[سوم]:
  مَقّاء مُنْفَتَقِ الإِبْطَيْنِ ماهِرَة ... بالسَّوْمِ ناطَ يَدَيْها حارِكٌ سَنَدُ(١)
  ومنه قوْلُ عبدِ اللهِ ذي النِّجادَيْنِ يخاطِبُ ناقَةَ سَيِّدنا رَسُول اللهِ، ﷺ:
  تَعَرَّضي مَدارِجاً وسُومي ... تَعَرُّضَ الجَوْزاء للنُّجومِ(٢)
  وقالَ غيرُهُ: السَّوْمُ سُرْعةُ المَرِّ مَعَ قَصْدِ الصَّوْب في السَّيْرِ، وشاهِدُ السَّومِ بمعْنَى المَرِّ قوْلُ الهُذَليِّ:
  أُتِيحَ لها أُقَيْدِرُ ذُو حَشِيفٍ ... إذا سامَتْ على المَلَقاتِ سَاما(٣)
  وسامَتِ المالُ، أَي الإِبِلُ، رَعَتْ؛ ومنه الحدِيْث الذي تقدَّمَ؛ يقالُ: سامَتِ الراعِيةُ والماشِيَةُ والغَنَمِ تَسُومُ سَوْماً:
  رَعَتْ حيثُ شاءَتْ فهي سائِمَةٌ.
  وسامَ فلاناً الأَمْرَ يَسُومُهُ سَوْماً: كَلَّفَهُ إِيَّاهُ وجَشَّمَه وأَلْزَمَهُ؛ ومنه حدِيْثُ عليٍّ: «مَن تَرَكَ الجهادَ أَلْبَسَهُ اللهُ الذِّلَّةَ وسِيمَ الخَسْفَ»؛ أَي كُلِّفَ وأُلْزِمَ.
  أَو أَوْلاهُ إيَّاهُ، وهذا قوْلُ الزَّجَّاجِ؛ أَو أَرادَه عليه، قالَه شَمِرٌ؛ كسَوَّمَهُ تَسْويماً.
  قالَ الزَّجَّاجُ: وأَكْثَرُ ما يُسْتَعْمَلُ السَّومُ في العَذابِ والشَّرِّ والظُّلْمِ؛ ومنه قوْلُه تعالَى: {يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ}(٤).
  وقالَ اللَّيْثُ: السَّوْمُ أَنْ تُجَشِّمَ إنْساناً مَشَقَّةً أَو سوءاً أَو ظُلماً.
  وقالَ شَمِرٌ: سَامُوهُم أَرادُوهُم به، وقيلَ: عَرَضُوا عليهم؛ والعَرَبُ تقولُ: عَرَضَ عليَّ سَوْمَ عالَّةٍ.
  قالَ الكِسائيُّ: وهو بمعْنَى قَوْل العامَّةِ عَرْضٌ سابِرِيٌّ.
  قالَ شَمِرٌ: يُضْرَبُ هذا مَثَلاً لمَنْ يَعْرِضُ عليكَ ما أَنْت عنه غَنيٌّ. وسامَتِ الطَّيرُ على الشيءِ سَوْماً: حامَتْ.
  والسَّوامُ والسَّائِمَةُ: الإِبِلُ الرَّاعِيَةُ.
  وقيلَ: كلُّ ما رَعَى مِن المالِ في الفَلَواتِ إذا خُلِّيَ وسَوْمَةُ يَرْعى حيثُ شاءَ.
  والسَّائِمُ: الذاهِبُ على وجْهِهِ حيثُ شاءَ.
  يقالُ: سامَتِ السَّائمَةُ وأَسامَها هو، أَي أَرْعاها(٥) أَو أَخْرَجَها إلى الرَّعْي؛ ومنه قوْلُه تعالَى: {فِيهِ تُسِيمُونَ}(٦).
  وقالَ ثَعْلَب: سمْتُ الإِبِلَ إذا خَلَّيْتَها تَرْعَى.
  وقالَ الأَصْمعيُّ: السَّوامُ والسَّائمَةُ كلُّ إِبِلٍ تُرْسَلُ تَرْعَى ولا تُعْلَفُ في الأَصْلِ.
  وفي الحدِيْث: «في سائِمَةِ الغَنَمِ زَكاةٌ».
  وفي حدِيْثٍ آخَر: «السَّائمَةُ جُبَارٌ»؛ يعْني أَنَّ الدابَّةَ المُرْسَلَة في مَرْعاها إذا أَصابَتْ إنْساناً كانت جِنايتُها هَدَراً.
  والسُّومَةُ، بالضمِّ، والسِّيمَةُ والسِّيماءُ والسِّيمياءُ مَمْدُودَيْن بكسرِهِنَّ: العَلامَةُ يُعْرَفُ بها الخيْرُ والشرُّ.
  وقالَ الجَوْهَرِيُّ: السُّومَةُ: العَلامَةَ تُجْعَل على الشاةِ وفي الحرْبِ أَيْضاً، انتَهَى.
  وقالَ ابنُ الأعْرَابيِّ: السِّيمةُ: العلامَةُ على صُوفِ الغَنَمِ، والجَمْعُ السِّيَمُ.
  والقَصْرُ في الثالثةِ لُغَةٌ، وبه جاءَ التَّنْزيلُ: {سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ}(٧). وغَريبٌ مِن المصنِّفِ عَدَمُ ذِكْرِها، وأَنْشَدَ شَمِرٌ:
  ولهُمْ سِيما إذا تُبْصِرُهُمْ ... بَيَّنَتْ رِيبةَ من كانَ سَأَلْ(٨)
  وقالَ أَبو بكْرِ بنُ دُرَيْدٍ: قوْلُهم: عليه سِيما حَسَنَةٌ، معْناهُ عَلامَةٌ، وهي مأْخُوذةٌ من وَسَمْتُ أَسِمُ، والأَصْلُ في سِيما وِسْمى فحوِّلَتِ الواوُ. مِن مَوْضِع الفاءِ فوُضِعَتْ في موْضِعِ
(١) ديوانه ط بيروت ص ٦١ برواية «مقاء مفتوقة» وانظر تخريجه فيه واللسان والتهذيب.
(٢) اللسان والتهذيب.
(٣) البيت في اللسان ونسبه لصخر الهذلي، وهو في شعره في ديوان الهذليين ٢/ ٦٣.
(٤) البقرة الآية ٤٩.
(٥) على هامش القاموس عن إحدى نسخه: رَعَاها.
(٦) النحل الآية ١٠.
(٧) الفتح الآية ٢٩.
(٨) اللسان.