[غيب]:
  وغَابَتِ الشَّمسُ وغيرُهَا من النُّجُوم مغِيباً وغِياباً وغُيُوباً وغَيْبُوبَةً وغُيُوبَةً، عن الهَجَرِيّ: غَرَبت. وغَاب الرَّجُل غَيْباً ومَغِيباً وتَغَيَّبَ: سَافَر، أَو بَانَ. وأَمَّا ما أَنشَدهُ ابنُ الأَعْرَابِيّ:
  ولا أَجْعَلُ المَعْرُوفَ حِلَّ أَلِيَّة ... ولا عِدَةً النَّاظِرِ المُتَغَيَّبِ
  إِنَّما وَضَع فيه الشاعِرُ المُتَغَيَّبَ موضع المُتَغَيِّب. قال ابنُ سيِدَه: وهكذا وجدتُه بخَطِّ الحَامِض، والصحِيح المُتَغَيِّب، بالكَسْرِ.
  وغَابَ الشَّيْءُ في الشَّيءِ يَغِيبُ غِيَابَةً بالكَسْرِ وغُيُوبةً بالضَّمِّ وبالفَتْح، هما عن الفَرَّاء وَغَيَاباً بالفَتْح وغِيَاباً وغِيبةً(١) بِكَسْرِهِمَا، وقوم غُيَّبٌ كرُكَّع وغُيَّابٌ مثل كُفَّار وغَيَبٌ، مُحرَّكةً، كخَادِم وخَدَمٍ، أَي غائِبُون، الأَخِيرةُ اسمٌ للجمْع، وصَحَّت اليَاءُ فيها تَنبِيهاً على أَصْل غاب، وإِنما تَثْبُتُ فيه الياءُ مع التَّحْرِيك؛ لأَنَّه شُبِّه بِصَيَدٍ وإِنْ كان جَمْعاً، وصيَدٌ مَصْدَرُ قَوْلك: بعِيرٌ أَصْيدُ؛ لأَنَّه يجوز أَن تَنْوِيَ به المَصْدَر.
  وفي حديثِ أَبِي سَعِيد «إِنَّ سَيِّد الحَيِّ سَلِيمٌ، وإِنّ نَفَرَنَا غَيَبٌ»(٢) أَي رِجَالنَا غَائِبُون.
  وقال الهَوَازِنِيّ: الغَابَةُ: الوَطْأَةُ(٣) مِنَ الأَرْض الَّتي دُونَهَا شُرْفَة، وهي الوَهْدَةُ، رواه شَمِر عن الهوازِنِيّ. وقال أَبو جَابِر الأَسَديّ: الغَابَة: الجمْعُ مِنَ النّاسِ، وَمن المَجَاز: أَتوْنَا في غَابَة. قلت: يُحْتَمَل أَنْ يكون بمَعْنَى جَمْع من النَّاسِ، أَوِ الغَابَة: الرُّمْحُ الطَّوِيلُ الذي له أَطْرَافٌ تُرَى كأَطْرَافِ الأَجَمَةِ أَو المُضْطَرِبُ منه فِي الرِّيح، وقِيلَ: هِيَ الرِّماح إِذَا اجتَمعتْ. قال ابنُ سِيَده: وَأُرَاه على التَّشْبِيه بالغَابَة الَّتِي هِيَ الأَجَمَةُ ذاتُ الشَّجَرِ المُتَكَاثِف؛ لأَنَّها تُغَيِّبُ مَا فِيهَا، والجَمْعُ من كُلِّ ذَلكَ غَابَاتٌ وَغَابٌ.
  وقيل: الغَابَة: الأَجَمَة الَّتِي طالَت ولهَا أَطْرَافٌ مُرْتفِعَةٌ باسقةٌ. يقال: ليْثُ غابةٍ. والغابُ: الآجام، وهو من الياء.
  وفي حَدِيثِ عَلَيٍّ كرَّم اللهُ وَجْهَه:
  كليْثِ غابَاتٍ شدِيدٍ قَسْوَرَهْ
  أَضَافَه إِلَى الغَابَاتِ لِشدَّته وقُوتَّه.
  وغَابَةُ: اسْمُ ع، بالحجازِ.
