكَمِ: فأُعْفِيَ عن، القَتَبِ حتى انْسَدَمَ دَبَرْه، أَي بَرَأَ وصَلُحَ؛ وإِيَّاه عَنَى الكُمَيْت بقوْلِهِ:

  قد أَصْبَحَتْ بك أَحْفاضِي مُسَدَّمَةً ... زُهْراً بلا دَبَرٍ فيها ولا نَقَبِ⁣(⁣٣)

  أَي أَرَحْتَها من التَّعَبِ فابْيَضَّتْ ظهورُها ودَبَرُها وصَلُحَتْ. والأَحْفاضُ: جَمْعُ حَفَضٍ، وهو البَعيرُ الذي يُحْمَلُ عليه سَقَطُ المَتاعِ.

  وقالَ أَبو عُبَيْدَةَ: عاشِقٌ سَدِمٌ، ككَتِفٍ، إذا كان شَديدَ⁣(⁣٤) العِشْقِ، وكَذلِكَ بَعيرٌ سَدِمٌ.

  وسَدومٌ: لقَرْيَةِ قَومِ لوطٍ، #. غَلِطَ فيه الجوهرِيُّ، والصَّوابُ: سَذوم بالذَّالِ المعجمةِ، ومنه أَجْور مِن قاضِي سَذومَ⁣(⁣٥).

  أَو سَذومُ: د بحِمْصَ، يقالُ: لقاضِيها قاضِي سَذومَ.

  وذَكَرَ الطَّبرانيُّ: أَنَّ سَذومَ مَلِكٌ غَشومٌ مِن بقَايا عادٍ كان بمدِينَةِ سرمين مِن أَرضِ قنسرين ثم سُمِّيت القَرْيَة باسْمِه؛ وأَنْشَدَ الجَوْهرِيُّ:

  كذلك قَومُ لوطٍ حين أَمْسَوْا ... كعَصْفٍ في سَدُومِهِمُ الرَّمِيم⁣(⁣٦)

  قالَ أَبو حاتِمٍ في «المُزالِ والمُفْسَد»: إنَّما هو سَذُوم بالذالِ المعْجمةِ، والدالُ خَطَأٌ.

  قالَ الأَزْهرِيُّ: وهذا عنْدِي هو الصَّحِيحُ.

  ونَقَلَه الميدانيُّ في الأَمْثالِ هكذا، وهذا هو الذي اعْتَمَدَه المصنِّفُ.

  وقالَ ابنُ بَرِّي: ذَكَرَه ابنُ قتيبَةَ بالذالِ المعْجمةِ والمَشْهورُ بالدالِ؛ قالَ: وكذا رُوِي بيتُ عَمْرو بنِ دَرَّاكٍ العَبْديُّ:

  وإني إنْ قَطَعْتُ حِبال قَيْسٍ ... وخالَفْتُ المُرُونَ على تَمِيمِ

  لأَعْظَمُ فَجْرَةً من أبي رِغالٍ ... وأَجْوَرُ في الحُكومة من سَدُومِ⁣(⁣٧)

  قالَ وهذا يَحْتملُ وَجْهَيْن: أَحَدُهُما: أَنْ يُحْذفَ مُضافٌ تَقْديرُه: مِن أَهْلِ سَدُوم، وهُم قومُ لُوطٍ فيهم مَدِينَتان سَدُومُ وعامُوراءُ أَهْلَكَهما اللهُ فيمَا أَهْلَكَه.

  والوَجْهُ الثاني: أَنْ يكونَ سَدُومُ اسمَ رجُلٍ، قالَ: وكذا نَقَلَ أَهْلُ الأَخْبارِ، قالوا: كان مَلِكاً فسُمِّيَت المَدينَةُ باسْمِه، وكان مِن أَجْوَر المُلوكِ؛ ونَسَبَ عليُّ بنُ حَمْزَةَ البَيْتَيْن إلى ابنِ دَارَةَ، قالَهُما في وَقْعَة مَسْعودِ بنِ عَمْرو، وروى البيت الثاني:

  لأَخْسَرُ صَفْقَةً من شيخِ مَهْوٍ ... وأَجْوَرُ في الحُكومةِ من سَدُومِ⁣(⁣٨)

  قلْتُ: وفي المُضافِ والمَنْسوبِ للثَّعالِبي: أَنَّ سَدُومَ مِن المُلوكِ المُتَقَدِّمِيْن المُتَّصِفِين بالجورِ، وكان له قاض أَشَدّ جوراً منه، فتارَةً قالوا: أَجْوَر مِن سَدُوم، وتارَةً قالوا: أَجْوَر مِن قاضِي سَدُوم؛ وأَنْشَدَ:


(١) في الأساس: سُدُم.

(٢) في الصحاح واللسان: إذا ادَّفَنَتْ.

(٣) اللسان والتهذيب.

(٤) في القاموس بالضم، والنصب ظاهر.

(٥) على هامش القاموس: ذكر الشارح أن المثل مضبوط بالوجهين، وأن المشهور فيه إهمال الدال، وصوبه شيخه في شرح الدرة، فانظره، ا هـ وقد ذكرت مادة سذم في القاموس في ترجمة مستقلة وقد تداخلت هنا مع مادة سدم.

(٦) اللسان والصحاح والتكملة في مادة «سدم» ومعجم البلدان «سدوم».

(٧) اللسان.

(٨) اللسان.