تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[يلبن]:

صفحة 598 - الجزء 18

  ويَمَنَ به يَيْمِنُ، من حَدِّ ضَرَبَ، حَكَاهُ سِيْبَوَيْه، ويامَنُ⁣(⁣١)؛ ويَمَّنَ، مُشَدَّداً، وتَيامَنَ: ذَهَبَ به ذاتَ اليَمينِ.

  وقالَ ابنُ السِّكِّيت: يامِنْ بأَصْحابِكَ وشائِمْ: خُذْ بهم يَمِيناً وشِمالاً، ولا يقالُ تَيامَنَ بهم ولا تياسَرْ.

  وفي الحدِيثِ: «فأَمَرَهُم أَن يَتَيَامَنُوا عن الغَمِيمِ»، أَي يأْخُذُوا عنه يَمِيناً.

  وقوْلُه، ø: {إِنَّكُمْ} كُنْتُمْ تَأْتُونَنا عَنِ الْيَمِينِ⁣(⁣٢)، قالَ الزجَّاجُ: هذا قوْلُ الكفَّارِ للَّذِينَ أَضَلُّوهم؛ أَي تَخْدَعُوننا بأَقْوَى الأَسْبابِ فتُرُونَنا أنَّ الدِّينَ والحَقَّ ما تُضِلُّوننا به، كأَنَّه أَرادَ تَأْتُونَنا عن المَأْتَى السَّهْل؛ أَو مَعْناه: تَأْتُونَنا مِن قِبَلِ الشهوةِ لأنَّ اليَمِينَ مَوْضِعُ الكَبِدِ، والكَبِدُ مَظِنَّةُ الشهوةِ والإرادَةِ، أَلا تَرَى أنَّ القَلْبَ لا شيء له مِن ذلِكَ لأنَّه من ناحِيَةِ الشِّمالِ؟

  والتَّيَمُّنُ: الموتُ؛ والأصلُ فيه وَضْعُ المَيِّتِ في قبرِهِ على جَنْبِهِ الأيْمَنِ؛ قالَ الجَعْدِيُّ:

  إذا ما رأَيْتَ المَرْءَ عَلْبَى وجِلْدُه ... كضَرْحٍ قَديمٍ فالتَّيَمُّنُ أَرْوَحُ⁣(⁣٣)

  وهو مجازٌ.

  وأَخَذَ يَمْنَةً ويَمَناً، محرَّكةً، ويَسْرَةً ويَسَراً، أي ناحِيَةَ يَمِينٍ⁣(⁣٤) ويَسارٍ.

  واليَمَنُ، محرَّكةً: ما كانَ عن يَمِينِ القِبْلَةِ من بِلادِ الغَوْرِ. وقالَ الشَّرْقي: إنَّما سُمِّيَت اليَمَن لتَيامُنِهم إليها.

  قالَ ياقوتُ: فيه نَظَرٌ لأنَّ الكَعْبَة مربَّعَةٌ فلا يَمِين لها ولا يَسَار، فإذا كانتِ اليَمَنُ عن يَمِينِ قَوْمٍ كانتْ عن يَسارِ آخَرِيْن، وكذلِكَ الجِهَات الأرْبَع إلَّا أنْ يُريدَ بذلِكَ من يَسْتَقْبل الرُّكْن اليَمَانيّ فإنَّه أَجَلّها، فإذا يصحّ، واللهُ تعالى أَعْلَم.

  وفي المَراصِدِ: اليَمَنُ ثلاثُ وِلاياتٍ: الجنْدُ ومَخالِيفُها، وصَنْعاءُ ومَخالِيفُها، وحَضْرَمَوْت ومَخالِيفُها، وأَمَّا حَدُّ اليَمَنِ فمِن وَرَاء تَثْلِيث وما سامتها إلى صَنْعاء وما قارَبَها إلى حَضْرَمَوْت والشَّحْر وعُمَان إلى عَدَن أَبْيَن وما يَلِي ذلكَ إلى⁣(⁣٥) التهائِم والنّجُودِ، واليَمَنُ يَجْمَعُ ذلِكَ كُلّه.

  وقالَ قُطْرُبُ: سُمِّي اليَمَن ليمنِه والشّأْم لشُؤْمِه.

  وهو يَمَنِيٌّ على القِياسِ، ويَمانِيٌّ، بتَشْدِيدِ الياءِ، نَقَلَهُ سِيْبَوَيْه عن بعضِهم، وأَنْشَدَ لأُمَيَّة بنِ خَلَف الهُذَليّ:

  يَمانِيًّا يَظَلُّ يَشُدُّ كِيراً ... ويَنْفُخُ دائِباً لَهَبَ الشُّوَاطِ⁣(⁣٦)

  قالَ شيْخُنا، ¦: والأكْثَر على مَنْعِ التَّشْديدِ مع ثُبوتِ الألِفِ لأنَّه جَمْعٌ بينَ العَوَضِ والمُعَوَّضِ.

  وأَجابَ عنه الشِّيخُ ابنُ مالِكٍ: بأنَّه قد يكونُ نسْبَةً مَنْسُوب.

  ويمانٍ، مُخَفَّفَة، وهو من نادِرِ النَّسَبِ، وأَلِفُه عِوَض عن الياءِ، ولا يدلُّ على ما يدلُّ عليه الياءُ إذ ليسَ حكم العقيب أن يدلَّ على ما يدلّ عليه عقبه دائِباً.

  وقومٌ يَمانِيَةٌ ويَمانُونَ: مثْلُ ثمانِيَة وثَمانُون، وامْرأَةٌ يَمانِيَة أَيْضاً.

  ويَمَّنَ تَيْمِيناً وأَيْمَنَ ويامَنَ⁣(⁣٧): أَتاها أَو أَرادَها.

  وتَيَمَّنَ: انْتَسَبَ إليها.

  والتَّيْمَنِيُّ: أُفُقُ اليَمَنِ وإذا نَسَبُوا إلى التَّيَمُّنِ قالوا تَيْمَنِيٌّ.


(١) أي بقلب الياء ألفاً، مضارع يمن، كفرح، وما قبله من باب ضرب، وأما يامَنَ بفتح النون ماضياً فقد سقط من النسخ، لكنه موجود في عاصم، وهو كتيامن. وكأن النساخين توهموا أنها مكررة. ا هـ نصر هامش القاموس.

(٢) الصافات، الآية ٢٨.

(٣) اللسان والتهذيب، ونسبه الصاغاني في التكملة لأبي سحمة الأعرابي، وبدون نسبة في الأساس.

(٤) على هامش القاموس عن نسخة: اليمين.

(٥) في ياقوت: «من».

(٦) اللسان ومعجم البلدان والصحاح.

(٧) على هامش القاموس عن نسخة: وتَيَامَنَ.