تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل القاف مع الميم

صفحة 571 - الجزء 17

  وفي الصِّحاحِ: فلانٌ مُقَسَّمُ الوَجْهِ وِقَسِيمُ الوَجْهِ؛ وقالَ علباءُ بنُ أَرْقَمَ يَذْكر امْرَأَتِه:

  وِبَوْماً تُوافِينا بوَجْهٍ مُقَسَّمٍ ... كأَنْ ظَبْية تَعْطُو إِلى وارِق السَّلَمْ⁣(⁣١)

  وقالَ أَبو مَيْمونَ يَصِفُ فَرَساً:

  كلِّ طَوِيلِ السّاقِ حُرِّ الخَدَّيْنِ ... مُقَسَّمِ الوجهِ هَرِيتِ الشِّدْقَيْنِ⁣(⁣٢)

  وِقد قَسُمَ، ككَرُمَ، قَسامَةً، وبه فَسَّرَ بعضٌ قَوْلَ عَنْتَرَة:

  وِكأَنَّ فارَةَ تاجِرٍ بقَسِيمةٍ⁣(⁣٣)

  كما في الصِّحاحِ.

  وِالقَسَمُ، محرَّكةً، وِالمُقْسَمُ، كمُكْرَمٍ، وهو المَصْدَرُ مِثْلُ المُخْرَجِ: اليَمينُ باللهِ تعالى.

  وِقد أَقْسَمَ إِقْساماً، هذا هو المَصْدَرُ الحَقِيقيُّ؛ وأَمَّا القَسَمُ فإنَّه اسْمٌ أُقِيمَ مَقَام المَصْدَرِ؛ ومَوْضِعُه الذي حلفَ فيه مُقْسَمٌ كمُكْرَمٍ، والضَّميرُ راجِعٌ إلى الإِقْسامِ؛ وأَنْشَدَ الجَوْهرِيُّ:

  بمُقْسَمةٍ تَمُورُ بها الدِّماء⁣(⁣٤)

  يعْنِي مَكَّة؛ وهو قوْلُ زُهَيْرٍ وصَدْرُهُ:

  فتُجْمَعُ أَيْمُنٌ مِنَّا ومِنْكُم

  وِاسْتَقْسَمَهُ به⁣(⁣٥): أَي أَقْسَمَ به.

  وفي بعضِ النسخِ: وِاسْتَقْسَمَهُ وبه، والصَّوابُ الأوَّل.

  وِتَقاسَما: تَحالَفا، مِن القَسَم وهو اليَمينُ؛ ومنه قوْلُه تعالَى: {قالُوا تَقاسَمُوا بِاللهِ}⁣(⁣٦). وِتَقاسَما المالَ: اقْتَسَماهُ بَيْنَهُما.

  فالاقْتِسامُ وِالتَّقاسمُ بمعْنًى واحِدٍ؛ والاسْمُ منهما: القِسْمَةُ؛ ومنه قَوْله تعالَى: {كَما أَنْزَلْنا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ}⁣(⁣٧).

  قالَ ابنُ عرفَةَ: هُمُ الذين تَقاسَمُوا وتَحالَفُوا على كَيْدِ الرَّسُولِ .

  وِالقَسامَةُ: الهُدْنَةُ بَيْنَ العَدُوِّ والمُسْلمينَ، ج قَساماتٌ؛ عن ابنِ الأَعْرَابيِّ.

  وِالقَسامَةُ: الجَماعَةُ الذين يقسِمونَ، أَي يَحْلِفُونَ على الشَّيءِ، وفي التهذِيبِ: على حَقِّهم، ويأْخُذونَهُ؛ وفي المُحْكَم يُقْسِمُونَ على الشيءِ؛ أَو يَشْهَدونَ؛ ويَمِينُ القَسامَةِ مَنْسوبَةٌ إليهم.

  وفي حدِيْثٍ: الأَيْمانُ: «تُقْسَمُ على أَوْلِياءِ الدمِ».

  وقالَ أَبو زيْدٍ: جاءَتِ قَسامَةٌ للرَّجلِ، سُمِّي بالمَصْدَرِ.

  وقَتَلَ فلانٌ فُلاناً بالقَسامَةِ، أَي باليَمِينِ.

  وجاءَتْ قَسامَةٌ مِن بَنِي فلانٍ، وأَصْلُه اليَمِيْن ثم جُعِل قَوْماً.

  قالَ الأَزْهرِيُّ: تَفْسِيرُ القَساماتِ في الدمِ أَنْ يُقْتلَ رجُلٌ فلا يَشْهَدُ على قَتْلِ القاتِلِ إيَّاه بَيِّنة عادِلَة كامِلَة، فيَجِيءُ أَوْلِياءُ المَقْتولِ فيَدَّعونَ قِبَل رجُلٍ أَنَّه قَتَلَه ويُدْلُونَ بلَوْثٍ مِن بَيِّنةٍ غيرِ كامِلَةٍ، وذلِكَ أن يُوجدَ المُدَّعى عليه مُتَلَطِّخاً بدمِ القَتِيلِ في الحالَةِ التي وُجِدَ فيها، أَو يَشْهدَ رجُلٌ عَدْلٌ أَو امْرأَةٌ ثِقَةٌ أنَّ فلاناً، قَتَلَه، أَو يُوجَد القَتِيلُ في دارِ القاتِلِ وقد كانَ بَيْنهما عَداوَةٌ ظاهِرَةٌ قَبْلَ ذلِكَ، فإذا قامَتْ دَلالَةٌ مِن هذه الدَّلَالاتِ سَبَق إلى قَلْبِ مَنْ سَمِعَه أنَّ دَعْوى الأَوْلِياءِ صَحِيحَةٌ، فَيُسْتَخْلَفُ أَوْلياءُ القَتِيلِ خَمْسِينَ يَمِيناً أنَّ فلاناً الذي ادَّعوا قتلَه انْفَرَدَ بقَتْلِ صاحِبِهم ما شَرَكَه في دمِهِ أَحَدٌ، فإِذا حَلَفُوا خَمْسِينَ يَمِيناً اسْتَحقّوا ديَّةَ قَتِيلِهم، فإن أَبَوْ أَنْ يحْلِفُوا مع اللَّوْثِ الذي أَدْلَوا به حَلَفَ المُدَّعى عليه وبَرِئَ، وإن نَكَلَ المُدَّعى عليه عن


(١) اللسان ونسبه إلى كعب بن أرقم اليشكري، وفي الصحاح والتهذيب بدون نسبة.

(٢) اللسان والصحاح.

(٣) ديوانه وعجزه:

سبقت عوارضها إليك من الفم

والبيت في اللسان بدون نسبة، وفي التهذيب والصحاح.

(٤) البيت في الصحاح منسوباً لزهير، وهو في ديوانه ط بيروت ص ١٣ واللسان.

(٥) بالقاموس: وبه.

(٦) النمل، الآية ٤٩.

(٧) الحجر، الآية ٩٠.