تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[غضب]:

صفحة 290 - الجزء 2

  قال ساعدة بن جُؤَيَّة:

  هَجَرَتْ غَضُوبُ وحُبَّ مَنْ يَتَجَنَّبُ ... وَعَدت عَوَادٍ دُونَ وَلْيِك تَشْعَبُ

  وقال:

  شَاب الغُرَابُ ولا فؤَادُك تَارِكٌ ... ذِكْر الغَضُوبِ ولا عِتَابُك يُعْتِبُ

  فَمَنْ قَالَ: غَضُوبُ، فَعلى قَوْلِ من قَالَ حارِث وعَبَّاس، ومن قَالَ الغَضُوبَ فعلَى مَنْ قَالَ الحَارِث والعَبَّاس.

  والغَضْبَةُ: جِلْدُ المُسنِّ مِنَ الوُعُولِ. والغَضْبَةُ: جُنَّةٌ شِبْهُ الدَّرَقَةِ، محركه، وهي التُّرْس تُتَّخَذُ مِنْ جِلْدِ البعِيرِ يُطْوَى بعْضُها على بَعْض للقِتَالِ. والغَضْبَةُ: بَخْصَةٌ، بالموحدة والخاء المُعْجَمة والصَّادِ المُهْمَلَة: نُتوّ فَوْق العَيْنَيْن أَو تَحْتهما كهيئة القَمْحَة تَكُونُ بالجَفْنِ الأَعْلَى من العَيْن خلقه كذا في المُحْكَم. والغَضْبَةُ: جِلْدةُ الحُوتِ، نقله الصَّاغَانِيّ. وجِلْدَةُ الرَّأس نقله الصَّاغَانِيّ أَيضاً وجِلْدَةُ ما بَيْن قَرْنَيِ الثَّوْرِ، نقله الصَّاغَانِيُّ أَيضاً.

  والغُضَابُ، بالكَسْرِ وبالضَّم: القَذَى في العَيْنِ وفي أُخْرَى في العَيْنَيْن، بالتثنية والغُضَابُ: دَاءٌ آخرُ يَخرج بالجِلْد وليس بالجُدَرِيّ. يقال منه: غُضِب بصَرُ فُلان، إِذا انْتَفَخَ من الغُضَاب ما حَوْلَه أَو هو الجُدَرِيّ. ويقال للمَجْدُور: المَغْضُوب، وفِعْلُه كَسمِع وعُنِيَ والثَّانِي أَكثرُ، والأَخِير نقله الصَّاغَانِيّ. يقال: غُضِبَتْ عينُه، وغَضِبَت، بِالفَتْح والكَسْرِ.

  والغِضَابُ كَكِتَاب: ع بالحِجَازِ⁣(⁣١) قال رَبِيعَةُ بْنُ الجَحْدرِ الهُذَلِيّ:

  أَلا عاد هذَا القلبَ ما هُوَ عَائِدُهْ ... وراثَ بأَطْرَافِ الغِضَابِ عَوَائِدُهْ

  والأَغْضَب: ما بيْنَ الذَّكَرِ إِلَى الفَخِذ نَقَله الصَّاغَانِيّ.

