فصل الميم مع النون
  و* التَّاسِعُ: بمعْنَى الفَصْلِ، وهي الدَّاخِلَةُ على ثاني المُتَضادَّيْنِ كقَوْلِه تعالى: وَاللهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ(١)، وقَوْله تعالى: {حَتّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ}(٢).
  و* العاشِرُ: مُرادَفَة الباءِ كقَوْلِه تعالى: يَنْظُرُونَ إليكَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ(٣)، أَي بطَرَفٍ خَفِيٍّ.
  و* الحادي عَشَرَ: مُرادَفَة عَنْ، كقَوْلِه تعالى: فَوَيْلٌ لِلْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللهِ(٤)، أَي عَنْ ذِكْرِ اللهِ، وقَوْلُه تعالى: {لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا}(٥).
  و* الثَّاني عشر: مُرادَفَة في كقَوْلِه تعالى: أَرُونِي ما ذا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ(٦)، أَي في الأرضِ، وقوْله تعالى: إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ(٧)، أَي في يَوْم الجُمُعَةِ.
  و* الثَّالِثُ عشر: مُوافَقَة عِنْدَ كقَوْلِه تعالى: لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللهِ شَيْئاً(٨)، أَي عِنْدَ اللهِ، عن أَبي عُبيدَةٍ وقدَّمْنا في ذلِكَ أنَّه للبَدَلِ.
  و* الَّرابعُ عَشَرَ: مُرادَفَة على كقَوْلِه تعالى: وَنَصَرْناهُ مِنَ الْقَوْمِ(٩)، أَي على القَوْمِ(١٠)؛ نَقَلَهُ الجوْهرِيُّ. قالَ ابنُ بَرِّي: يقالُ: نَصَرْتُه مِنْ فلانٍ، أي مَنَعْتُه منه، لأنَّ الناصِرَ لكَ مانِعٌ عَدُوَّك، فلمَّا كانَ نَصَرْته في معْنَى مَنَعْته جازَ أَن يتعدَّى بمِنْ، ومِثْلُه: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ}(١١)، فعدَّى الفِعْلَ بعَنْ حَمْلاً على معْنَى يَخْرُجُون عن أَمْرِه، لأنَّ المُخالفَةَ خُرُوجٌ عن الطَّاعَةِ.
  * وممَّا يُسْتدركُ عليه:
  مِنْ تكونُ صِلَةً. قالَ الفرَّاءُ: ومنه قَوْلُه تعالى: {وَما يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقالِ ذَرَّةٍ}(١٢)، أَي ما يَعْزُبُ عن علْمِه وَزْنُ ذَرَّةٍ؛ ومنه أَيْضاً قَوْل داية الأحْنَف:
  والله لولا جَنَفٌ في رِجْلِه ... ما كانَ مِن فِتْيانِكُمْ مِنْ مِثْلِهِ(١٣)
  قالَ: مِنْ صِلَةٌ هنا؛ قالَ: والعَرَبُ تُدْخِلُ مِنْ على جَمِيعِ المحالِّ إلَّا على اللَّامِ والباءِ، وتُدْخِلُ مِنْ على عَنْ ولا عكس؛ قالَ القُطاميُّ:
  مِنْ عَنْ يمينِ الحُبَيّا نَظْرةٌ قَبَلٌ(١٤)
  وقالَ أَبو عُبيدٍ: العَرَبُ تَضَعُ مِنْ مَوْضِعَ مُذْ، تقولُ: ما رأَيْته مِنْ سنةٍ، أَي مُذْ سَنَةٍ؛ قالَ زُهيرٌ:
  لِمَنِ الدِّيارُ بقُنَّةِ الحِجْرِ ... أَقْوَيْنَ من حِجَجٍ ومن دَهْرِ؟(١٥)
  أَي مُذْ حِجَجٍ؛ وعليه خَرَّجُوا قَوْلَه تعالى: {مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ}(١٦).
  وتكونُ بمعْنَى اللامِ الزائِدَةِ كقَوْلِه:
  أَمِنْ آلِ لَيْلى عَرَفْتَ الدِّيارا
(*) الواو ليست من القاموس.
(١) البقرة، الآية ٢٢٠.
(٢) آل عمران، الآية ١٧٩.
(٣) الشورى، الآية ٤٥ ولفظة: «إليك» ليست من الآية.
(٤) الزمر، الآية ٢٢.
(٥) ق، الآية ٢٢.
(٦) فاطر، الآية ٤٠.
(٧) الجمعة، الآية ٩.
(٨) آل عمران، الآية ١١٦.
(٩) الأنبياء، الآية ٧٧.
(١٠) تم أربعة عشر وجهاً، وأما الوجه الخامس عشر كما في مغني اللبيب ص ٤٢٤ فهو: مرادفة ربما، وذلك إذا اتصلت بما كقوله:
وإنا لمما نضرب الكبش ضربة ... على رأسه تلقي اللسان من الفم
قال السيرافي وغيره وخرجوا عليه قول سيبويه: واعلم أنهم مما يحذفون كذا، والظاهر أن «من» فيهما ابتدائية و «ما» مصدرية، وأنهم جعلوا كأنهم خلقوا من الضرب والحذف مثل: {خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ}.
(١١) النور، الآية ٦٣.
(١٢) يونس، الآية ٦١.
(١٣) اللسان وفيه: «برجله ... في فتيانكم».
(١٤) صدره:
فقلت الركب ما أن علا بهم
(١٥) ديوانه ط بيروت ص ٢٧ برواية: ومن شهر، واللسان والصحاح.
(١٦) التوبة، الآية ١٠٨.