«فصل القاف»
  كقولكِ، بَيْتُ المَلِكِ، أَي: قصرُهُ، وسيأْتِي. قال شيخُنا: وأَخرجَ الطَّبرانِيُّ عن فاطمةَ، ^، قالتْ: «قُلْتُ: يا رَسُولَ اللهِ، أَيْنَ أُمِّي؟ قال: في بَيْتٍ من قَصَبٍ.
  قلتُ: أَمِنْ هذا القَصَبِ؟ قال: لا، من القَصَبِ المنظومِ بالدُّرِّ والياقُوتِ واللُّؤْلُؤِ».
  ثمَّ قال: قلتُ: وقد قال بعضُ حُذّاقِ المُحَدِّثينَ: إِنّهُ إِشارةٌ إِلى أَنّها حازَتْ قَصَبَ السَّبْقِ، لأَنَّهَا أَوَّلُ منْ أَسلَمَ مُطْلَقاً، أَو من النّساءِ، انتهى.
  ومن المَجَاز: خَرَجَ الماءُ من القَصَبِ، وهي مَجارِي الماءِ من العُيُونِ، ومَنَابِعها. وفي التَّهْذِيب عن الأَصْمَعِيّ: القَصَبُ: مَجَارِي ماءِ البِئرِ من العُيُونِ، واحِدَتُهَا قَصَبَةً؛ قالَ أَبو ذُؤَيْب:
  أَقامَتْ به فَابْتَنَتْ خَيْمَةً ... على قَصَبِ وفُرَاتٍ نَهَرْ(١)
  قال الأَصْمَعِيُّ: قَصَبُ البَطْحاءِ: مياهٌ تَجِري إِلى عُيُونِ الرَّكَايا، يقول: أَقامتْ بين قَصَبٍ، أَيْ: رَكايا، وماءٍ عَذْبٍ.
  وكُلُّ [ماءٍ](٢) عَذْبٍ: فُراتٌ؛ وكُلُّ كثيرٍ جَرَى فقَدْ نَهَرَ واسْتَنْهَرَ.
  والقُصْبُ، بالضَّمِّ: الظَّهْرُ هكذا في نسختنا، وقد تصفَّحْتُ أُمَّهاتِ اللُغَة، فلم أَجِدْ مَنْ ذَكَرَهُ، وإِنّمَا في لسان العرب قال: وأَما قَوْلُ امْرِئ القَيْسِ:
  والقُصْبُ مُضْطَمِرٌ والمَتْنُ مَلْحُوبُ
  فيُرِيدُ به الخَصْرَ، وهو على الاستِعارة، والجمع أَقْصابٌ. قلتُ: فلَعَلَّهُ «الخَصْرُ» بدل «الظَّهْرِ»، ولم يتعرَّضْ شيخُنا له، ولم يَحُمْ حِماهُ، فليُحَقَّقْ.
  والقُصْبُ أَيضاً: المِعَى، بالكسر، ج: أَقْصَابٌ، وفي الحديث «أَنّ عَمْرَو بْنَ لُحَيٍّ(٣) أَوَّلُ من بَدَّلَ دِينَ إِسماعيلَ، #» قال النبيُّ، ﷺ: «فرَأَيْتُهُ يَجُرُّ قُصْبَهُ في النّارِ» وقيل: القُصْب: اسْمٌ لِلأَمْعاءِ كُلِّهَا، وقيل: هو ما كان أَسفلَ البطن من الأَمعاءِ، ومنه الحدِيث: «الَّذِي يَتخطَّى رِقَابَ النَّاسِ يومَ الجُمُعةِ كالجارِّ قُصْبَهُ في النَّارِ».
  وقال الرَّاعي:
  تَكْسُو المَفَارِقَ واللَّبَّاتِ ذَا أَرَجٍ ... مِنْ قُصْبِ مُعْتَلِفِ الكافورِ دَرَّاجِ
  والقَصّابُ، كشَدّادٍ: الزَّمّارُ، والنَّافِخُ في القَصَبِ، قالَ:
  وقاصِبُونَ لنا فِيهَا وسُمّارُ
  وقال رُؤْبَةُ يَصِفُ الحِمَارَ:
  في جَوْفِه وَحْيٌ كوَحْيِ القَصَّابْ
  يعني عَيْراً يَنْهَقُ.
  والقَصَّابُ: الجزّارُ، كالقاصِب فيهِمَا، والمسموع في الأَولِ كثيرٌ، وحِرْفَةُ الأَخِيرِ القِصَابةُ، كذا في المصباح(٤).
  وكلامُ الجَوْهَرِيّ يقتضِي أَنّ هذا التَّصريفَ في الزَّمْرِ أَيضاً، قاله شيخُنا؛ فإِمَّا أَنْ يكونَ من القَطْعِ، وإِمّا أَن يكونَ من أَنَّهُ يأْخُذُ الشَّاةَ بقَصَبتِها، أَي بسَاقِها. وقيل: سُمِّيَ القَصّابُ قَصّاباً، لِتَنْقِيَتِهِ أَقْصابَ البَطْنِ. وفي حديثِ عليّ، كرَّمَ اللهُ وَجهَهُ: «لَئنْ وَلِيتُ بنِي أُمَيَّةَ لأَنْفُضَنَّهُمْ نَفْضَ القَصّابِ التِّرَابَ الوذِمَةَ» يُرِيدُ اللحُومَ الّتي تَتَرَّبُ(٥) بسُقُوطِها في التُّرَاب؛ وقيل أَرادَ بالقَصَّابِ السَّبُعَ. والتِّرابُ: أَصْلُ ذِرَاعِ الشَّاةِ، وقد تقدم في ت ر ب.
  وعن ابْنِ شُمَيْلٍ: أَخَذَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فقَصَّبَه.
  والتَّقْصِيبُ: أَنْ يَشُدَّ يَدَيْهِ إِلى عُنُقِهِ، ومنه سُمِّيَ القَصّابُ قَصّاباً. كذا في لسان العرب.
  ومن المَجَاز: القَصْبَة، بفتح فسُكُون(٦)، كذا هو مضبوطاً في نسختنا: البِئرُ الحَدِيثَةُ الحَفْرِ، ويقال: بِئْرٌ مستقيمةُ القَصبةِ.
  والقَصَبَة(٧): القَصْرُ، أَوْ جَوْفه. يقال: كنت في قَصَبةِ البلدِ، والقَصر، والحِصْن، أَي: في جوفه.
(١) «به» عن الصحاح، وبالأصل «بها» وفي المطبوعة الكويتية «نَهِر تصحيف وما أثبتناه يوافق الصحاح واللسان.
(٢) زيادة عن اللسان.
(٣) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله ابن لحي هذا هو الصواب وما وقع ببعض النسخ ابن قمئة فهو خطأ» وفي اللسان والنهاية فكالأصل.
(٤) ومثله في اللسان والصحاح.
(٥) في اللسان «تعفّرت» وقال ابن الأثير: التراب جمع ترب مخفيف ترب والوذمة المتقطعة الأوذام وهي السيور التي تشد بها عرى الدلو.
(٦) في اللسان: القَصَبَة.
(٧) قوله والقصبة إلى قوله كذا في لسان العرب أهمل في الأصل ضبط حرف الصاد مِنَ القصبة. وفي اللسان والصحاح والقصبة بالتحريك.