تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[دفن]:

صفحة 199 - الجزء 18

  وكانَ أَبو عُبَيْدَةَ يقولُ: هو أَنْ لا يَغِيبَ عن المِصْر في غَيْبَتِه؛ نَقَلَه الجوْهرِيُّ أَيضاً.

  وقالَ الأزْهرِيُّ: والقوْلُ ما قالَهُ أَبو زيْدٍ وأَبو عُبَيْدَةَ، والحُكْم على ذلِكَ⁣(⁣١)، لأنَّه إذا غابَ عن مَوالِيه في المِصْر اليَوْمَ واليَوْمَيْن فليسَ بإباقٍ باتِّ، قالَ: ولسْتُ أَدْرِي ما أَوْحَشَ أَبا عُبَيْد من هذا، وهو الصَّوابُ.

  وداءٌ دَفِينٌ: لا يُعْلَم به؛ كما في الصِّحاحِ؛ ومنه حدِيثُ عليِّ، رَضِيَ اللهُ تعالى عنه: «قُم عن الشَّمْس فإنَّها تُظْهِر الدَّاءَ الدَّفِين».

  قالَ ابنُ الأَثيرِ: هو الدَّاءُ المُسْتَتِر الذي قَهَرَتْه الطَّبيعَةُ، يقولُ: الشمْسُ تُعينُه على الطَّبيعَةِ وتُظْهِره بحرِّها.

  وداءٌ دِفْنٌ، بالكسْرِ، هكذا في النُّسخِ، والصَّوابُ ككَتِفٍ، عن ابنِ الأعْرابيِّ كما سَيَأْتي.

  وقيلَ: داءٌ دَفِينٌ: ظَهَرَ بعدَ خَفاءٍ فنَشَأَ⁣(⁣٢) منه شَرٌّ وعَرٌّ؛ وهو مجازٌ.

  ودَوْفَنٌ، كجَوْهَرٍ: اسمٌ.

  قالَ ابنُ سِيْدَه: ولا أَدْرِي أرَجُلٌ أَم مَوْضِعٌ؛ أَنْشَدَ ابنُ الأَعْرابيِّ:

  وَعَلِمْتُ أَني قد مُنِيتُ بنئْطِلٍ ... إذ قيلَ كان منَ الِ دَوْفَنَ قمسى⁣(⁣٣)

  قالَ: فإن كانَ رَجُلاً فعَسَى أَنْ يكونَ أَعْجمِيَّا فلم يَصْرفْه، أَو لعلَّ الشاعِرَ احْتاجَ إلى ترْكِ صَرْفِه فلم يَصْرِفْه، فإنَّه رأْيٌ لبعْضِ النَّحويين، إن كانَ عنَى قَبِيلَةً، أَو امرأَةَ⁣(⁣٤)، أو بقْعَةً، فحكْمُه أَنْ لا يَنْصرِفَ، وهذا بَيِّنٌ واضحٌ. وناقَةٌ دَفونٌ: إذا كانَ من عادَتِها⁣(⁣٥) أنْ تكونَ في وسَطِ⁣(⁣٦) الإبِلِ؛ كما في الصِّحاحِ.

  وقالَ غيرُهُ: «الدَّفونُ مِنَ الإبِلِ: التي تكونُ وَسَطهنَّ إذا وَرَدَتْ؛ وقد دَفَنَتْ تَدْفِنُ دَفْناً.

  ومِن المجازِ: تَدَافَنوا: تَكَاتَمُوا.

  يقالُ في الحدِيثِ: «لو تَكَاشَفْتم ما تَدَافَنْتُم»؛ أَي لو يكشَّفُ عَيْبُ بَعْضِكم لبعضٍ، كما في الصِّحاحِ.

  والدَّفَنِيُّ، كعَرَبيِّ: ثَوْبٌ مُخَطَّطٌ؛ نَقَلَه الجوْهرِيُّ؛ وأَنْشَدَ ابنُ بَرِّي للأَعْشى:

  الواطِئينَ على صُدورِ نعالِهم ... يَمْشونَ في الدَّفَنِيِّ والأَبْرادِ⁣(⁣٧)

  ومِن المجازِ: رجلٌ دَفْنٌ، بالفتْح: أي خامِلٌ؛ ويقالُ له: دَفَنْتَ نفْسَك في حَياتِك.

  والمِدفانُ: السِّقاءُ الخَلَق البالي: نَقَلَه الجَوْهرِيُّ.

  ومِن المجازِ: بَقَرَةٌ دافِنَةُ الجِذْمِ: وهي التي انْسَحَقَتْ أَضْراسُها هَرَماً؛ نَقَلَه الجَوْهرِيُّ.

  ودافِنَا⁣(⁣٨) الأَمرِ: داخِلُه، هكذا في النسخِ، والصَّوابُ: دَافِنُ الأَمْرِ: داخِلُه؛ وهو مجازٌ.

  والدَّفِينَةُ، كسَفينَةٍ: مَنْزِلٌ لبَني سُلَيْمٍ، وهي الدَّثِينَةُ التي أَشَرْنا إليها قَريباً، وتقدَّمَ ذِكْرُها في «د ث ن».

  * وممَّا يُسْتدركُ عليه:

  الدَّفْنُ بالفتْحِ: المَدْفونُ، والجمْعُ أَدْفانٌ، ويُجْمَعُ الدَّفِينُ على الدُّفُنِ بضمَّتَيْن؛ ومنه حديثُ عائِشَةَ، رَضِيَ اللهُ تعالى عنها، تَصِفُ أَباها: «واجْتَهَرَ دُفُن الرَّواءِ».

  وأَرضٌ دُفُنٌ، بضمَّتَيْن، الواحِدُ والجمْعُ سِواء.

  والدَّفْنُ، بالفتْحِ: المَنْهَلُ المُنْدَفِنُ؛ قالَ.


(١) على ما فسره أبو عبيدة وأبو زيد.

(٢) على هامش القاموس عن إحدى النسخ: فَفَشَا.

(٣) اللسان وفيه: «قُمَّسُ» وبهامش المطبوعة المصرية: «قوله من أل يقرأ بنقل حركة الهمزة إلى النون».

(٤) في القاموس: وامرأةٌ بالرفع منونة، وسياق عبارة الشارح اقتضى النصب.

(٥) في القاموس: «عادتُها» وسياق الشارح اقتضى جرها.

(٦) في القاموس: «وسطَ» والكسر ظاهر.

(٧) ديوانه ط بيروت ص ٥٢ واللسان.

(٨) على هامش القاموس عن إحدى النسخ: ودا فِناءُ.