  وقال أَبو حَنِيفَة: الغَابَة: أَجَمةُ القَصب. قال: وقد جُعِلَت جماعَة الشَّجَر، لأَنَّه مَأْخُوذٌ من الغَيَابَةِ. وفي الحَدِيث «أَنّ مِنْبر سَيِّدِنا رسُولِ اللهِ ﷺ كان من أَثْلِ الغَابَةِ» وفي رواية: «من طَرْفاءِ الغَابَة».
  قال ابنُ الأَثير: الأَثْلُ: شَجَرٌ شَبِيهٌ بالطَّرْفَاءِ إِلَّا أَنَّه أَعْظَمُ منه. والغَابَةُ: غَيْضَةٌ ذَاتُ شَجَر كثير، وَهي على تِسْعَةِ أَمْيال من المَدِينَة. وقَال في مَوْضعِ آخَر(٤): هي مَوْضِع قَرِيبٌ من المدينة من عَوَاليهَا، وبِهَا أَمْوالٌ لأَهْلها، قال: وهو المَذْكُور في حَديثِ السِّباق.
  وفي حديثِ تَرِكَة ابْنِ الزُّبَيْر وغَيْر ذلك.
  وغَيَابَةُ كُلِّ شَيْءٍ: ما سَتَرَك؛ وهو قَعْرُه مِنْهُ كالجُبِّ والوَادِي وغَيْرهما. تَقولُ: وقَعْنَا فِي غَيْبَة من الأَرْض، أَي في هَبْطة، عن اللِّحيانيّ. ووقعوا في غَيابَةٍ من الأَرْض، أَي في مُنْهَبَطَ منها. ومنه قول الله ø: وأَلقُوهُ في غَيابَاتُ الجُبِّ(٥) وفي حرف أُبَيٍّ: «في غَيْبَة الجُبِّ».
  وبَدا غَيَبَاتُ(٦) الشّجَر بفَتح الغَيْن وتَخْفِيفِ اليَاء وآخِره تَاءٌ مُثَنَّاة فَوْقِية، هكَذَا في نُسْخَتِنا، وهو خَطَأٌ، وصَوَابُه غَيْبانُ بالنُونِ في آخِرِه وتُشَدَّدُ الياءُ التَّحْتِيَّة وفي نُسْخَة زِيَادَة قوله: وتُكْسَرُ، أَي الغَيْن عُرُوقُه التي تَغَيَّبَت منه، وذلك إِذا أَصابه البُعاقُ(٧) مِن المَطَرِ فاشْتَدَّ السَّيْلُ فحَفَر أُصولَ الشَّجَر حتى ظَهَرت عُروقُه وما تَغَيَّب مِنْهُ.
  وقال أَبُو حَنِيفَة: العَرَب تُسَمِّي ما لم تُصِبْه الشَّمْسُ من النَّبَاتِ كُلِّه الغَيْبَانَ بتَخْفِيف اليَاءِ، والغَيَابَةُ كالغَيْبَان، وعن أَبي زِيَادٍ الكِلَابِيّ: الغَيَّبَانُ بالتَّشْدِيد والتَّخْفِيفِ مِنَ النَّبَاتِ: ما غَابَ عَنِ الشَّمْسِ فلم تُصِبْه، وكذلك غَيَّبَانُ العُرُوق.
  كذَا في لسان العرب.
  وروى بعْضُهُم أَنّه سَمِع: غَابَه يَغِيبُه، إِذَا عابَه وذَكَره بِمَا فِيهِ مِنَ السُّوء. وفي عبارة غَيْره وذَكَر منه ما يَسُوءُه، كاغْتَابَه.
(١) في الصحاح: غَيبة.
(٢) غَيَبٌ بالتحريك جمع غائب مخادم وخَدَم وقد مرت قريباً.
(٣) اللسان: الوطاءة.
(٤) قاله ابن الأثير في مادة «غيب».
(٥) سورة يوسف الآية ١٠.
(٦) في القاموس: «وغَيابُ الشجر» وفي نسخة ثانية: «وغيبان الشجر».
(٧) يقال مطر بُعاق وبِعاق. وسيل بُعاق وبِعاق: شديد الدفعة. قال أبو حنيفة: وهو الذي يجرف كل شيء (اللسان: بعق).