تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[بطن]:

صفحة 60 - الجزء 18

  * قلْتُ: ومَرَّ للمصنِّفِ في وَبَصَ: ووَبِصان، ويُضَمُّ، شَهْرُ رَبيعٍ الآخِرِ. ومَرَّ لنا هناك أنَّ الصَّاغانيَّ صَحَّح ما في بعضِ نسخِ الجَمْهرةِ لأنَّ وَبَص وبَصٌ بمعْنًى واحِدٍ، على ما ذُكِرَ، فإنَّ محلَّه «ب ص ص»، وقد أَشَرْنا بذلِكَ هناك.

  وفي التَّهْذيبِ: بَصَنَّى، محرَّكةً مُشَدَّدَةَ النُّونِ: ة منها السُّتورُ البَصَنِّيَّةُ⁣(⁣١)، وليسَتْ بعَربيَّةٍ.

  * قلْتُ: وقد تقدَّمَ أَنَّها بالقُرْبِ من ميرزون⁣(⁣٢)، وكِلْتاهُما تُعْمَلُ فيها السُّتورُ، لكنَّ البَصَنِّيّة أَعْلَى وأَفْخر، وكأَنَّها هي التي تُعْرَفُ الآنَ ببصنى بالضمِّ تُكْتَبُ بالصادِ وبالسِّين، ونُسِبَ إليها هكذا بصنويُّ وبسنويُّ، وقد تُزادُ الواوُ قبْلَ السِّين أَو الصَّاد، وهي مَدينَةٌ جَلِيلةٌ قبل الرُّومِ في حوزَةِ حِمايَةِ آلِ عُثْمان، خلَّدَ اللهُ تعالَى مُلْكَهم إلى آخِرِ الزَّمان بحقِّ سَيِّد ولدِ عَدْنان.

  [بطن]: البَطْنُ مِن الإنْسانِ وسائِرِ الحيوانِ مَعروفٌ خِلافُ الظَّهْرِ، مُذَكَّرٌ. وحَكَى أَبو حاتِمٍ عن أَبي عبيدَةَ: أَنْ تأْنِيثَه لُغَةٌ كما في الصِّحاحِ، فاقْتِصار المصنِّفِ على التَّذْكيرِ تَقْصيرٌ.

  قالَ ابنُ بَرِّي: شاهِدُ التَّذْكيرِ فيه قَوْلُ ميَّةَ بنتِ ضِرارٍ:

  يَطْوي إذا ما الشُّحُّ أَبْهَمَ قُفْلَه ... بَطْناً من الزادِ الخبيثِ خَمِيصا⁣(⁣٣)

  وحكَى سِيْبَوَيْه قَوْلَ العَرَبِ: ضُرِبَ عبدُ اللهِ بَطْنُه وظهْرُه، وضُرِبَ زيدٌ البطنُ والظهْرُ، وقالَ: يَجوزُ فيه الرَّفْعُ والنَّصْبُ، وقد ذَكَرْناه في «ظ هـ ر».

  ج أَبْطُنٌ وبُطونٌ؛ قالَ الأَزهرِيُّ: وهي ثلاثَةُ أبْطُنٍ إلى العَشْرِ، وبُطونٌ كثيرَةٌ لمَا فَوْقَ العَشْرِ؛ وبُطْنانٌ، بالضمِّ، كعَبْدٍ وعُبْدانٍ.

  ومِن المجازِ: البَطْنُ دونَ القَبيلةِ؛ كما في الصِّحاحِ؛ أَو دونَ الفَخِذِ وفَوْقَ العِمارَةِ، مُذَكَّر. وهو قَوْلُ النَّسَّابَة. ومَرَّ عن الجوْهرِيّ في الرَّاء: أَوَّل العَشِيرَة الشّعْبُ ثم القَبيلَةُ ثم الفَصِيلَةُ ثم العِمارَةُ ثم البَطْنُ ثم الفَخِذُ.

  قالَ ابنُ الأَثيرِ: وقسَّمَها الزُّبَيْرُ بنُ بكَّارٍ في كتابِ النَّسَبِ إلى شعبٍ ثم قَبيلَةٍ ثم عِمَارَةٍ ثم بَطْنٍ ثم فخِذٍ ثم فَصِيلَةٍ؛ وزادَ غيرُهُ قَبْل الشعبِ الجذمَ، وبَعْد الفَصِيلَة العَشِيرَة؛ ومنهم مَنْ زادَ بَعْدَ العَشِيرَة الأُسْرة.

  * قلْتُ: ومنهم مَنْ زادَ بَعْدَ الفَصِيلَة الرَّهْطِ. وقدمَ البَحث في ذلك مُفَصّلاً في شعبٍ وفي عشر وفي قبل.

  ج أَبْطُنٌ وبُطونٌ؛ وقَوْل الشَّاعِرِ:

  وإنَّ كِلاباً هذه عَشْرُ أَبْطُنٍ ... وأَنتَ بريءٌ من قَبائِلِها العَشْرِ⁣(⁣٤)

  أَنَّثَ على معْنَى القَبيلَةِ، وأَبانَ ذلكَ بقوْلِه مِن قَبائِلِها العَشْرِ.

  والبَطْنُ: جَوْفُ كلِّ شيءٍ، والجَمْعُ كالجَمْعِ.

  وفي صفَةِ القُرآنِ العَزيزِ: لكلِّ آيَةٍ منها ظَهْرٌ وبَطْنٌ؛ أَرادَ بالظَّهْر ما ظَهَرَ بيانُه، وبالبَطْن ما احْتِيج إلى تَفْسِيرِه.

  ومِن المَجازِ: البَطْنُ الشَّقُّ الأَطْولُ من الرِّيشِ⁣(⁣٥)، ج بُطْنانٌ، كظَهْرٍ وظُهْرانٍ وعَبْدٍ وعُبْدانٍ، وقيلَ: بُطْنانُ الريشِ ما كانَ تحْتَ العَسيبِ، وظُهْرانُه ما كانَ فَوْقَه، والعَسيبُ: قَضِيبُ الريشِ في وسَطِه؛ وقد ذُكِرَ ذلكَ في حَرْف الرَّاء.

  والمُسَمَّى بالبَطْنِ عِشْرونَ مَوْضِعاً، يقالُ في كلِّ واحِدٍ بَطْنُ كذا.

  والبَطِنُ، ككَتِفٍ: الأَشِرُ، وقيلَ: هو الأَشِرُ المُتَمَوِّلُ، وهو مجازٌ.

  وقيلَ: هو مَن هَمُّه بَطْنُه. يقالُ: رجُلٌ بَطِنٌ أَي لا هَمَّ له إلَّا بَطْنُه.

  أَو هو الرَّغيبُ الذي لا يَنْتَهي نَفْسُه مِن الأَكْلِ.


(١) قيدها ياقوت بالفتح ثم الكسر وتشديد النون.

(٢) في معجم البلدان: بِرذَوْن.

(٣) اللسان.

(٤) اللسان.

(٥) على هامش القاموس عن إحدى نسخه: الرِّيشَةِ.