تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الصاد المهملة مع الميم

صفحة 419 - الجزء 17

  وِالصَّمْصَمُ، كفَدْفَدٍ: البَخيلُ جِدًّا، وهو النِّهايَةُ في البُخْلِ، عن ابنِ الأَعْرَابيِّ. ومنه قوْلُ عبدِ مَنَاف الهُذَليّ:

  وِلقد أَتاكُم ما يَصُوبُ سُيوفَنا ... بَعدَ الهَوادَةِ كلُّ أَحْمَر صِمْصِمِ⁣(⁣١)

  وِالصُّمَيْماءُ، كالغُبَيْراءِ: نباتٌ يُشْبِهُ الغَرَزَ⁣(⁣٢) يَنْبت بنَجْدٍ في القِيعانِ.

  وِاشْتِمالُ الصَّمَّاءِ المنهى عنه في الحدِيثِ، أنْ تُجَلِّلَ جَسَدَك بثَوْبِك نَحْوَ شِمْلةِ الأَعْرابِ بأَكْسِيَتِهم، وهو أَنْ يَرُدَّ الكِساءَ من قِبَلِ يَمينِه على يَدِهِ اليُسْرَى وعاتِقِه الأَيْسَر، ثم يَرُدَّهُ ثانِيَةً⁣(⁣٣) من خَلْفِهِ على يَدِهِ اليُمْنَى وعاتِقِهِ الأَيْمَنِ فَيُغَطِّيَهُما جَمِيعاً، هذا نَصُّ الجَوْهِريّ بحَروفِهِ، وهو قولُ أبي عُبَيْدَة. أو هو الاشْتِمالُ بثَوْبٍ واحِدٍ ليسَ عليه غيرُهُ ثم يَضَعُهُ، كذا في النسخِ والصَّوابُ: ثم يَرْفَعُه، من أَحَدِ جانِبَيْهِ، كما هو نَصّ الصِّحاحِ، فَيَضَعُهُ على مَنْكِبِهِ فَيَبْدو منه فَرْجُهُ، وهذا القولُ نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ عن أَبي عُبَيْدٍ ونَسَبَه إلى الفُقَهاء، زادَ: فإذا قلْت اشْتَمَل فلانٌ الصَّمَّاءَ كأَنَّك قلْت اشْتَمَلَ الشِّمْلةَ التي تُعْرَفُ بهذا الاسْمِ، لأَنَّ الصَّمَّاء ضَرْبٌ مِن الاشْتِمالِ.

  وِمِن المجازِ: صمَّت حَصاةٌ بدَمٍ، يقالُ ذلِكَ إذا اشْتَدَّ الأَمْرُ، كما في الأَساسِ، أَي كَثُر سَفْكُ الدِّماءِ، أَي أَنَّ الدِّماءَ لمَّا سُفِكَتْ وِكَثُرَتْ اسْتَنْقَعَتْ في المعْرَكَةِ حتى لو أُلْقِيَتْ حَصاةٌ على الأرْضِ لم يُسْمَعْ لها صَوْتٌ لأَنَّها لا تَقَعُ إلَّا في نَجيعٍ، ومنه قَوْلُ امْرِئِ القَيْسِ:

  بُدِّلْتُ من وائلٍ وكِنْدةَ عَدْ ... وِانَ وفَهْماً صَمِّي ابْنَةَ الجَبَلِ

  قَوْمٌ يُحاجُون بالبِهامِ ونِسْ ... وان قِصار كهَيْئةِ الحَجَلِ⁣(⁣٤)

  أَو المُرادُ بابْنَةِ الجَبَلِ الصَّدَى، هكذا يَزْعَمُون، قالَهُ أَبو الهَيْثَم، أَو أَنَّها الصَّخْرَةُ، نَقَلَه أَبو الهَيْثم أَيْضاً. ويقالُ: صَمِّي ابْنَةَ الجَبَلِ يُضْرَبُ مَثَلاً للداهِيَةِ الشَّديدَةِ، كأَنَّه قيلَ لها اخْرَسِي يا داهِيَة.

  وقالَ الأَصْمَعيُّ في كتابِ الأَمْثالِ: إنّه يقالُ ذلِكَ عنْدَ الأَمْر يُسْتَفْظَعُ.

  ويقالُ: هي الحَيَّةُ، وأَنْشَدَ ابنُ الأَعْرَابيِّ:

  إنِّي إلى كلِّ أَيْسارٍ ونادِبةٍ ... أَدْعُو حُبَيْشاً كما تُدْعى ابنَةَ الجَبَلِ⁣(⁣٥)

  وِأَصَمَّهُ: صادَفَهُ، وفي الصِّحاحِ: وَجَدَهُ، أَصَمَّ. يقالُ: نادَاهُ فأَصَمَّهُ.

  وِأَصَمَّ دُعاؤُهُ: وافَقَ قَوْماً صُمًّا لا يَسْمعونَ عَذْلَه، وبه فَسَّر ثَعْلَب قوْلَ ابن أَحْمر:

  أَصَمَّ دُعاءُ عاذِلَتي تَحَجَّى ... بآخِرِنا وتَنْسي أَوَّلينا⁣(⁣٦)

  وقوْلُه: تَحَجَّى: أَي تَسْبقُ إليهم باللَّوْمِ وتَدَعُ الأَوَّلينَ.

  وِالأَصَمَّانِ: أَصَمُّ الجَلْحاءِ، وِأَصَمُّ السَّمُرَةِ ببِلادِ بَني عامِرِ بنِ صَعْصَعَةَ، ثم لبَني كِلابِ منهم خاصَّةً، قالَهُ نَصْر.

  * وممَّا يُسْتدركُ عليه:

  أَصَمَّني الكَلام إذا شَغَلَني عن سمَاعِه، فكأَنَّه جَعَلَه أَصَمَّ.

  ويقالُ: حلمٌ أَصَمّ، على الاسْتِعارَةِ، أَنْشَدَ ثَعْلَب:

  قُلْ ما بَدا لَكَ من زُورٍ ومن كَذِبٍ ... حِلْمي أَصَمُّ وأُذْني غَيرُ صَمَّاءِ⁣(⁣٧)

  وفِتْنةٌ صَمَّاءُ: لا سَبيلَ إلى تَسْكِينِها لتناهِيها في ذهابِها.

  وأَرْزَةٌ صَمَّاءُ: مُكْتَنزةٌ لا تَخَلْخُلَ فيها، وكَذلِكَ قَناةٌ صَمَّاء.

  وأَمْرٌ أَصَمُّ: شَديدٌ.

  وصَوْتٌ مُصِمُّ: يُصِمُّ الضَّماخَ.

  وِالصِّمامُ، بالكسْرِ: الفَرْجُ، ومنه حدِيْثُ الوَطْءِ: «في


(١) ديوان الهذليين ٢/ ٤٩ وفيه «ما تصوب» واللسان.

(٢) قوله: «يشبه الغرز» مضروب عليه بنسخة المؤلف، أفاده على هامش القاموس.

(٣) على هامش القاموس عن إحدى نسخه: ثانِيَه.

(٤) ديوانه ط بيروت ص ١٥٧ واللسان والأول في المقاييس ٣/ ٢٧٨ وجزء من عجز الأول في الصحاح.

(٥) اللسان.

(٦) اللسان والتهذيب والمقابيس ٣/ ٢٧٨ والأساس.

(٧) اللسان.