  وغَضْبَانُ: جَبَلٌ بالشَّامِ في أَطْرَافِهِ⁣(⁣٢). وغَضْبَى، كسَكْرَى: اسم فَرَسِ خَيْبَرِيّ بياء النِّسْبةِ ابْنِ الحُصَيْنِ الكَلْبِي. وقَوْلُ الجَوْهَرِيّ كما قاله الصَّاغَانِي وَهُو قَولُ ابْنِ سِيَده أَيضاً غَضْبَى أَي كسَكْرَى: اسمُ مائَة مِنَ الإِبِل وحكاه أَيضاً الزَّجَاجِيّ في نَوَادِرِهِ، وهي مَعْرِفَةٌ أَي بالعَلَمِية ولا تَدْخُلُها أَلْ. قال شَيْخُنا: أَي لأَنَّهَا من أَدواتِ التَّعْرِيف، وقد حَصَل لها في العَلَمِيَّة، وهم يَمْنَعُون من اجْتِماع مُعَرِّفَيْن على مُعَرَّف وَاحِد وإِن كان المُحَقِّق الرَّضِيّ في شَرْح الكافية⁣(⁣٣) جَوَّز ذَلِك، وقال: ما المَانِع من اجْتِمَاع المُعَرِّفَيْن على مُعَرَّفٍ وَاحِدِ إِذَا كان أَحدُهُما يُفِيد غيرَ ما يُفِيدُه الآخر؛ ولذلك جَوّز إِضافَة العَلَم كقَوْلِه:

  عَلا زَيْدُنَا يومَ النَّقَا رأْسَ زَيْدِكم

  وهو ظَاهِرٌ قَوِيٌّ، لكن الأَكْثر على منْعه ولا يدخلها التَّنْوِينُ قال شَيْخُنَا: أَي لكونها عَلَماً، فتكون مَمْنوعَةً من الصَّرْف للعَلميَّة والتَّأْنِيث، وهذَا غَيرُ مُحتاج إِليه. لأَنَّ أَلف التأْنيث تَمْنَع من الصَّرْف مُطلقاً سواءٌ كان مَدْخُولُها مَعْرِفةً أَو نكرةً، كما في الخُلَاصَة وشُرُوحِهَا وغيرها من دَوَاوين النَّحْو. وفي الصّحَاح: أَنْشَدَ ابنُ الأَعْرَابِيّ:

  ومُسْتَخْلِفٍ من بَعْدِ غَضْبَى صَرِيمَةً ... فأَحْرِ به لِطُولِ فَقْرٍ وأَحْرِيَا⁣(⁣٤)

  وقال: أَراد النُّونَ الخَفِيفَة فوقَف، وهو تصْحِيفٌ من الجَوْهَرِيّ، وقد قدَّمنا أَنه قولُ ابْنِ سِيدَه والزَّجَّاجِيّ. وقال ابن مُكَرَّم: ووجدتُ في بعضِ النُّسخ حاشِيةً: أَنَّ هذه الكَلِمَة تَصْحِيفٌ مِنَ الجوْهَرِيّ ومِنْ جمَاعَة والصَّوَابُ غَضْيَا، بالمُثَنَّاة من تحْت مَقْصُورَة كأَنَّها شُبِّهَت في كَثْرتها بمَنْبِت الغَضَى، ونُسِب هذا التَّشْبِيه ليَعْقُوب. قلت: وهو قَوْلُ أَبِي عَمْرو، وإِليه مالَ ابنُ بَرِّيّ في الحَوَاشي، والصَّاغَانِيّ في التَّكْمِلَة، ونقل شيخُنا عن شَرْح التَّسْهيل للشَّيْخ أَبِي حَيَّان أَنَّه نقل عن ابن ولَّاد أَنَّهَا بالنُّون، وهذا أَغْرَبُهَا، فإِنه لا يُعْرف في الدَّوَاوين.


(١) في معجم البلدان: ناحية بالحجاز من ديار هذيل. وفي اللسان: مكان بمكة.

(٢) في معجم البلدان: بينه وبين أيلة مكان أصحاب الكهف.

(٣) عن المطبوعة الكويتية، وبالأصل «الجامية».

(٤) يروى البيت في موضعين الأول غضبى اسم مئة من الأبل وهو الشاهد هنا. وتروى أيضاً غضياً كما سيرد بعد أسطر. والثاني: وأحريا: تروى أحربا بالباء تعجب من قولهم: حرب الرجل إذا ذهب ماله وإذا قلّ.

وبالياء توكيد صيغة التعجب بالنون الخفيفة انظر مغني اللبيب وشرح مغني اللبيب.