تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[سمته]:

صفحة 49 - الجزء 19

  قالَ الجوْهرِيُّ: وبعضُهم يقولُ بضمِّ السِّيْن.

  وقالَ ابنُ سِيدَه: السنَةُ مَنْقوصَةٌ، والذاهِبُ منها يَجوزُ أَنْ يكونَ هاءً وواواً بدَليلِ قوْلِهم في جَمْعِها: سَنَهاتٌ وسَنَواتٌ.

  قالَ ابنُ بَرِّي: الدَّليلُ على أَنَّ لامَ سَنَة واوٌ قَوْلُهم سَنَواتٌ؛ قالَ ابنُ الرِّقاع:

  عُتِّقَتْ في القِلالِ من بَيْتِ رأْسٍ ... سَنَواتٍ وما سَبَتْها التِّجارُ⁣(⁣١)

  والسَّنَةُ مُطْلقَةً: القَحْطُ؛ وكَذلِكَ المُجْدِبَةُ من الأَراضِي، أَوْقَعُوا ذلكَ عليها وعليها إِكْباراً لها وتَشْنِيعاً واسْتِطالَةً. يقالُ: أَصابَتْهم السَّنَة؛ والجَمْعُ من كلِّ ذلِكَ سَنَهاتٌ وسِنُون، كسرُوا السِّين ليُعْلَم بذلكَ أَنَّه قد أُخْرِج عن بابِهِ إلى الجَمْع بالواوِ والنونِ، وقد قالوا سِنِيناً؛ أَنْشَدَ الفارِسِيُّ:

  دَعانِيَ من نَجْدٍ فإِنَّ سِنينَه ... لَعِبْنَ بنا شِيباً وشَيَّبْنَنا مُرْدَا⁣(⁣٢)

  فثَباتُ نُونِها مع الإِضافَةِ يدلُّ على أَنَّها مُشَبَّهةٌ بنونِ قِنِّسْرين فيمَنْ قالَ: هذه قِنَّسْرينُ، وبعضُ العَرَبِ يقولُ هذه سِنينٌ، كما تَرَى، ورأَيْت سِنِيناً فيعربُ النونَ، وبعضُهم يَجْعَلُها نونَ الجَمْعِ فيقولُ هذه سِنُونَ ورأَيْت سِنِينَ.

  وأَصْلُ السَّنَةِ السَّنْهَةُ مِثَالُ الجَبْهَةِ، فحُذِفَتْ لامُها ونُقِلَتْ حَرَكَتُها إِلى النونِ فبَقِيَتْ سَنَةً، وقيلَ: أَصْلُها سَنَوَةٌ بالواوِ، كما حُذِفَتْ الهاءُ.

  ويقالُ: هذه بِلادٌ سِنِينٌ، أَي جَدْبةٌ، قالَ الطرمَّاحُ:

  بمُنْخَرَقٍ تَحِنُّ الرِّيحُ فيهِ ... حَنِينَ الجُلْبِ في البَلَدِ السِّنِينِ⁣(⁣٣)

  وقالَ الأصْمعيُّ: أَرضُ بَني فلانٍ سَنَةٌ إِذا كانتْ مُجْدِبةً. قالَ الأَزْهرِيُّ: وبُعِثَ رائِدٌ إِلى بَلَدٍ فوَجَدَه مُمْحِلاً فلمَّا رجعَ سُئِلَ عنه فقالَ: السَّنَةُ، أَرادَ الجُدُوبةَ.

  وفي الحدِيثِ: «اللهُمّ أَعِنِّي على مُضَر بالسَّنَةِ»، أَي الجَدْب، وهي مِن الأَسْماءِ الغالِبَة نَحْو الدّابَّة في الفَرَسِ، والمَال في الإِبِلِ، وقد خَصُّوها بقَلْبِ لامِها تاء في أَسْنَتُوا إِذا أَجْدَبُوا.

  ووَقَعُوا في السُّنَيَّاتِ البِيضِ، وهو جَمْعُ سُنَيَّة، وسُنَيَّةُ تَصْغيرُ تَعْظيمٍ للسَّنَةِ؛ وهي سَنواتٌ اشْتَدَدْنَ على أَهْلِ المدينةِ.

  وفي حدِيثِ طَهْفَة: «فأَصابَتْها⁣(⁣٤) سُنَيَّةٌ حَمْراءُ»، أَي جَدْبٌ شَديدٌ.

  وسانَهَهُ مُسانَهَةً وسِناهاً، الأخيرَةُ عن اللّحْيانيِّ، وكَذلِكَ سَاناهُ مُسانَاةً، على أَنَّ الذاهِبَ مِن السَّنَةِ واوٌ: عامَلَهُ بالسَّنَةِ أَو اسْتَأْجَرَه لها.

  وسانَهَتِ النَّخْلَةُ: حَمَلَتْ سَنَةً ولم تَحْملْ أُخْرى أَو سَنَةً⁣(⁣٥) بعْدَ سَنَةٍ.

  وقالَ الأَصْمعيُّ: إِذا حَمَلَتِ النَّخْلَةُ سَنَةً ولم تَحْملْ سَنَة قيلَ قد عاوَمَتْ وسَانَهَتْ.

  وهي سَنْهاءُ: أَي تَحْمل سَنَةً ولا تَحْمِل أُخْرَى؛ وأَنْشَدَ الجوْهرِيُّ لبَعضِ الأنْصارِ، وهو سُوَيْدُ بنُ الصَّامت:

  فلَيْسَتْ بسَنْهاء ولا رُجَّبِيَّةٍ ... ولكنْ عَرايا في السِّنينِ الجَوائحِ⁣(⁣٦)

  والتَّسَنُّهُ: التَّكَرُّجُ الذي يَقَعُ على الخُبْزِ والشَّرابِ وغيرِهِ.

  وقالَ أَبو زيْدٍ: طَعامٌ سَنِهٌ وسَنٍ: أَتَتْ عليه السِّنُونَ.

  وخُبْزٌ مُتَسَنَّهٌ: مُتَكَرِّجٌ؛ نَقَلَهُ الجوْهرِيُّ.

  * وممَّا يُسْتدركُ عليه:


(١) اللسان.

(٢) اللسان.

(٣) اللسان.

(٤) في اللسان: أصابتنا.

(٥) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله: أو سنة الخ هو عين ما قبله، والمغايرة في التعبير».

(٦) اللسان والصحاح والتهذيب.