تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[دهن]:

صفحة 210 - الجزء 18

  وقد دَهَنَ المطَرُ الأَرضَ: بَلَّها يَسِيراً. يقالُ: دهَنَها وليٌّ فهي مَدْهُونَةٌ.

  ومِنَ المجازِ: المُداهَنَةُ: المُصانَعَةُ؛ كما في الصِّحاحِ.

  وقيلَ: إظهارُ خِلافِ ما يُضْمَرُ⁣(⁣١) كالإدْهانِ؛ ومنه قوْلُه تعالَى: {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ}⁣(⁣٢).

  وقالَ الفرَّاءُ: يعْنِي ودُّوا لو تَكْفُر فيكْفرُونَ.

  وقالَ في قوْلِه تعالَى: {أَفَبِهذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ}⁣(⁣٣)؛ أَي مُكَذِّبُون؛ ويقالُ: كافِرُون.

  وقيلَ: مَعْناهُ: ودُّوا لو تَلِينُ في دِينِك فيَلِينُون.

  وقالَ أَبو الهَيْثم: الإدْهانُ المُقارَبَة في الكَلامِ والتَّلْيين في القوْلِ.

  وقالَ الرَّاغبُ: الإدْهانُ كالتَّدْهين لكن جعلَ عبارَة عن المُدارَةِ والمُلَايَنَةِ وَتَرْك الجَدِّ، كما جُعلَ التَّقْرِيدُ، وهو نزْعُ القُرَادِ مِن البَعِير عبَارَة عن ذلِكَ.

  وقالَ شيْخُنا، ¦: الإدْهانُ في الأَصْل جعلَ نحْو الأَدِيم مَدْهوناً بشيءٍ مَّا مِن الدّهْنِ، ولمَّا كانَ ذلِكَ مليناً له مَحْسوساً اسْتُعْمل في اللِّينِ المَعْنويّ على التَّجوُّزِ به في مطلق اللِّين، أَو الاسْتِعارَةِ له، ولذا سُمِّيَت المُدارَةُ والمُلايَنَة مُداهَنَةٌ ثم اشْتهرَ هذا المجازُ وصارَ حَقِيقَةً عُرْفيَّةً، فتَجوزُ فيه على التَّهاون بالشيءِ واسْتِحْقارِه، لأنَّ المُتهاونَ بالأَمْرِ لا يَتَصلَّبُ فيه كما في العنايَةِ.

  وقالَ قوْمٌ: المُداهَنَةُ: المُقَارَبَةُ والإدْهانُ: الغِشُّ؛ نَقَلَهُ الجَوْهرِيُّ.

  وقالَ اللَّيْثُ: الإدْهانُ: اللِّينُ والمُداهِنُ: المُصانِعُ؛ قالَ زُهَيْرٌ:

  وفي الحِلْمِ إدْهانٌ وفي العَفْوِ دُرْبةٌ ... وفي الصِّدْق مَنْجاةٌ من الشَّرِّ فاصْدُقِ⁣(⁣٤)

  وأَنْشَدَ الرَّاغبُ:

  الحزمُ والقوَّةُ خَيْرٌ مِنَ الإ ... دْهانِ والفهةِ والهاعِ⁣(⁣٥)

  والدَّهْناءُ: الفلاةُ.

  وقيلَ: موْضِعٌ كلُّه رَمْل.

  والدَّهْناءُ: ع لتمِيمَ بنَجْدٍ مَسِيرَة ثلاثَةِ أَيَّام لا ماءَ فيه، يُمَدُّ ويُقْصَرُ في الشعْرِ؛ وأَنْشَدَ ابنُ الأَعرابيِّ:

  لسْتَ على أُمك بالدَّهْنا تَدِلّ

  وقالَ جَريرٌ:

  نارٌ تُصَعْصِعُ بالدَّهْنا قَطاً جُونا

  وقالَ ذُو الرُّمَّةِ:

  لأَكْثِبَة الدَّهْنا جَمِيعاً ومالِيَا

  وشاهِدُ المَمْدود:

  ثم مالَتْ لجانبِ الدَّهْناء

  وهي سبْعَةُ أَجْبُل في عَرْضِها، بَيْن كلِّ جَبَلَيْن شقِيْقَة طُولُها من حَزْنِ يَنْسْوعةَ إلى رمْلِ يَبْرِينَ، وهي قَليلَةُ الماءِ، كثيرَةُ الكَلإ ليسَ في بِلادِ العَرَبِ مَرْبَعٌ مثلُها، وإذا أَخْصَبَتْ رَبَعَتِ العَرَبُ جَمْعاء.

  والدَّهْناءُ: اسمُ دارِ الامارَةِ بالبَصْرَةِ.

  وأَيضاً: ع أَمامَ يَنْبُعَ بَيْنهما مَرْحَلَةٌ لَطِيفَةٌ، ومنها يتزوَّدُ المَاءُ إلى بدْرٍ؛ كذا في مناسِكِ الظَّهِير الطَّرابُلُسيِّ الحَنَفيُّ؛ والنِّسْبَةُ دَهْنِيٌّ ودَهْناوِيٌّ على القصْرِ والمَدِّ.

  والدَّهْناءُ بنتُ مِسْحَلٍ إحْدَى⁣(⁣٦) بَنِي مالِكِ بنِ سعدِ بنِ زيْدِ مَناةَ بنِ تَميمٍ، وهي امرأَةُ العَجَّاجِ الرَّاجِز، وكانَ قد عُنِّن عنها، فقالَ فيها:

  أَظَنَّتِ الدَّهْنا وظَنَّ مِسْحَلُ ... أَن الأَميرَ بالقَضاءِ يَعْجَلُ


(١) على هامش القاموس: وهي حرام، لأنها ضرب من النفاق، نعوذ بالله من بذل الدين لصلاح الدينا، ا هـ مصححه.

(٢) القلم، الآية ٩.

(٣) الواقعة، الآية ٨١.

(٤) شرح ديوان زهير، صنعة ثعلب، ص ٢٥٢ واللسان والتهذيب.

(٥) في مفردات الراغب: والقلة.

(٦) في الصحاح واللسان: «أحد».