تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[مأن]:

صفحة 521 - الجزء 18

  بتَشْديدِ النونِ، وحَقُّها عنْدِي أنْ تكونَ مَئِينَةٌ⁣(⁣١) على فَعِيلَةٍ، لأنَّ الميمَ أَصْليَّةٌ، إلَّا أنْ يكونَ أَصلُ هذا الحَرْف مِن غيرِ هذا البابِ فيكون مِن إنَّ المَكْسُورَة المُشدَّدَة، كما يقالُ: هو مَعْساةٌ من كذا أَي مَجْدَرَة ومَظِنَّة، وهو مبْنيٌّ من عَسَى.

  وكانَ أَبو زيْدٍ يقولُ: هي مَئِتَّةٌ بالمُثَنَّاةِ من فَوْق، أَي مَخْلَقة لذلِكَ ومَجْدَرة ومَحْرَاة ونَحْو ذلِكَ، وهو مَفْعِلَةٌ من أَتَّهُ أَتَّا إذا غَلَبَه بالحُجَّةِ.

  قالَ ابنُ بَرِّي: المَئِنّة على قَوْلِ الجوْهرِيِّ والأزْهرِيّ كانَ يجبُ أنْ تُذْكَرَ في أنن، وكذا قالَ أبو عليٍّ في التذْكِرَةِ.

  وقيلَ: وَزْنُها فَعِلَّةٌ من مَأنَ إذا احْتَمَلَ، وحينَئِذٍ فالميمُ أَصْليَّة، وهو مِن هذا الفَصْل.

  وماءَنَ في هذا الأَمْرِ، كفاعَلَ، مُمَاءَنَةٌ، أَي رَوَّأَ عَنِ الأصْمعيِّ.

  والمَأْنُ: خَشَبَةٌ في رأْسِها حَديدَةٌ تُثارُ بها الأرْضُ؛ عن أَبي عَمْرٍو وابنِ الأَعْرابيِّ.

  وتَماءَنَ: قَدُمَ، وبه فُسِّرَ قَوْلُ الهُذَليّ:

  رُوَيدَ علِيًّا جُدَّ ما ثَدْيُ أُمِّهِم ... إلينا ولكنْ وُدُّهم مُتَمائِنُ⁣(⁣٢)

  أي قدِيمٌ، وهو مِن قوْلِهم: جاءَني الأَمْرُ وما مأَنْتُ فيه مأْنَةً، أي ما طَلَبْتُه وما أطَلْتُ التعبَ فيه، والْتِقاؤُهما إذاً في معْنَى الطُّولِ والبُعْدِ، وهذا معْنَى القِدَمِ، وقد رُوِيَ مُتَمايِنٌ بغيرِ هَمْزٍ، فهو حينَئِذٍ مِن المَيْنِ، وهو الكَذِبُ، ويُرْوَى مُتَيامِنٌ أي مائِلٌ إلى اليَمَنِ.

  والتَّمْئِنَةُ: التَّهْيِئَةُ والفِكْرُ والنَّظَرُ من مأَنْتُ إذا تَهَيَّأْتُ، فالميمُ فيه أصْليَّة؛ وهكذا فَسَّر ابنُ الأَعْرابيِّ قَوْلَ المرَّار الفَقْعَسِيّ:

  فتهامَسُوا شيئاً فقالوا عرَّسُوا ... من غيرِ تَمْئِنَةٍ لغيرِ مُعَرَّسِ⁣(⁣٣)

  قالَ ابنُ بَرِّي: والذي في شِعْرِ المَرَّارِ فتَناءَمُوا أي تكَلَّمُوا مِن النَّئِيمِ، وهو الصَّوْتُ؛ وكذا رَوَاهُ ابنُ حَبيب.

  والمَمْأَنَةُ: المَخْلَقَةُ والمَجْدَرَةُ زِنَةً ومعْنًى، والميمُ زائِدَةٌ.

  وامْأنْ مَأْنَكَ واشْأنْ شَأْنَكَ: أي افْعَلْ ما تُحْسِنُه؛ وأنْشَدَ الجوْهرِيُّ:

  إذا ما عَلِمْتُ الأمْرَ أقرَرْتُ عِلْمَه ... ولا أدَّعي ما لستُ أمْأَنُه جَهْلا

  كفى بامرئٍ يوماً يقولُ بعِلْمِه ... ويسكتُ عمَّا ليس يَعْلَمُه فَضْلا⁣(⁣٤)

  * وممَّا يُسْتدركُ عليه:

  أتاني ذلِكَ وما مأَنْتُ: أي عَلِمْتُ بذلِكَ؛ عن أعْرابيٍّ من سُلَيْم.

  وقالَ اللَّحْيانيُّ: ما عَلِمْتُ عِلْمَه.

  والتَّمِئَنَةُ: الإعْلامُ.

  وقالَ الأصْمعيُّ: التَّعْريفُ؛ وبه فسَّر قَوْلَ المَرَّار المَذْكُور.

  وقالَ ابنُ حبيبٍ: هي الطُّمَأْنِينَةُ، وبه فَسَّر قَوْلَهُ: يقولُ: عَرَّسُوا بغيرِ مَوْضِع الطُّمَأْنِينَة، وقيلَ: هي مَفْعِلَةٌ من المَئِنَّة التي هي المَوْضِعُ المَخْلَقُ للنّزولِ أي في غيرِ موْضِع تَعْريسٍ ولا عَلامَة تَدلّهم عليه.

  ونُقِلَ عن ابنِ الأَعْرابيِّ: هو تَفْعِلةٌ من المَؤُونَةِ التي هي القُوتُ.

  والمَائِنَةُ: اسمُ ما يُمَوَّنُ أي يُتَكلَّفُ مِن المَؤونَةِ؛ عن الليْثِ.

  واخْتُلِفَ في المونَةِ تُهْمَزُ ولا تُهْمَزُ وقد أشارَ له


(١) في القاموس: «مَبْنِيَّةً» وعلى هامشه عن نسخة: مَئِينَةً.

(٢) اللسان، والتكملة ونسبه لمالك بن خالد الهذلي، ويروى للمعطل، والبيت في ديوان الهذليين ٣/ ٤٦ في شعر المعطل.

(٣) اللسان والصحاح والتهذيب.

(٤) اللسان والصحاح والتهذيب: «مان» ١٥/ ٥٢٨.