فصل السين المهملة مع النون
  عَنَى بالفَرْج ما انشَقَّ مِن ثيابِها؛ ج مِسْكِينات.
  والسَّكِنَةُ، كفَرِحَةٍ: مَقَرُّ الرَّأْسِ من العُنُق؛ وأَنْشَدَ الجَوْهرِيُّ لأَبي الطَّمحان(١) حَنْظَلَة ابن شَرْقيّ:
  بضَرْبٍ يُزِيلُ الهامَ عن سَكِناتِه ... وطَعْنٍ كتَشْهاقِ العَفَا هَمَّ بالنَّهْقِ(٢)
  قالَ ابنُ بَرِّي: والمصْراعُ الأَوَّل اتَّفَقَ فيه زامِلُ بنُ مُصادٍ القَيْنيّ(٣) وطُفَيْل والنابِغَةُ وافْتَرَقُوا في الأخيرِ فقالَ زامِلٌ:
  وطَعْنٍ كأَفْواه المَزادِ المُخَرَّق
  وقالَ طُفَيْل:
  ويَنْقَعُ من هامِ الرجالِ المُشَرَّب
  وقالَ النابِغَةُ:
  وطَعْنٍ كإيزاغِ المَخاضِ الضَّواربِ(٤)
  وفي الحدِيثِ: أنّه قالَ يوْمَ الفتْحِ: «اسْتَقِرُّوا على سَكِناتِكُمْ فقد انْقَطَعتِ الهُجْرةُ»؛ أَي على مَواضِعِكم ومَسَاكِنِكم، يعْنِي أنَّ اللهَ قد أَعزَّ الإسْلامَ وأَغْنَى عن الهجْرةِ والفِرارِ عن الوطَنِ خَوْفَ(٥) المُشْركِين.
  والسِّكِّينُ، بكسْرٍ فتَشْديدٍ: م مَعْروفٌ، وإنَّما أَهْمَلَهُ مِن الضَّبْط لشُهْرتِه، كالسِّكِّينَةِ، بالهاءِ، عن ابنِ سِيْدَه؛ وأَنْشَدَ:
  سِكِّينَةٌ من طَبْعِ سَيْفِ عَمْرِو ... نِصابُها من قَرْنِ تَيْسٍ بَرِّي(٦)
  وفي الحدِيثِ: «قالَ المَلَكُ لمَّا شَقَّ بَطْنَه ائتِني بالسِّكِّينَةِ»؛ هي لُغَةٌ في السِّكِّين، والمَشْهورُ بِلا هاءٍ.
  وفي حدِيثِ أَبي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللهُ تعالَى عنه: إن سَمِعْتُ بالسِّكِّين إلَّا في هذا الحدِيثِ، ما كنَّا نُسمِّيها إلَّا المُدْيَةَ؛ يُذَكَّرُ ويُؤَنَّثُ، والغالِبُ عليه التَّذْكِيرْ؛ وأَنْشَدَ الجَوْهرِيُّ لأَبي ذُؤَيْبٍ:
  يُرَى ناصِحاً فيما بَدا فإذا خَلا ... فذلك سِكِّينٌ على الحَلْقِ حاذِقُ(٧)
  * قلْتُ: وشاهِدُ التأْنِيثِ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
  فعَيَّثَ في السَّنامِ غَداةَ قُرٍّ ... بِسِكِّينٍ مُوَثَّقَةِ النِّصابِ(٨)
  وقالَ ابنُ الأَعْرابيِّ: لم أَسْمَع تأْنِيثَ السِّكِّين.
  وقالَ ثَعْلَب: قد سَمِعَه الفرَّاءُ.
  وقالَ ابنُ بَرِّي: قالَ أَبو حاتِمٍ البيت الذي فيه:
  بسِكِّينٍ مُوَثَّقَة النِّصابِ
  لا يَعْرِفِهُ أَصْحابُنا.
  * قلْتُ: ويَشْهدُ للتَّأْنِيثِ: فجاءَ المَلَكُ بسِكِّينٍ دَرَهْرَهَةٍ أَي مُعْوَجَّة الرأْسِ.
  قالَ ابنُ بَرِّي: ذَكَرَه ابنُ الجَوَالِيقي في المُعَرَّبِ في بابِ الدَّالِ، وذَكَرَه الهَرَويُّ في الغَرِيبَيْن.
  وفي بعضِ الآثارِ: مَنْ تولَّى القَضَاءَ فقد ذُبِحَ بغيْرِ سِكِّينٍ.
  وقالَ الرَّاغبُ: سمِّي لإزَالتِه حَرَكَة المَذْبوحِ.
  وقالَ ابنُ دُرَيْدٍ: فِعِّيل من ذَبَحْتُ الشيءَ حتى سَكَنَ اضْطِرابُه.
  وقالَ الأَزْهرِيُّ: سُمِّي به لأَنَّها تُسَكِّنُ الذَّبيحَةَ بالمَوْتِ، وكلُّ شيءٍ ماتَ فقد سَكَنَ، والجَمْعُ سَكَاكِين، وصانِعُها: سَكَّانٌ، كشَدَّادٍ، وسَكاكِينِيٌّ.
  قالَ ابنُ سِيْدَه: الأَخيرَةُ عنْدِي موَلَّدَةٌ لأَنَّك إذا نَسَبْتَ إلى الجَمْعِ فالقِياس أن تَردَّه إلى الواحِدِ.
(١) في اللسان: لأبي الطمان.
(٢) اللسان والصحاح.
(٣) في اللسان: العيني.
(٤) ديوان النابغة الذبياني ص ١٢ والأساس واللسان.
(٥) بالأصل «وخوف» حذفنا الواو كما على هامش القاموس.
(٦) اللسان.
(٧) ديوان الهذليين ١/ ١٥١ وفيه: «وإذا خلا» واللسان والصحاح.
(٨) اللسان.