تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

«فصل القاف»

صفحة 323 - الجزء 2

  كقولكِ، بَيْتُ المَلِكِ، أَي: قصرُهُ، وسيأْتِي. قال شيخُنا: وأَخرجَ الطَّبرانِيُّ عن فاطمةَ، ^، قالتْ: «قُلْتُ: يا رَسُولَ اللهِ، أَيْنَ أُمِّي؟ قال: في بَيْتٍ من قَصَبٍ.

  قلتُ: أَمِنْ هذا القَصَبِ؟ قال: لا، من القَصَبِ المنظومِ بالدُّرِّ والياقُوتِ واللُّؤْلُؤِ».

  ثمَّ قال: قلتُ: وقد قال بعضُ حُذّاقِ المُحَدِّثينَ: إِنّهُ إِشارةٌ إِلى أَنّها حازَتْ قَصَبَ السَّبْقِ، لأَنَّهَا أَوَّلُ منْ أَسلَمَ مُطْلَقاً، أَو من النّساءِ، انتهى.

  ومن المَجَاز: خَرَجَ الماءُ من القَصَبِ، وهي مَجارِي الماءِ من العُيُونِ، ومَنَابِعها. وفي التَّهْذِيب عن الأَصْمَعِيّ: القَصَبُ: مَجَارِي ماءِ البِئرِ من العُيُونِ، واحِدَتُهَا قَصَبَةً؛ قالَ أَبو ذُؤَيْب:

  أَقامَتْ به فَابْتَنَتْ خَيْمَةً ... على قَصَبِ وفُرَاتٍ نَهَرْ⁣(⁣١)

  قال الأَصْمَعِيُّ: قَصَبُ البَطْحاءِ: مياهٌ تَجِري إِلى عُيُونِ الرَّكَايا، يقول: أَقامتْ بين قَصَبٍ، أَيْ: رَكايا، وماءٍ عَذْبٍ.

  وكُلُّ [ماءٍ]⁣(⁣٢) عَذْبٍ: فُراتٌ؛ وكُلُّ كثيرٍ جَرَى فقَدْ نَهَرَ واسْتَنْهَرَ.

  والقُصْبُ، بالضَّمِّ: الظَّهْرُ هكذا في نسختنا، وقد تصفَّحْتُ أُمَّهاتِ اللُغَة، فلم أَجِدْ مَنْ ذَكَرَهُ، وإِنّمَا في لسان العرب قال: وأَما قَوْلُ امْرِئ القَيْسِ:

  والقُصْبُ مُضْطَمِرٌ والمَتْنُ مَلْحُوبُ

  فيُرِيدُ به الخَصْرَ، وهو على الاستِعارة، والجمع أَقْصابٌ. قلتُ: فلَعَلَّهُ «الخَصْرُ» بدل «الظَّهْرِ»، ولم يتعرَّضْ شيخُنا له، ولم يَحُمْ حِماهُ، فليُحَقَّقْ.

  والقُصْبُ أَيضاً: المِعَى، بالكسر، ج: أَقْصَابٌ، وفي الحديث «أَنّ عَمْرَو بْنَ لُحَيٍّ⁣(⁣٣) أَوَّلُ من بَدَّلَ دِينَ إِسماعيلَ، #» قال النبيُّ، : «فرَأَيْتُهُ يَجُرُّ قُصْبَهُ في النّارِ» وقيل: القُصْب: اسْمٌ لِلأَمْعاءِ كُلِّهَا، وقيل: هو ما كان أَسفلَ البطن من الأَمعاءِ، ومنه الحدِيث: «الَّذِي يَتخطَّى رِقَابَ النَّاسِ يومَ الجُمُعةِ كالجارِّ قُصْبَهُ في النَّارِ».

  وقال الرَّاعي:

  تَكْسُو المَفَارِقَ واللَّبَّاتِ ذَا أَرَجٍ ... مِنْ قُصْبِ مُعْتَلِفِ الكافورِ دَرَّاجِ

  والقَصّابُ، كشَدّادٍ: الزَّمّارُ، والنَّافِخُ في القَصَبِ، قالَ:

  وقاصِبُونَ لنا فِيهَا وسُمّارُ

  وقال رُؤْبَةُ يَصِفُ الحِمَارَ:

  في جَوْفِه وَحْيٌ كوَحْيِ القَصَّابْ

  يعني عَيْراً يَنْهَقُ.

  والقَصَّابُ: الجزّارُ، كالقاصِب فيهِمَا، والمسموع في الأَولِ كثيرٌ، وحِرْفَةُ الأَخِيرِ القِصَابةُ، كذا في المصباح⁣(⁣٤).

  وكلامُ الجَوْهَرِيّ يقتضِي أَنّ هذا التَّصريفَ في الزَّمْرِ أَيضاً، قاله شيخُنا؛ فإِمَّا أَنْ يكونَ من القَطْعِ، وإِمّا أَن يكونَ من أَنَّهُ يأْخُذُ الشَّاةَ بقَصَبتِها، أَي بسَاقِها. وقيل: سُمِّيَ القَصّابُ قَصّاباً، لِتَنْقِيَتِهِ أَقْصابَ البَطْنِ. وفي حديثِ عليّ، كرَّمَ اللهُ وَجهَهُ: «لَئنْ وَلِيتُ بنِي أُمَيَّةَ لأَنْفُضَنَّهُمْ نَفْضَ القَصّابِ التِّرَابَ الوذِمَةَ» يُرِيدُ اللحُومَ الّتي تَتَرَّبُ⁣(⁣٥) بسُقُوطِها في التُّرَاب؛ وقيل أَرادَ بالقَصَّابِ السَّبُعَ. والتِّرابُ: أَصْلُ ذِرَاعِ الشَّاةِ، وقد تقدم في ت ر ب.

  وعن ابْنِ شُمَيْلٍ: أَخَذَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فقَصَّبَه.

  والتَّقْصِيبُ: أَنْ يَشُدَّ يَدَيْهِ إِلى عُنُقِهِ، ومنه سُمِّيَ القَصّابُ قَصّاباً. كذا في لسان العرب.

  ومن المَجَاز: القَصْبَة، بفتح فسُكُون⁣(⁣٦)، كذا هو مضبوطاً في نسختنا: البِئرُ الحَدِيثَةُ الحَفْرِ، ويقال: بِئْرٌ مستقيمةُ القَصبةِ.

  والقَصَبَة⁣(⁣٧): القَصْرُ، أَوْ جَوْفه. يقال: كنت في قَصَبةِ البلدِ، والقَصر، والحِصْن، أَي: في جوفه.


(١) «به» عن الصحاح، وبالأصل «بها» وفي المطبوعة الكويتية «نَهِر تصحيف وما أثبتناه يوافق الصحاح واللسان.

(٢) زيادة عن اللسان.

(٣) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله ابن لحي هذا هو الصواب وما وقع ببعض النسخ ابن قمئة فهو خطأ» وفي اللسان والنهاية فكالأصل.

(٤) ومثله في اللسان والصحاح.

(٥) في اللسان «تعفّرت» وقال ابن الأثير: التراب جمع ترب مخفيف ترب والوذمة المتقطعة الأوذام وهي السيور التي تشد بها عرى الدلو.

(٦) في اللسان: القَصَبَة.

(٧) قوله والقصبة إلى قوله كذا في لسان العرب أهمل في الأصل ضبط حرف الصاد مِنَ القصبة. وفي اللسان والصحاح والقصبة بالتحريك.