تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الدال مع النون

صفحة 218 - الجزء 18

  يا سيِّدَ الناسِ ودَيَّانَ العَرَبْ

  والدَّيَّانُ: الحاكِمُ.

  والدَّيَّانُ: السَّائِسُ، وبه فسِّرَ قوْلُ ذي الإِسْبع العَدْوانيّ:

  لاهِ ابنُ عَمِّك لا أَفْضَلْتَ في حسَب ... عنِّي ولا أَنْتَ دَيَّاني فَتَخْزُوني⁣(⁣١).

  قالَ ابنُ السِّكِّيت: أَي ولا أَنْتَ مالِكٌ أَمْرِي فتَسُوسني.

  والديَّانُ في صفَةِ اللهِ تعالَى، المُجازِي الذي لا يُضَيِّعُ عَمَلاً بل يَجْزِي بالخَيْرِ والشَّرِّ؛ أَشارَ إليه الجَوْهرِيُّ.

  والمَدِينُ: العَبْدُ؛ وبهاءٍ الأَمَةُ، لأنَّ العَمَلَ أَذَلَّهُما؛ وأَنْشَدَ الجَوْهرِيُّ للأَخْطل:

  رَبَتْ ورَبا في كرمِها ابنُ مَدِينةٍ ... يَظَلُّ على مِسْحاتِه يَتَرَكَّلُ⁣(⁣٢)

  قالَ أَبو عُبَيْدَةَ: أَي ابنُ أَمَةٍ؛ كما في الصِّحاحِ.

  وفي الحديثِ: «كان⁣(⁣٣)، ، على دِينِ قَوْمِه».

  قالَ ابنُ الأَثيرِ: ليسَ المُرادُ به الشّرْك الذي كانوا عليه وإنَّما أَرادَ: أَي كانَ على ما بَقِيَ فيهم مِن إِرْثِ إِبراهيمَ وإسْمعيلَ، @، في حَجِّهِم ومُناكَحَتِهِم ومَوارِيثِهم وبُيوعِهِم وأَسالِيبِهم وغَيْر ذلِكَ مِن أَحْكامِ الإِيمانِ. وأَمَّا التَّوْحيدُ فإنَّهم كانوا قد بَدَّلُوه، والنَّبيُّ، ، لم يَكن إلّا عليه. وقيلَ: هو مِن الدِّينِ العادَةُ، يُريدُ به أَخْلاقَهم مِنَ الكَرَمِ والشَّجاعَةِ.

  وفي حديثِ الحجِّ: «كانتْ قريشٌ ومن دانَ بدِينِهم» أَي اتَّبعَهم في دينِهم ووافَقَهم عليه واتَّخَذَ دِينَهم له دِيناً وعبادَةً.

  ودَانَ يَدِينُ دِيناً: عَزَّ وذَلَّ وأَطاعَ وعَصى واعْتادَ خَيْراً أَو شرًّا؛ كلُّ ذلكَ عن ابنِ الأَعْرابيِّ.

  قالَ شيْخُنا: هذه المَعاني مِنَ الأَضْدادِ، وأَغْفَلَ المصنِّفُ التَّنْبيه عليها.

  ودَانَ الرَّجُلُ ديناً: أَصابَهُ الَّداءُ؛ عن ابنِ الأعْرابيِّ أَيْضاً، وقد تقدَّمَ شاهِدُهُ.

  ودَانَ فلاناً: حَمَلَهُ على ما يَكْرُه، عن أَبي زيْدٍ، وقد تقدَّمَ.

  ودَانَهُ: أَذَلَّهُ واسْتَعْبَدَه؛ ومنه الحديثُ: «الكَيِّسُ من دَانَ نفْسَه وعَمِلَ لِمَا بعْدَ المَوْتِ، والأَحْمقُ مَنْ أَتْبَع نفْسَه هَواها وتمنَّى على اللهِ تعالى»؛ قالَ أَبو عُبَيْدٍ: أَي أَذَلَّها واسْتَعْبَدَها؛ وأَنْشَدَ الجَوْهرِيُّ للأَعْشى:

  هُوَ دَانَ الرَّبابَ إذْ كَرِهُوا الدّي ... نَ دِراكاً بغَزْوةٍ وصِيالِ⁣(⁣٤)

  يعْنِي: أَذَلَّها.

  ودَيَّنَه تَدْييناً: وكَلَه إلى دِينِه، بالكسْرِ، نَقَلَه الجَوْهرِيُّ.

  وقالَ ابنُ الأعْرابيِّ: أَنا ابنُ مَدِينَتِها، أَي عالِمٌ بها؛ كما يقالُ ابنُ بجْدَتِها.

  ودَايانُ: حِصْنٌ باليَمَنِ.

  وادَّانَ، بالتَّشْديدِ: اشْتَرَى بالدَّيْنِ أَو باعَ بالدَّيْنِ، ضِدٌّ.

  وفي الحديثِ عن عُمَرَ، رضِيَ اللهُ تعالى عنه: أنَّه قالَ عن أُسَيْفِع جُهَيْنة: «ادَّانَ»، ونَصُّ الحديثِ: «فادَّانَ» مُعْرِضاً ويُرْوى: «دَانَ»، وكِلاهُما بمعْنَى اشْتَرَى بالدَّيْنِ؛ وقوْلُه: مُعْرِضاً: أَي عن الأداءِ، أَو معْناهُ: دَايَنَ كُلَّ مَنْ عَرَضَ له.

  وفي الصِّحاحِ: وهو الذي يَعْتَرِضُ الناسَ ويَسْتدِينُ ممَّنْ أَمْكَنَه: وتقدَّمَ الحدِيثُ بطُولِهِ في ترْجَمَةِ عَرَضَ، فرَاجِعْه.

  * وممَّا يُسْتدركُ عليه:


(١) المفضلية ٣١ مكرر البيت ٨ واللسان والصحاح والتهذيب.

(٢) ديوانه ص ٥ واللسان والمقاييس ٢/ ٣١٩ والتهذيب والصحاح.

(٣) في القاموس: كان النبيُّ .

(٤) ديوانه ط بيروت ص ١٦٨ واللسان.