تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[يشم]:

صفحة 777 - الجزء 17

  تابوتٍ ثم تَقْذِفَه في اليَمِّ، وهو نَهَرُ النِّيل بمِصْرَ، وماؤُه عَذْبٌ. قالَ اللهُ ø: {فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسّاحِلِ}⁣(⁣١)؛ فجَعَلَ له ساحِلاً، وهذا كلُّه يدلُّ على بطْلانِ قَوْل اللَّيْث إنَّه البَحْرُ الذي لا يُدْرَكُ قَعْرُه ولا شَطَّاه. لا يُثَنَّى وِلا يُكَسَّر ولا يُجْمَع جَمْعَ السلامَةِ⁣(⁣٢).

  وزَعَمَ بعضُهم أنَّها لُغَةٌ سُرْيانيَّة فعَرَّبَتْه العَرَبُ وأَصْلُه يَمَّا.

  وِيُمَّ الرَّجُل، بالضَّمِّ، فهو مَيْمومٌ: طُرِحَ فيه؛ وفي الصِّحاحِ: في اليَمِّ، وفي بعضِ نسخِهِ: في البَحْرِ.

  وفي المُحْكَم: إذا غَرِقَ في اليَمِّ.

  وِاليَمُّ: الحَمامُ الوَحْشِيُّ، كاليَمامِ وِاليَمَمِ، محرَّكةً، الأَخيرَةُ عن ابنِ الأَنْبارِيّ وأَقَرَّه أَبو القاسِمِ الزَّجاجِيّ، كذا في المعْجَمِ.

  قالَ الجَوْهرِيُّ: اليَمامُ: الحَمامُ الوَحْشِيُّ، الواحِدَةُ يَمامَةٌ.

  وقالَ الكِسائيُّ: هي التي تأَلَفُ البُيوتَ.

  وقالَ غيرُهُ: اليَمامُ الذي يَسْتَفْرِخُ، والحَمامُ: هو البرِّيُّ الذي لا يأْلَفُ البُيوتَ.

  وقيلَ: اليَمامُ البرِّيّ مِن الحَمامِ الذي لا طَوْقَ له، والحَمامُ: كلُّ مُطَوَّقٍ كالقُمْرِيِّ والدُّبْسيّ والفاخِتَةِ.

  وِاليَمُّ: سيْفُ الأَشْتَرِ النخعيِّ، على التَّشْبيهِ بالبَحْرِ.

  وِاليَمُّ: ماءٌ بنَجْدٍ، نَقَلَه ياقوتُ.

  وِالتَّيَمُّمُ: التَّوَخِّي والتَّعَمُّدُ، الياءُ بَدَلٌ من الهمزةِ.

  يقالُ: تَيَمَّمْته وِتَأَمَّمْته.

  وِيَمَّمَه برُمْحِه تَيْمِيماً وأَمَّمَه: قَصَدَهُ وتَوَخَّاهُ دون من سِواه؛ وأَنْشَدَ الجَوْهرِيُّ:

  يَمَّمْتُه الرُّمْح شزراً ثم قلْت له ... هَذِي المُرُوءَةُ لا لِعْب الزَّحالِيقِ⁣(⁣٣)

  وقالَ ابنُ السِّكِّيت: قوْلُه تعالَى: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً}⁣(⁣٤)، أَي اقْصِدوا لصَعِيدٍ طيِّبٍ، ثم كَثُر اسْتِعْمالُهم لهذه الكَلِمَة حتى صارَ التَّيَمُّم مَسْح الوَجْه واليَدَيْن بالتُّرابِ.

  وِيَمَّمَ المَريضَ للصلاةِ تَيْمِيماً: مَسَحَ وجْهَه ويَدَيْهِ بالتُّرابِ، فتَيَمَّمَ هو؛ نَقَلَه الجَوْهرِيُّ.

  وِاليمامةُ: القصدُ، كاليمامِ. يقالُ: هو يَمامَتِي وِيَمامِي أَي قَصْدِي.

  وِاليَمامَةُ: اسْمُ جارِيَةٍ⁣(⁣٥) زَرْقاءَ كانت تُبْصِرُ الرَّاكبَ من مَسيرةِ ثلاثَةِ أَيامٍ، زَعَمُوا. يقالُ: أَبْصَرُ مِن زَرْقاءِ اليَمامةِ، كما في الصِّحاحِ، وهي ابْنةُ سَهْم.

  ووَقَعَ في قصَّةِ مَسِير تُبَّعِ إلى بِلادِها ما نَصّه: قالَ رياحُ الطسميّ: توقف أَيُّها المَلِك فإنَّ لنا أُخْتاً مُتَزوِّجَة في جديس يقالُ لها يَمامةُ وهي أَبْصَرُ خَلْقِ اللهِ تعالَى على بُعْد، فإنَّها لترى الشَّخْص مِن مَسِيرَةِ يومٍ ولَيْلةٍ، وإِنِّي أَخافُ أَنْ تَرانا وتُنْذرَ بنا القَوْم، وقصَّتها طَوِيلَة⁣(⁣٦).

  وِبلادُ الجوِّ مَنْسوبةٌ إليها وسُمِّيَتْ باسْمِها.

  قالَ أَهْلُ السِّيَرِ: كانَتْ مَنازِلُ طَسْمٍ وجديسِ اليَمامَة، وكانتْ تُدْعَى جوا، وكانتْ أَحْسَن بِلادِ اللهِ أَرْضاً وِأَكْثَرُ ها خَيْراً وشَجَرَاً وِنَخِيلاً مِن سائِرِ الحِجازِ.

  ولمَّا فَتَحَ تُبَّعٌ حُصونَ الجوّ امْتَنَعَ عليه الحصْنُ الذي كان فيه زَرْقاءُ اليَمامَةِ فصابَرَهُ تُبَّعٌ حتى افْتَتَحه وقَبَضَ على زَرْقاء اليَمامَةِ وأَمَرَ بقَلْعِ عَيْنَيْها، فوَجَدَ عُروقَها كلَّها مَحْشوَّة بالإِثمدِ، وأَمَرَ بصَلْبِها على بابِ جوِّ وأن تُسَمَّى باسْمِها، وفيه يقولُ تُبّع:

  سمّيْتُ جَوًّا باليمامةِ بَعْدَمَا ... تركتُ عيوناً باليمامة هُمَّلا


(١) طه، الآية ٣٩.

(٢) في القاموس: السالِمِ.

(٣) الصحاح بدون نسبة، والمقاييس ٦/ ١٥٢، وفي اللسان «أمم» نسبه لعامر بن مالك ملاعب الأسنة.

(٤) النساء، الآية ٤٣، والمائدة، الآية ٦.

(٥) في القاموس: جاريةٌ زرقاءُ، وتصرف الشارح بالعبارة فاقتضى جرهما.

(٦) انظر معجم البلدان «اليمامة».