[ونم]:
  وفي بعضِ رِوايَةِ هذا الحَدِيْث: «وكيفَ لا أَيهَمُ»؟
  قالَ ابنُ الأَثيرِ: هذا على لُغَةِ بعضِهم، الأصْلُ أَوْهَمُ بالفتْحِ والواوِ، فكُسِرتِ الهَمْزَةُ لأَنَّ قوماً مِنَ العَرَبِ يكسِرُونَ مُسْتقبَل فَعِل فيَقولُونَ إعْلَمُ ونِعْلَم، فلمَّا كُسِرَتْ هَمْزَة أَوْهَمُ انْقَلَبَتِ الواوُ ياءً.
  أَو وَهَمَ، كوَعَدَ، ووَرِثَ، وِأَوْهَمَ بمعْنًى واحِدٍ؛ وهو قَوْل ابنِ الأَعْرَابيِّ.
  وقالَ شَمِرٌ: ولا أَرَى الصَّحِيح إلَّا هذا؛ وأَنْشَدَ ابنُ الأَعْرَابيِّ:
  فإن أَخْطَأْتُ أو أَوْهَمْتُ شَيئاً ... فقد يَهِمُ المُصافي بالحَبيبِ(١)
  وقالَ الزِّبْرِقانُ بنُ بَدْر:
  فبِتِلك أَقْضي الهَمَّ إذ وَهِمَتْ به ... نَفْسي ولستُ بِنَأْنا عَوَّارِ(٢)
  وِتَوَهَّمَ: ظَنَّ؛ كما في الصِّحاحِ.
  وقالَ أَبو البَقاءِ: هو سَبَق الذِّهْن إلى الشيءِ.
  وِأَوْهَمَه إِيهاماً وِوَهَّمَه غيرُهُ تَوْهِيماً، أَنْشَدَ ابنُ بَرِّي لحُمَيْد الأَرْقَطِ:
  بَعِيد توْهِيم الوِقاع والنَّظَرْ
  وِأَتْهَمَه بكذا إِتْهاماً، على أَفْعَلَه؛ نَقَلَه الجَوْهرِيُّ عن أَبي زيْدٍ.
  وِاتَّهَمَّه، كافْتَعَلَهُ، وِكذا أَوْهَمَه: أَدْخَلَ عليه التُّهَمَةَ، كهُمَزَةٍ: أَي ما يُتَّهَمُ عليه، أَي ظنَّ فيه ما نُسِبَ إليه.
  قالَ الجَوْهرِيُّ: التُّهَمَةُ، بالتَّحْريكِ، أَصْلُ التاءِ فيه واوٌ على ما ذَكَرْناه في وَكَلَة.
  وقالَ ابنُ سِيْدَه: التُّهَمةُ الظَّنُّ، تاؤُهُ مُبْدلةٌ مِن واوٍ كما أَبْدَلُوها في تُخَمةٍ. قالَ شيْخُنا: وقد مَرَّ أَنَّهم تَوهَّمُوا أصالَةَ التاءِ ولذلِكَ بَنوا منه الفِعْل وغيرَه.
  فاتَّهَمَ هو فهو مُتَّهَمٌ وِتَهِيمٌ؛ وأَنْشَدَ ابنُ السِّكِّيت:
  هُما سَقياني السُّمَّ من غيرِ بِغضةٍ ... على غيرِ جُرْمٍ في إِناءٍ تَهِيمِ(٣)
  * وممَّا يُسْتدركُ عليه:
  تَوَهَّمَ الشَّيءَ: تخيَّلَهُ وتمثَّلَهُ، كانَ في الوُجودِ أَوْ لم يكن.
  وِتَوَهَّمَ فيه الخَيْرَ: مِثْل تَفَرَّسَهُ وتَوَسَّمَهُ؛ قالَ زهيرٌ:
  فَلأْياً عَرَفْتُ الدارَ بعدَ تَوهُّمِ(٤)
  وِأَوْهَمَ الشيءَ: تَرَكَهُ كُلّه؛ عن ثَعْلَب.
  وِالتُّهْمَةُ، بضمِّ فسكونٍ: لُغَةٌ في التُّهَمَةِ، كهُمَزَةٍ، وهكذا
  رُوِي في الحَدِيْث: أَنَّه حُبِس في تُهْمةٍ؛ وهي لُغَةٌ صَحِيحَةٌ، نَقَلَها صاحِبُ المِصْباحِ عن الفارَابي وتَبِعَه ابنُ خَطيبِ الدهشة في التَّقْريبِ، وحَكَاهُ الصَّفديُّ في شَرْحِ اللامِيَّةِ.
  وفي شرْحِ المِفْتاحِ لابنِ كَمالٍ: هي بالسّكونِ في المَصْدرِ وبالتَّحْريكِ اسْمٌ.
  ونَظَرَ فيه الشّهابُ ونقلَ الوَجْهَيْن في التَّوْشيح وهو الصَّحِيح.
  * قُلْت: ويدلُّ على صحَّةِ هذه اللُّغَةِ قَوْلُ سِيْبَوَيْه في جَمْعِها على التُّهَمِ، واسْتَدَلَّ على أنَّه جَمْعٌ مكَسَّرٌ بقوْلِ العَرَبِ: هي التُّهَمُ، ولم يقُولُوا: هو التُّهَمُ، كما قالوا هو الرُّطَبُ، حيثُ لم يَجْعلوا الرُّطَبَ تَكْسِيراً، إنَّما هو مِن بابِ شَعيرَةٍ وشَعيرٍ.
  ويُطْلَقُ الوَهمُ على العَقْلِ أَيْضاً: نَقَلَه شيْخُنا.
  وِالوَهْمَةُ: الناقَةُ الضَّخْمَةُ، وأَنْشَدَ الجَوْهرِيُّ للكُمَيْت:
(١) اللسان بدون نسبة، وفي التهذيب والأساس منسوباً لعدي بن زيد، وفيهما: «أمراً»، بدل: «شيئاً».
(٢) اللسان والتهذيب وفيهما: بنأنإٍ.
(٣) اللسان.
(٤) من معلقته، وصدره:
وقفت بها من بعد عشرين حجة