تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[سوم]:

صفحة 372 - الجزء 16

  مَقّاء مُنْفَتَقِ الإِبْطَيْنِ ماهِرَة ... بالسَّوْمِ ناطَ يَدَيْها حارِكٌ سَنَدُ⁣(⁣١)

  ومنه قوْلُ عبدِ اللهِ ذي النِّجادَيْنِ يخاطِبُ ناقَةَ سَيِّدنا رَسُول اللهِ، :

  تَعَرَّضي مَدارِجاً وسُومي ... تَعَرُّضَ الجَوْزاء للنُّجومِ⁣(⁣٢)

  وقالَ غيرُهُ: السَّوْمُ سُرْعةُ المَرِّ مَعَ قَصْدِ الصَّوْب في السَّيْرِ، وشاهِدُ السَّومِ بمعْنَى المَرِّ قوْلُ الهُذَليِّ:

  أُتِيحَ لها أُقَيْدِرُ ذُو حَشِيفٍ ... إذا سامَتْ على المَلَقاتِ سَاما⁣(⁣٣)

  وسامَتِ المالُ، أَي الإِبِلُ، رَعَتْ؛ ومنه الحدِيْث الذي تقدَّمَ؛ يقالُ: سامَتِ الراعِيةُ والماشِيَةُ والغَنَمِ تَسُومُ سَوْماً:

  رَعَتْ حيثُ شاءَتْ فهي سائِمَةٌ.

  وسامَ فلاناً الأَمْرَ يَسُومُهُ سَوْماً: كَلَّفَهُ إِيَّاهُ وجَشَّمَه وأَلْزَمَهُ؛ ومنه حدِيْثُ عليٍّ: «مَن تَرَكَ الجهادَ أَلْبَسَهُ اللهُ الذِّلَّةَ وسِيمَ الخَسْفَ»؛ أَي كُلِّفَ وأُلْزِمَ.

  أَو أَوْلاهُ إيَّاهُ، وهذا قوْلُ الزَّجَّاجِ؛ أَو أَرادَه عليه، قالَه شَمِرٌ؛ كسَوَّمَهُ تَسْويماً.

  قالَ الزَّجَّاجُ: وأَكْثَرُ ما يُسْتَعْمَلُ السَّومُ في العَذابِ والشَّرِّ والظُّلْمِ؛ ومنه قوْلُه تعالَى: {يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ}⁣(⁣٤).

  وقالَ اللَّيْثُ: السَّوْمُ أَنْ تُجَشِّمَ إنْساناً مَشَقَّةً أَو سوءاً أَو ظُلماً.

  وقالَ شَمِرٌ: سَامُوهُم أَرادُوهُم به، وقيلَ: عَرَضُوا عليهم؛ والعَرَبُ تقولُ: عَرَضَ عليَّ سَوْمَ عالَّةٍ.

  قالَ الكِسائيُّ: وهو بمعْنَى قَوْل العامَّةِ عَرْضٌ سابِرِيٌّ.

  قالَ شَمِرٌ: يُضْرَبُ هذا مَثَلاً لمَنْ يَعْرِضُ عليكَ ما أَنْت عنه غَنيٌّ. وسامَتِ الطَّيرُ على الشيءِ سَوْماً: حامَتْ.

  والسَّوامُ والسَّائِمَةُ: الإِبِلُ الرَّاعِيَةُ.

  وقيلَ: كلُّ ما رَعَى مِن المالِ في الفَلَواتِ إذا خُلِّيَ وسَوْمَةُ يَرْعى حيثُ شاءَ.

  والسَّائِمُ: الذاهِبُ على وجْهِهِ حيثُ شاءَ.

  يقالُ: سامَتِ السَّائمَةُ وأَسامَها هو، أَي أَرْعاها⁣(⁣٥) أَو أَخْرَجَها إلى الرَّعْي؛ ومنه قوْلُه تعالَى: {فِيهِ تُسِيمُونَ}⁣(⁣٦).

  وقالَ ثَعْلَب: سمْتُ الإِبِلَ إذا خَلَّيْتَها تَرْعَى.

  وقالَ الأَصْمعيُّ: السَّوامُ والسَّائمَةُ كلُّ إِبِلٍ تُرْسَلُ تَرْعَى ولا تُعْلَفُ في الأَصْلِ.

  وفي الحدِيْث: «في سائِمَةِ الغَنَمِ زَكاةٌ».

  وفي حدِيْثٍ آخَر: «السَّائمَةُ جُبَارٌ»؛ يعْني أَنَّ الدابَّةَ المُرْسَلَة في مَرْعاها إذا أَصابَتْ إنْساناً كانت جِنايتُها هَدَراً.

  والسُّومَةُ، بالضمِّ، والسِّيمَةُ والسِّيماءُ والسِّيمياءُ مَمْدُودَيْن بكسرِهِنَّ: العَلامَةُ يُعْرَفُ بها الخيْرُ والشرُّ.

  وقالَ الجَوْهَرِيُّ: السُّومَةُ: العَلامَةَ تُجْعَل على الشاةِ وفي الحرْبِ أَيْضاً، انتَهَى.

  وقالَ ابنُ الأعْرَابيِّ: السِّيمةُ: العلامَةُ على صُوفِ الغَنَمِ، والجَمْعُ السِّيَمُ.

  والقَصْرُ في الثالثةِ لُغَةٌ، وبه جاءَ التَّنْزيلُ: {سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ}⁣(⁣٧). وغَريبٌ مِن المصنِّفِ عَدَمُ ذِكْرِها، وأَنْشَدَ شَمِرٌ:

  ولهُمْ سِيما إذا تُبْصِرُهُمْ ... بَيَّنَتْ رِيبةَ من كانَ سَأَلْ⁣(⁣٨)

  وقالَ أَبو بكْرِ بنُ دُرَيْدٍ: قوْلُهم: عليه سِيما حَسَنَةٌ، معْناهُ عَلامَةٌ، وهي مأْخُوذةٌ من وَسَمْتُ أَسِمُ، والأَصْلُ في سِيما وِسْمى فحوِّلَتِ الواوُ. مِن مَوْضِع الفاءِ فوُضِعَتْ في موْضِعِ


(١) ديوانه ط بيروت ص ٦١ برواية «مقاء مفتوقة» وانظر تخريجه فيه واللسان والتهذيب.

(٢) اللسان والتهذيب.

(٣) البيت في اللسان ونسبه لصخر الهذلي، وهو في شعره في ديوان الهذليين ٢/ ٦٣.

(٤) البقرة الآية ٤٩.

(٥) على هامش القاموس عن إحدى نسخه: رَعَاها.

(٦) النحل الآية ١٠.

(٧) الفتح الآية ٢٩.

(٨) اللسان.