تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[فجرم]:

صفحة 532 - الجزء 17

  فَحْمَةُ العِشاءِ»⁣(⁣١)، أَي شِدَّةُ سَوادِ اللَّيلِ وظُلْمَتِهِ، وإنَّما يكونُ ذلِكَ في أَوَّلِه، والتي بينَ العَتْمَةِ والغَدَاةِ العَسْعَسَةُ.

  قالَ ابنُ بَرِّي: حَكَى حَمْزةُ بنُ الحَسَنِ الأَصْبَهانيُّ أَنَّ أَبا الفَضْلِ قالَ: أَخْبَرنا أَبو مَعْمَر عبدُ الوَارِثِ قالَ: كنَّا ببابِ بكْرِ بنِ حبيبٍ فقالَ عيسَى بنُ عُمَر في عرضِ كَلامٍ له قَحْمَة العِشاءِ، فقُلْنا: لعلَّها فَحْمَةُ العِشاءِ، فقالَ: هي قَحْمَةٌ، بالقافِ، لا يُخْتَلَفُ فيها؛ فدَخَلْنا على بكْرِ بنِ حبيبٍ فحَكَيْناها له فقالَ: هي بالفاءِ لا غَيْر، أَي فَوْرَتُه.

  خاصٌّ بالصَّيْفِ ولا يكونُ بالشِّتاءِ، ج فِحامٌ، بالكسْرِ، وِفُحومٌ، بالضمِّ، كَمَأْنَةٍ ومُؤون، قالَ كثيِّرٌ:

  تُنازِعُ أَشْرافَ الإِكامِ مَطِيَّتي ... مِن اللَّيلِ سيحاناً شَدِيداً فُحومُها

  ويَجوزُ أَنْ يكونَ فُحومُها سَوادها كأَنَّه مَصْدر فَحُم.

  وِالفَحْمُ، كالمَنْعِ: الشَّرْبَةُ في هذِهِ الأَوْقَاتِ المَذْكُورَةِ كالجاشِرِيَّةِ والصَّبُوحِ والغَبُوقِ والقَيْلِ.

  وأَنْكَرَه الأَزْهرِيُّ.

  وِأَفْحِموا عَنْكُمْ من اللَّيلِ وِفَحِّمُوا: أَي لا تَسيروا في فَحْمَتِهِ حتى تَذْهَبَ.

  وقالَ الجَوْهرِيُّ: أَي في أَوَّل فَحْمَتِهِ، وهو أَشَدُّ اللَّيلِ سَواداً.

  وِانْطَلَقْنا فَحْمَةَ⁣(⁣٢) السَّحَرِ: أَي حِيْنُه.

  وِجاءَنا فَحْمَة⁣(⁣٢) ابنُ جُمَيْرٍ إذا جاءَ نِصْفُ اللَّيلِ؛ أَنْشَدَ ابنُ الكَلْبي:

  عِنْدَ دَيْجورِ فَحْمةِ ابن جُمَيْرٍ ... طَرَقَتْنا والليلُ داجٍ بَهِيمُ⁣(⁣٣)

  وِالفاحِمُ: الأَسْوَدُ مِن كلِّ شيءٍ بيِّنُ الفُحُومةِ، كالفَحِيمِ، ويُبالَغُ فيه فيُقالُ: أَسْودُ فاحِمٌ.

  وشَعَرٌ فَحِيمٌ: أَسْودُ، وقد فَحُمَ، ككَرُمَ، فُحُوماً، بالضَّمِّ، وِفُحُومَةً، وهو الأَسْودُ الحَسَنُ؛ قالَ:

  مُبَتَّلة هَيْفاء رُؤْد شَبابُها ... لها مُقْلَتا رِيمٍ وأَسْودُ فاحِمُ

  وِالمُفْحَمُ، كَمُكْرَمٍ: العَيِيُّ، لأنَّ وَجْهَه يَسْوَدُّ مِن الغَضَبِ فيصيرُ كالفَحْمِ.

  وِأَيْضاً: مَنْ لا يَقْدِرُ يقولُ شِعْراً.

  وِأَفْحَمَه الهَمُّ أَو غيرُهُ: مَنَعَهُ مِن قول الشِّعْرِ.

  وِيقالُ: هاجَاهُ فَأَفْحَمَهُ، أَي صادَفَهُ مُفْحَماً لا يقولُ الشِّعْرَ.

  قالَ ابنُ بَرِّي: يقالُ هاجَيْتَه فأَفْحَمْتَه بمعْنَى أَسْكَتُّه.

  قالَ: ويَجيءُ أَفْحَمْتَه بمعْنَى صَادَفْتَه مُفْحَماً، تقولُ: هَجَوْتُه فأَفْحَمْتُه أَي صَادَفْتُه مُفْحماً.

  قالَ: ولا يَجوزُ في هذا هاجَيْتَه لأنَّ المُهاجَاةَ تكونُ مِنَ اثْنَيْن، وإذا صادَفَه مُفْحماً لم يكنْ منه هِجَاء، فإذا قُلْت فما أَفْحَمْناكُم بمعْنَى ما أَسْكَتْناكُم جَازَ كقَوْلِ عَمْرو بنِ معدِيكْرِب: وهاجَيْناكُم فما أَفْحَمْناكُم أي فما أَسْكَتْناكُم عنِ الجَوابِ، اه.

  وهو ظاهِرٌ لا مرية فيه.

  وِفَحَمَ الصَّبيُّ كنَصَرَ؛ هكذا في النُّسخِ والصَّوابُ: كمَنَعَ كما هو مَضْبوطٌ في نسخِ الصِّحاحِ، ونَقَلَه عن الكِسائيّ؛ وِفَحِمَ مِثْلُ عَلِمَ وعُنِيَ، فَحْماً بالفتح وِفُحاماً وِفُحوماً، بضمِّهما، وِأُفْحِمَ بالضَّمِّ: كلُّ ذلِكَ بَكَى حتى انْقَطَعَ نَفَسُه وصَوْتُه وارْبَدَّ وَجْهُهُ.

  واقْتَصَرَ الجوْهرِيُّ على الأوّل والأخيرِ، وكذا على المَصْدَرَيْنِ الأَخِيرَيْن.

  وِفَحَمَ الكَبْشُ، كمَنَعَ وعَلِمَ: صاحَ، فهو فاحِمٌ وِفَحِمٌ، ككَتِفٍ.

  ويقالُ: ثَغَا الكَبْشُ حتى فَحِمَ أَي صارَ في صَوْتِه بُحُوحةٌ.


- بالنون والأول هو المحفوظ نبه عليه في النهاية في مادة نشأ».

(١) في اللسان: السماء.

(٢) في القاموس بالضم.

(٣) اللسان.