تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[صفن]:

صفحة 337 - الجزء 18

  فَخَضْخَضْتُ صُفْنِيَ في جَمِّهِ ... خِياضَ المُدابِرِ قِدْحاً عَطُوفا⁣(⁣١)

  وفي حدِيثِ عليٍّ: «ألْحَقْنِي بالصُّفْنِ»، أي بالرَّكْوَةِ.

  والصُّفْنُ: خَرِيطَةٌ مِن أَدَمٍ لطَعامِ الرَّاعِي وزِنادِهِ وأدَاتِه، ورُبَّما اسْتَقَوْا به الماءَ كالدَّلْوِ: وأَنْشَدَ أَبو عَمْرٍو لساعدة ابن جُؤَيَّة:

  معه سِقاءٌ لا يُفَرِّطُ حَمْلَهُ ... صُفْنٌ وأَخْراصٌ يَلُحْنَ ومِسْأَبُ⁣(⁣٢)

  كالصَّفْنةِ، بالفتْحِ.

  قالَ أَبو عُبَيْدٍ: الصَّفْنَةُ كالعَيْبَةِ يَكونُ فيها مَتَاعُ الرَّجُلِ وأدَاتُه، فإذا طَرَحْت الهاءَ ضَمَمْت الصَّاد.

  وقالَ غيرُهُ: الصَّفْنَةُ: دَلْوٌ صغيرَةٌ لها حَلقة واحِدَةٌ، فإذا عَظُمَتْ فاسْمُها الصُّفْنُ، والجَمْعُ أَصْفُنٌ؛ قالَ:

  غَمَرْتُها أَصْفُناً من آجِنٍ سُدُمٍ ... كأَنَّ ما ماصَ منه في الفَمِ الصَّبِرُ⁣(⁣٣)

  وتَصافَنُوا الماءَ: اقْتَسَمُوه بالحِصَصِ، وذلِكَ إنَّما يكونُ بالمَقْلَةِ تَسْقِي الرَّجلَ بقدْرِ ما يَغْمُرُها؛ كما في الصِّحاحِ.

  وقالَ أَبو عَمْرٍو: تَصافَنَ القَوْمُ الماءَ إذا كانوا في سَفَرٍ ولا ماءَ مَعَهم، ولا شيءَ، يَقْتَسمُونَه على حَصاةٍ يُلْقونَها في الإناءِ يُصَبُّ فيه مِن الماءِ قدْر ما يَغْمُرُ الحَصاةَ فيُعْطاه كلَّ واحِدٍ منهم؛ قالَ الفَرَزْدقُ:

  فلمَّا تَصَافَنَّا الإدَاوَةَ أَجْهَشَتْ ... إليَّ غُضُونُ العَنْبَرِيِّ الجُراضِمِ⁣(⁣٤)

  وصَفَنَ الفَرَسُ يَصْفِنُ صُفوناً قامَ على ثَلاثِ قوائِمَ وطَرَفِ حافِرِ الرَّابعةِ دُونَ قيْدٍ بيدٍ أو رجْلٍ؛ وأَنْشَدَ ابنُ الأَعْرابيِّ في صفَةِ فَرَسٍ:

  أَلِفَ الصُّفُونَ فلا يزَالُ كأَنَّه ... مما يَقُومُ على الثلاثِ كسِيرا⁣(⁣٥)

  أَرادَ مِن الجنْسِ الذي يقومُ على الثلاثِ.

  وقالَ أَبو زَيْدٍ: صَفَنَ الفَرَسُ: قامَ على طَرَفِ الرَّابعَةِ.

  وقالَ غيرُهُ: قامَ على ثلاثٍ وثَنَى سُنْبُكَ يدِه الرابعَ.

  وهو صافِنٌ مِن خَيْلٍ صَوافِنٍ وصُفُونٍ وصافِنَاتٍ.

  وفي الصِّحاحِ: الصافِنُ مِن الخَيْلِ: القائِمُ على ثلاثِ قوائِمَ وقد أَقامَ الرابعَةَ على طَرَفِ الحافِرِ. وفي التنْزِيلِ العَزيزِ: {إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصّافِناتُ الْجِيادُ}⁣(⁣٦).

  وكانَ ابنُ عبَّاس وابنُ مَسْعودٍ يَقْرآن: فاذْكُروا اسمَ اللهِ عليها صَوافِنَ⁣(⁣٧) بالنُّونِ، فأمَّا ابن عبَّاسٍ ففَسَّرَها مَعْقُولةً إحْدى يَدَيْها على ثلاثِ قوائِمَ، والبَعيرُ إذ نُحِرَ فُعِل به ذلِكَ، وأَمَّا ابنُ مَسْعودٍ، رضِيَ الله تعالى عنه فقالَ: يعْنِي قِياماً.

  ويقالُ: صَفَنَ الرَّجلُ: إذا صَفَّ قَدَمَيْهِ؛ ومنه حدِيثُ عِكْرِمَةَ⁣(⁣٨): رأَيْتُ عِكْرِمَةَ يُصَلِّي وقد صَفَنَ قَدَمَيْه.

  وفي حدِيثٍ آخَر: نَهَى عن صَلاةِ الصَّافِنِ، أي الذي يَجْمَعُ بينَ قَدَمَيْه؛ وقيلَ: هو أنْ يَثْنِيَ قَدَمَه إلى ورَائِه كما يَفْعَلُه الفَرَسُ إذا ثَنَى حافِرَهُ وفي حدِيثِ البَرَّاءِ: «قمْنَا خَلْفَه صُفُوناً».

  قالَ أَبو عُبَيْدٍ: يُفَسَّرُ الصَّافِنُ تَفْسِيرَيْن: فبعضُ الناسِ يقولُ كلّ صافٍّ قَدَمَيْه قائِماً فهو صافِنٌ؛ والقولُ الثاني: الصاَّفِنُ مِن الخَيْلِ الذي قد قَلَبَ أَحدَ حَوافِرِه وقامَ على ثلاثٍ.

  وقالَ الفرَّاءُ: رأَيْتُ العَرَبَ تَجْعَلُ الصَّافِنَ القائِمَ على ثلاثٍ، وعلى غيرِ ثلاثٍ؛ قالَ: وأَشْعارُهُم تدلُّ على أنَّ الصُّفُونَ القِيامُ خاصَّةً.


(١) البيت في ديوان الهذليين ٢/ ٧٥ في شعر صخر الغي الهذلي، والصحاح منسوباً إلى صخر، وفي اللسان لأبي صخر، وفي التهذيب: وأنشد للهذلي.

(٢) ديوان الهذليين ١/ ١٨٠ واللسان والصحاح.

(٣) اللسان بدون نسبة.

(٤) ديوانه ص ٤٨١ واللسان والتهذيب والمقاييس ٣/ ٢٩١ والأساس.

(٥) اللسان والأساس بدون نسبة.

(٦) ص، الآية ٣١.

(٧) الحج، الآية ٣٦ والقراءة: {صَوافَّ}.

(٨) في اللسان: حديث مالك بن دينار.