تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل السين المهملة مع النون

صفحة 287 - الجزء 18

  عَنَى بالفَرْج ما انشَقَّ مِن ثيابِها؛ ج مِسْكِينات.

  والسَّكِنَةُ، كفَرِحَةٍ: مَقَرُّ الرَّأْسِ من العُنُق؛ وأَنْشَدَ الجَوْهرِيُّ لأَبي الطَّمحان⁣(⁣١) حَنْظَلَة ابن شَرْقيّ:

  بضَرْبٍ يُزِيلُ الهامَ عن سَكِناتِه ... وطَعْنٍ كتَشْهاقِ العَفَا هَمَّ بالنَّهْقِ⁣(⁣٢)

  قالَ ابنُ بَرِّي: والمصْراعُ الأَوَّل اتَّفَقَ فيه زامِلُ بنُ مُصادٍ القَيْنيّ⁣(⁣٣) وطُفَيْل والنابِغَةُ وافْتَرَقُوا في الأخيرِ فقالَ زامِلٌ:

  وطَعْنٍ كأَفْواه المَزادِ المُخَرَّق

  وقالَ طُفَيْل:

  ويَنْقَعُ من هامِ الرجالِ المُشَرَّب

  وقالَ النابِغَةُ:

  وطَعْنٍ كإيزاغِ المَخاضِ الضَّواربِ⁣(⁣٤)

  وفي الحدِيثِ: أنّه قالَ يوْمَ الفتْحِ: «اسْتَقِرُّوا على سَكِناتِكُمْ فقد انْقَطَعتِ الهُجْرةُ»؛ أَي على مَواضِعِكم ومَسَاكِنِكم، يعْنِي أنَّ اللهَ قد أَعزَّ الإسْلامَ وأَغْنَى عن الهجْرةِ والفِرارِ عن الوطَنِ خَوْفَ⁣(⁣٥) المُشْركِين.

  والسِّكِّينُ، بكسْرٍ فتَشْديدٍ: م مَعْروفٌ، وإنَّما أَهْمَلَهُ مِن الضَّبْط لشُهْرتِه، كالسِّكِّينَةِ، بالهاءِ، عن ابنِ سِيْدَه؛ وأَنْشَدَ:

  سِكِّينَةٌ من طَبْعِ سَيْفِ عَمْرِو ... نِصابُها من قَرْنِ تَيْسٍ بَرِّي⁣(⁣٦)

  وفي الحدِيثِ: «قالَ المَلَكُ لمَّا شَقَّ بَطْنَه ائتِني بالسِّكِّينَةِ»؛ هي لُغَةٌ في السِّكِّين، والمَشْهورُ بِلا هاءٍ.

  وفي حدِيثِ أَبي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللهُ تعالَى عنه: إن سَمِعْتُ بالسِّكِّين إلَّا في هذا الحدِيثِ، ما كنَّا نُسمِّيها إلَّا المُدْيَةَ؛ يُذَكَّرُ ويُؤَنَّثُ، والغالِبُ عليه التَّذْكِيرْ؛ وأَنْشَدَ الجَوْهرِيُّ لأَبي ذُؤَيْبٍ:

  يُرَى ناصِحاً فيما بَدا فإذا خَلا ... فذلك سِكِّينٌ على الحَلْقِ حاذِقُ⁣(⁣٧)

  * قلْتُ: وشاهِدُ التأْنِيثِ قَوْلُ الشَّاعِرِ:

  فعَيَّثَ في السَّنامِ غَداةَ قُرٍّ ... بِسِكِّينٍ مُوَثَّقَةِ النِّصابِ⁣(⁣٨)

  وقالَ ابنُ الأَعْرابيِّ: لم أَسْمَع تأْنِيثَ السِّكِّين.

  وقالَ ثَعْلَب: قد سَمِعَه الفرَّاءُ.

  وقالَ ابنُ بَرِّي: قالَ أَبو حاتِمٍ البيت الذي فيه:

  بسِكِّينٍ مُوَثَّقَة النِّصابِ

  لا يَعْرِفِهُ أَصْحابُنا.

  * قلْتُ: ويَشْهدُ للتَّأْنِيثِ: فجاءَ المَلَكُ بسِكِّينٍ دَرَهْرَهَةٍ أَي مُعْوَجَّة الرأْسِ.

  قالَ ابنُ بَرِّي: ذَكَرَه ابنُ الجَوَالِيقي في المُعَرَّبِ في بابِ الدَّالِ، وذَكَرَه الهَرَويُّ في الغَرِيبَيْن.

  وفي بعضِ الآثارِ: مَنْ تولَّى القَضَاءَ فقد ذُبِحَ بغيْرِ سِكِّينٍ.

  وقالَ الرَّاغبُ: سمِّي لإزَالتِه حَرَكَة المَذْبوحِ.

  وقالَ ابنُ دُرَيْدٍ: فِعِّيل من ذَبَحْتُ الشيءَ حتى سَكَنَ اضْطِرابُه.

  وقالَ الأَزْهرِيُّ: سُمِّي به لأَنَّها تُسَكِّنُ الذَّبيحَةَ بالمَوْتِ، وكلُّ شيءٍ ماتَ فقد سَكَنَ، والجَمْعُ سَكَاكِين، وصانِعُها: سَكَّانٌ، كشَدَّادٍ، وسَكاكِينِيٌّ.

  قالَ ابنُ سِيْدَه: الأَخيرَةُ عنْدِي موَلَّدَةٌ لأَنَّك إذا نَسَبْتَ إلى الجَمْعِ فالقِياس أن تَردَّه إلى الواحِدِ.


(١) في اللسان: لأبي الطمان.

(٢) اللسان والصحاح.

(٣) في اللسان: العيني.

(٤) ديوان النابغة الذبياني ص ١٢ والأساس واللسان.

(٥) بالأصل «وخوف» حذفنا الواو كما على هامش القاموس.

(٦) اللسان.

(٧) ديوان الهذليين ١/ ١٥١ وفيه: «وإذا خلا» واللسان والصحاح.

(٨) اللسان.