تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[هلدم]:

صفحة 763 - الجزء 17

  وحَكَى أَبو عَمْرٍو عن العَرَبِ: هَلُمِّينَ يا نِسْوة.

  وقالَ اللَّيْثُ: هَلُمَّ كلمةُ دَعْوةٍ إلى شيءٍ، الواحِدُ والاثْنان والجَمْعُ والتأْنِيثُ والتَّذْكِيرُ سواءٌ، إلَّا في لُغَةِ بَني سَعْدٍ فإنَّهم يَحْملونَه على تَصْرِيفِ الفِعْلِ، تقولُ: هَلُمَّ هَلُمَّا هَلُمُّوا، ونَحْو ذلِكَ.

  وِقد تُوصَلُ باللَّامِ فيُقالُ هَلُمَّ لَكَ وِهَلُمَّ لَكُما، كما قالوا هَيْت لَكَ؛ كذا في الصِّحاحِ.

  وقالَ الأَزْهرِيُّ: ورأَيْتُ من العَرَبِ مَنْ يَدْعو الرَّجُلَ إلى طعامِه فيقولُ: هَلُمَّ لَكَ، ومِثْلُه قوْلُه ø: {هَيْتَ لَكَ}⁣(⁣١).

  وقالَ شيْخُنا: هَلُمَّ تَتَعدَّى بنفْسِها كـ {هَلُمَّ شُهَداءَكُمُ}، وبإلى كـ {هَلُمَّ إِلَيْنا}، وباللام كهَلُمَّ للثَّريدِ. وزَعَمَ ابنُ الكَمال: أنَّها لا تُسْتَعْملُ إلَّا مُتَعدِّيَة بنفْسِها، وكَلمةُ إلى واللام في التَّراكِيبِ صِلَةٌ؛ واعْتَرَضوا على الناصرِ البَيْضاوِي، والصَّوابُ أنَّها تتَعدَّى بنَفْسِها أَحْياناً وبإلى أُخْرى؛ وحَرَّر ذلِكَ الجلال في عقودِ الزبْرجدِ، وابنُ هِشامٍ في رسالَتِه التي له فيها.

  وِتُثَقَّلُ بالنونِ فيُقالُ هَلُمَّنَّ يا رَجُل، وفي المُؤَنَّثِ: هَلُمِّنَّ، بكسْرِ المِيمِ، وفي الجَمْعِ: هَلُمُّنَّ بضمِّهما، وفي التَّثْنِيَة: هَلُمَّانِ للمُذَكَّرِ والمُوءَنَّثِ جَمِيعاً، وللنِّسْوَةِ هَلْمُمْنان بتَخْفيفِ النونِ الأَخيرَةِ، ويقولُ المُجيبُ لمَنْ قالَ هَلُمَّ كذا وكذا، فيقولُ: إلامَ أَهَلُمُّ، بفتحِ الهمزةِ والهاءِ⁣(⁣٢)، وأَصْلُه إلى م⁣(⁣٣) أَلُمُّ وتُرِكَ الهاءُ على ما كانَتْ عليه؛ وإذا قيلَ لَكَ: هَلُمَّ كذا وكذا، قُلْتَ: لا أَهَلُمُّهُ، بفتحِ الهَمْزَةِ والهاءِ؛ كذا في الصِّحاحِ؛ وقد تُضَمُّ الهمزَةُ وَحْدَها وقد تُضَمُّ الهمزَةُ واللَّامُ جَمِيعاً، وقد تُضَمُّ الهَمْزَةُ وتُكْسَرُ اللَّامُ؛ واقْتَصَرَ الجَوْهرِيُّ على الضَّبْط الأوَّل، وقالَ: أَي لا أُعْطيكَهُ، وهو قَولُ ابنِ السِّكِّيت.

  وِهَلْمَمَ به هَلْمَةً: دَعاهُ بهَلُمَّ. قالَ ابنُ جنيِّ: هو مثْلُ صَعْرَرَ وشَمْلَلَ، وأَصْلُه قبْلُ غيرُ هذا، إنّما هو أَوَّلُ ها للتُّبِيْه لَحِقَتْ مِثْل اللامِ، وخُلِطَت ها بلُمَّ تَوْكيداً للمَعْنَى بشدَّةِ الاتِّصالِ، فحُذِفَت الأَلِفُ لذلِكَ، ولأنَّ لامَ لُمَّ في الأَصْلِ ساكنةٌ، أَلا تَرى أنَّ تَقْديرَها أَوَّلُ أَلْمَمْ، وكَذلِكَ يقولُ أَهْلُ الحِجازِ، ثم زالَ هذا كُلّه بقوْلِهم: هَلْمَمْتُ فصارَتْ كأَنَّها فَعْلَلْت مِن لفْظِ الهِلِمَّان، وتُنوسِيَت حالُ التَّرْكيبِ.

  وِأَهْلَمَ به مِثْل هَلْمَمَ.

  وِالهَلَمُ، محرَّكةً: جَوابُ هَلُمَّ؛ ومنه قوْلُهم: جادَ بهَلَمِهِ إذا أَطاعَه.

  وِأَهْلُمُ، كآنُكٍ: د بطَبَرِسْتانَ. والذي في مُعْجم ياقوت: ألْهَمُ⁣(⁣٤) بينَ طَبَرِسْتان وآمل، وقد ذَكَرْناه في «ل هـ م».

  * وممَّا يُسْتدركُ عليه:

  الهِلِّمَان، بكسْرَتَيْن مشدَّدَة اللامِ، لُغَةٌ في الهِلِمَّان، عن ابنِ جنيِّ.

  وِهَلُمَّ بمعْنَى أَعْطِ؛ ومنه حدِيْث عائِشَةَ: «فقالَ: هَلُمِّيها» أَي هاتِيها.

  وحَكَى اللّحْيانيُّ: مَن كانَ عنْدَه شيءٌ فلْيُهْلِمُّه، أَي فليُؤْتِه.

  وِهَلُمّ جراً: تَقَدَّمَ في الرَّاء.

  [هلدم]: الهِلْدِمُ، كزِبْرِجٍ، والدَّالُ مهملةٌ: أَهْمَلَهُ الجَوْهرِيُّ.

  وهو الكِساءُ الظاهِرُ الرِّقاعِ.

  وِفي المُحْكَم: هو اللِّبْدُ الجافي الغَليظُ؛ قالَ:

  عليه من لِبْدِ الزَّمانِ هِلْدِمُه⁣(⁣٥)

  يعْني من لِبْد الزَّمان: الشَّيْبَ.


(١) يوسف، الآية ٢٣.

(٢) لفظة: «والهاءِ» في القاموس، وقد وضعها الشارح خارج الأقواس خطأ.

(٣) في القاموس: إلامَ.

(٤) ضبطت عن ياقوت بوزن أحمد.

(٥) الرجز في اللسان بدون نسبة، وفي التكملة نسبة لرؤبة وقبله فيها:

فجاء عود خندفي قشعمه

وانظر ديوانه ص ١٥٨.