فصل الكاف مع الموحدة
  وكَرَبَ الأَمْرُ، يَكْرُب، كُروباً: دَنَا. وكلّ شَيْءٍ دَنا، فقد كَرَبَ. وقَدْ كَرَبَ أَنْ يكون، وكرَب يَكُونُ. وهو، عندَ سِيبَوَيْه، أَحدُ الأَفْعَالِ الّتِي لا يُسْتعملُ اسْمُ الفاعلِ مَعَها(١) مَوْضِعَ الفِعْل الّذي هو خَبَرُهَا لا تقول: كَرَبَ كائناً. وكَرَبَ أَنْ يَفْعَلَ كذا: أَيْ كَادَ يَفْعَلُ.
  وكَرَبَ الرَّجُلُ: أَكَلَ الكُرَابَةَ، ككَرَّبَ بالتَّشديد، وهذه عن الصّاغانيّ.
  وكَرَبَتِ الشَّمْسُ: دَنت للمَغِيبِ، وكَرَبَت الشّمْسُ: دَنَت للغُرُوب، وكَرَبَت الجاريةُ أَن تُدْرِكَ. وفي الحديث: «فإِذا استغنَى، أَو كرَبَ استعَفَّ».
  قال أَبو عُبَيْدٍ: كَرَبَ، أَي دَنا من ذلك وقَرُبَ [منه](٢). وكلّ دانٍ قرِيبٍ فهو كارِبٌ، وفي حديثِ رُقَيْقَة. «أَيْفَعَ الغُلَامُ، أَو كَرَب»، إِذا قارَب الإِيفاعَ.
  وإِناءٌ كَرْبَانُ: إِذَا كَرَبَ أَنْ يَمْتَلِئَ وجُمْجُمَةٌ كَرْباءُ، والجَمع كَرْبَى وكِرَابٌ، وزعم يعقوبُ أَنَّ كافَ كَرْبانَ بَدلٌ من قاف قَرْبانَ.
  قال ابْنُ سِيدَهْ: وليس بشَيْءٍ. وكِرَابُ المَكُوكِ، وغيرِه من الآنيةِ: دُونَ الجِمَامِ.
  ويقال: كَرَبَتْ حَيَاةُ النَّارِ، أَي: قَرُبَ انطِفاؤُهَا؛ قال عَبْدُ قَيْسِ بْنُ خُفَافٍ البُرْجُمِيُّ(٣):
  أَبُنَيَّ(٤) إِنَّ أَباكَ كارِبُ يَوْمِهِ ... فإِذَا دُعِيتَ إِلى المَكَارِمِ فاعْجَلِ
  وكَرَبَ النَّاقَةَ: أَوْقَرَها، ومثلُه في الصَّحاح.
  وكَرَبَ الرَّجُلُ: طَقْطَقَ الكَرِيبَ وهو الشُوبَقُ، والفَيْلَكُونُ، اسم لخَشَبَة الخَبَّازِ، ككَرَّبَ مشدَّداً. نقله الصّاغانيُّ. وكَرِبَ الرَّجُلُ، كسَمِعَ: انقَطَع كَرَبُ، بالتَّحْرِيك، وهو حَبْلٌ دَلْوِهِ نقله الصّاغانيُّ.
  وكَرَبَ، كنَصَر: أَخَذَ الكَرَبَ من النَّخْلِ، نقله الصّاغانيُّ عن ابْنِ الأَعْرَابِيِّ. وكَرَبَ الرَّجُلُ: زَرَعَ في الكَرِيبِ الجادِسِ.
  والكَرِيبُ: هو القَراحُ من الأَرْضِ، والجادِسُ: الَّذِي لم يُزْرَعْ قَطُّ، قاله ابْنُ الأَعْرَابيّ. وجعَلَ ابْنُ منظورٍ: مَصْدَرَهُ التَّكْرِيبَ. وظاهرُ عبارة المؤلِّف، أَنّه من الثُّلاثيّ المُجَرّد، وكِلاهُمَا صحيحانِ.
  والكَرِيبُ أَيضاً: خَشَبَةُ الخَبَّازِ يُرَغِّفُ بها في التَّنُّورِ ويُدَوِّرُهُ(٥) بها، قال:
  لا يَسْتَوِي الصَّوْتَانِ حِينَ تَجَاوَبَا ... صَوْتُ الكَرِيبِ وصَوْتُ ذِئْبٍ مُقْفِرِ
  أَي: لأَنَّ صوتَ الكَرِيبِ لا يكون إِلّا في عُرْسٍ أَو خِصْبٍ، وصَوْتَ الذِّئبْ لا يكونُ إِلّا في قَحْطٍ أَو قَفْر، كما نقلَه أَبو عَمْرٍو عن الدُّبَيْرِيَّةِ.
  والكَرِيبُ: الكَعْبُ من القَصَبِ أَو القَنَا؛ نقله ابْنُ دُرَيْدٍ.
  والكَرُوبِيُّونَ، مُخَفَّفَةُ الرّاءِ، وحُكِي التَّشْدِيدُ فيه، وهو مسموع جائزٌ على ما حكاه الشِّهابُ في شرح الشِّفاءِ، على أَنه جَزَم في أَثناءِ سُورَةِ غافرٍ في العِنَايَة بأَنَّ التَّشديد خطأٌ كما نقله شيخُنا. وقال الطِّيبِيُّ: فيه ثلاثُ مُبَالَغاتٍ: إِحْداها أَنَّ كَرَبَ أَبلَغُ من قَرُبَ، الثّانية على وزن فَعُول من صِيَغِ المُبَالَغة، الثّالثةُ زِيادَةُ الياءِ فيه للمُبَالَغَة كأَحْمَرِيّ. قلتُ: وكَونُ كَرَبَ أَبلغَ من قرُبَ، يحتاجُ إلى نقلٍ صحيح يُعتمَدُ عليه: سادَةُ المَلَائِكةِ، منهم: جِبْرِيلُ، ومِيكائِيلُ وإِسرافيلُ، هم المُقَرَّبُونَ؛ رواه أَبو الرَّبيع، عن أَبي العاليةِ. وأَنشدَ شَمِرٌ لأُمَيَّةَ بْنِ أَبي الصَّلْتِ:
  مَلَائِكَةٌ لا يَفْتُرُونَ عِبَادَةً ... كَرُوبِيَّةٌ منهم رُكُوعٌ وسُجَّدُ
  ومِثْلُهُ في الفَائِق، وفيه أَجاب أَبو الخَطّابِ بْنُ دِحْيَةَ، حينَ سُئلَ عنهم.
(١) بالأصل «منها» وبهامش المطبوعة المصرية: قوله منها كذا بخطه ولعله معها لأن اسم الفاعل وهو كائناً ليس من «كرب» بل هو من كان، ومراده أن خبر كان لا يكون إلا فعلاً مع أن أو دونها ولا يكون اسم فاعل».
(٢) زيادة عن غريب الهروي - وانظر في تمام الحديث ١/ ٢٤١.
(٣) في المحكم: قال خفاف بن عبد القيس البرجمي.
(٤) ويروى «أجبيل إن» وكارب: رواية الاصمعي بالكسر. وابن دريد يروي كارب بفتح الراء أي قارب يومه ودنا منه.
(٥) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله يدور بها كذا بخطه، والذي في التكملة: التي بها يرغف الرغيف ويدوره».